الوجه السادس والعشرون
قوله: (وعن النائم حتى يستيقظ) يقتضي ارتفاع تكليفه حالة النوم، وقد اتفق الفقهاء على أنه لو نام من أول وقت الصلاة إلى آخره وجب عليه بعد أن يستيقظ قضاء الصلاة، وذلك مجمع عليه؛ لقوله ﷺ: (من نام عن صلاة أو نسيها فليصلها إذا ذكرها) .
ولكن اختلفوا: هل ذلك بأمر جديد أو بالأمر الأول؟ والمشهور أنه بأمر جديد، وهو الوارد في الحديث، فلا يعارض رفع القلم عنه حالة النوم. وقيل: الأول وهذا القول يحتمل أمرين:
أحدهما: أن يقال: الأمر الأول اقتضى الوجوب عليه والنوم مانع، فإذا زال المانع عمل المقتضى عمله، وتعلق ذلك الوجوب الذي اقتضاه الأول، وإن لم يتعلق به حالة النوم، وهذا لم أر من صرح به، ولكنه محتمل أن يقال، وإذا قيل به لا يعارض قوله: (رفع القلم عن ثلاثة) لأن المراد به عدم التعلق حالة الصبا والنوم والجنون، غاية ما في الباب اختلاف حكمهم في ذلك، فالصبي والمجنون لا يثبت حكم الخطاب في حقهم بعد ذلك؛ لأنهم ليسا من أهل الخطاب، فليس المقتضي في حقهم ثابتا، وانتفاء التكليف في حقهم لانتفاء المقتضي لا لقيام المانع، والنائم لقرب استيقاظه من أهل
1 / 85