وإذا الدّيار تغيّرت عن حالها ... فدع الدّيار وبادر التّحويلا
ليس المقام عليك حتما واجبا ... في بلدة تدع العزيز ذليلا
فاستحسن ذلك وبادر للمعارضة فقال: [كامل]
لا يرتضي حرّ بمنزل ذلّة ... لو لم يجد في الخافقين مقيلا
فارض الوفاء لحرّ نفسك لا تكن ... ترضى المذلّة ما حييت بديلا
واخصص بودّك من خبرت وفاءه ... لا تتّخذ إلاّ الوفيّ خليلا
إنّ الصّديق إذا أحبّ صديقه ... أثنى عليه بكرة وأصيلا
ولقد خبرت النّاس منذ عرفتهم ... فوجدت جنس الأوفياء قليلا
سقيا لأيّام الشّباب فإنّها ... كالإلف حاول أن يجدّ رحيلا
قصرت أمان كنت أرجو نيلها ... قد عاد ليلي بعدهنّ طويلا /
قد مات روضي بعد ذلك جذبة ... وغدا فؤادي بعدهنّ عليلا
٢ - محمد بن خليفة بن عبد الواحد بن سعيد بن الحارث بن (١)
خلف بن عبد الله بن بدر بن سعد الأنصاري
يكنى أبا عبد الله، من أعيان مالقة وفضلائها وعلمائها المشهورين. ولي قضاء مالقة فسار فيه بأجمل سيرة من العدل والفضل. وله على الموطأ شرح حسن بليغ.
ويحكى أنه قال: ألفت شرح الموطأ أيام ولايتي للقضاء بمالقة. ابتدأته أول سنة ثمان وسبعين، وأكملته سنة تسع وسبعين.
قال: وكنت عند ابتدائي تأليفه أرى وأنا بين النائم واليقظان كأني أخرج إلى البحر على باب يسمى باب الفرج، وهو باب الحلاّقين، فأقف على البحر، فكان يلقي إليّ من صنوف الحيتان ما يملأ الفضاء بين يدي، وأمواجه تلقي بعضها على بعض إليّ. فكنت أروم تعبئتها وضمّها وتلفيفها بالملح، وانظر في توطئة لها من فرش ودوم بين يدي وآلة، وكنت أقول: ألا رجل يعينني على تعبئة ذلك. فكان يبدو
_________
(١) هكذا ورد نسبه في الأصل. وفي الصلة: محمد بن سليمان بن خليفة ... / توفي عام / ٥٠٠ تنظر ترجمته في: الصلة ٥٦٥ - تاريخ قضاة الأندلس: ١٠٠ - وبغية الملتمس: ٦٨ - والترجمة من صياغة ابن عسكر حسب: المرقبة العليا: ١٠٠.
1 / 74