القُرَّاء
يرجعُ عهد القراء الذين أقاموا الناسَ على طرائقهم في التلاوة إلى عهد الصحابة رضي الله
عنهم، فقد اشتهر بالإقراء منهم سبعة: عثمان، وعلي، وأبي، وزيدُ بن ثابت، وابن مسعود، وأبو الدرداء، وأبو موسى الأشعري؛ وعنهم أخذ كثير من الصحابة والتابعين في الأمصار، وكلهم يُسنِدُ
إلى رسول الله ﷺ. فلما كانت أواخر عهد التابعين في المائة الأولى تجرد قوم واعتنَوا بضبط
القراءة أتم عناية، لِما رأوا من المساسِ إلى ذلك بعد اضطراب السَّلائق، وجعلوها علمًا، كما فعلوا يومئذ بالحديث والتفسير، فكانوا فيها الأئمة الذين يُرحَلُ إليهم ويؤخَذُ عنهم؛ ثم اشتهر منهم
ومن الطبقة التي تَلتهُم أولئك الأئمة السبعة الذين تُنسبُ إليهم القراءات إلى اليوم، وهم: أبو عمرو بن العلاء شيخُ الرُّواة المتوفى سنة ١٥٤ هـ،
وعبد الله بن كثير المتوفى سنة ١٢٠ هـ،
ونافعُ بن نعيم المتوفى سنة ١٦٩ هـ، وعبد الله بن عامر اليَحصُبي المتوفى سنة ١١٨ هـ، وعاصمُ بنُ بَهدَلة الأسَدي المتوفى سنة ١٢٨ هـ، وحمزةُ بن حبيب الزيات العِجلي المتوفى سنة ١٥٦ هـ،
وعلي بن حمزة الكِسائي إمام النحاة الكوفيين المتوفى سنة ١٨٩ هـ.
وقراءات هؤلاء السبع هي المتفقُ عليها إجماعًا، ولكل منهم سَنَد في روايته، وطريق الرواية عنه؛ وكل ذلك محفوظ مثبَت في كتب هذا العلم.
ثم اختاروا من أئمة القراءة غير مَن ذكرناهم ثلاثة صخت قراءتهم وتواترت وهم: أبو جعفر يزيدُ بن القَعقاع المدني المتوفى سنة ١٣٢ هـ، ويعقوب ابن إسحاق الحضرمي المتوفى سنة ١٨٥ هـ، وخلفُ بن هشام بن طالب (ولم نقف على تاريخ وفاته) . وهؤلاء وأولئك هم أصحاب
القراءات العَشر، وما عداها فشاذ، كقراءة اليزيدي، والحسن، وأعمش، وغيرهم.
ولا يذهَبن عنك أن هذا الاختيار إنما هو للعلماء المتأخرين في المائة الثالثة، وإلا فقد كان الأئمة الموثوق بعلمهم كثيرين، وكان الناس على رأس المائتين بالبَصرة، على قراءة أبي عمرو
1 / 39