87

ابن تيمية: حياته وعصره، آراؤه وفقهه

ابن تيمية: حياته وعصره، آراؤه وفقهه

Yayıncı

دار الفكر العربي

تقي الدين أحمد بن تيمية سلمه الله - عظم ذلك على المسلمين، وشق على ذوي الدين، وارتفعت رؤوس الملحدين، وطابت نفوس أهل الأهواء والمبتدعين، ولما رأى علماء أهل هذه الناحية عظم هذه النازلة من شماتة أهل البدع، وأهل الأهواء بأكابر الفضلاء، وأئمة العلماء، أنهوا حال هذا الأمر الفظيع، والأمر الشنيع، إلى الحضرة الشريفة السلطانية، زادها الله شرفا، وكتبوا أجوبتهم في تصويب ما أجاب به الشيخ سلمه الله في فتاواه، وذكروا من علمه وفضائله بعض ما هو فيه، وحملوا ذلك بين يدي مولانا ملك الأمراء أعز الله أنصاره وضاعف اقتداءه غيرة منهم على هذا الدين، ونصيحة للإسلام وأمراء المؤمنين(١))).

٩٥- وهذا الكتاب يدل على أمرين: (أحدهما) وهو عمدتهما أن ذلك العالم الجليل قد عمت دعوته إلى الرجوع إلى الكتاب والسنة البقاع الإسلامية ولم تعد آراؤه ومناهجه مقصورة على أهل الشام، بل تجاوزتها إلى البقاع الإسلامية كلها، وفوق ذلك لم تعد مقصورة على الحنابلة بل تحمس له مالكية وحنفية وشافعية مما يثبت أنه لم يعد نصيراً لمذهب معين من مذاهب الإسلام، بل نصيراً للإسلام في لبه وصميمه.

(الأمر الثاني) أن أهل الأهواء قد أظهروا الشماتة والعداوة وأبدوا صفحتهم، بعد أن كانوا قد أخفوها، وكانوا مستورين غير مكشوفين، وإذا كان أول متهم بجريمة هو المنتفع منها، فلا بد أن أولئك هم الذين والوا دسهم على الشيخ، وكانوا يظهرون بالمذاهب السنية ليخدعوا الأمراء والقضاة، ولما تمت الخديعة ظهرت شماتتهم للعيان، وبدت ظاهرة غير مستورة.

٩٦- أظهر الشيخ السرور عند ما انتقل إلى القلعة، ولا ندري لماذا كان هذا السرور الذي أظهره، وقال: «أنا كنت منتظر ذلك، وهذا فيه خير كثير ومصلحة

(١) راجع هذا الكتاب وغيره من الكتب المؤيدة لابن تيمية من علماء المالكية والشافعية والحنفية - في العقود الدرية ص ٣٥٠ وما يليها، والكواكب الدرية ص ١٩٨

86