8
وإذا تركنا ولاية الحرب ثم ولاية أمور المال، إلى ولاية القضاء، نجد أن منصب القضاء يحتاج إلى العلم بالأحكام الشرعية، والورع أو التقوى، ثم إلى الكفاية للقيام به. ولكن ذلك كله لا يتوافر دائما فيمن يصح أن يكون منهم القضاة على حد سواء، فما العمل إذن؟
يقول الشيخ في هذا: «ويقدم في ولاية القضاء الأعلم الأورع الأكفأ، فإن كان أحدهما أعلم والآخر أورع، قدم فيما يظهر حكمه ويخاف فيه الهوى الأورع، وفيما يدق حكمه ويخاف فيه الاشتباه الأعلم ...
ويقدم الأكفأ إن كان القضاء يحتاج إلى قوة وإعانة للقاضي أكثر من حاجته إلى مزيد العلم والورع؛ فإن القاضي المطلق يحتاج إلى أن يكون عالما عادلا قادرا، بل وكذلك كل وال للمسلمين، فأي صفة من هذه الصفات نقصت، ظهر الخلل بسببه، والكفاءة إما بقهر ورهبة، وإما بإحسان ورغبة، وفي الحقيقة لا بد منهما.»
9
المقصود من الولايات
ومما ييسر لولي الأمر معرفة الأصلح لولاية من الولايات، معرفة المقصود منها ليسندها إلى الأقدر على تحقيق هذا المقصود بالطرق المشروعة الحازمة التي تؤدي إليه، فعلى الإمام تعرف تلك المقاصد، وتعرف الوسائل إلى تحقيقها، وأن يختار بعد ذلك لكل ولاية من الكفاة من يرى أنه القادر على تحقيقها ...
ومن الطبعي أن تختلف مقاصد ولاية عن ولاية أخرى، ولكن هناك أمر يعتبر مقصودا عاما من كل الولايات مهما اختلفت أنواعها، وهو إقامة دين الله الذي به صلاح أمورنا في الدنيا والأخرى؛ ولهذا يقول الإمام ابن تيمية: «المقصود الواجب بالولايات إصلاح دين الخلق الذي إذا فاتهم خسروا خسرانا مبينا، ولم ينفعهم ما نعموا به في الدنيا، وإصلاح ما لا يقوم الدين إلا به من أمر دنياهم، وهو نوعان: قسم المال بين مستحقيه، وعقوبات المعتدين، فمن لم يعتد، أصلح له دينه ودنياه.
ولهذا كان عمر بن الخطاب، رضي الله عنه، يقول: إنما بعثت عمالي إليكم ليعلموكم كتاب ربكم وسنة نبيكم، ويقيموا بينكم دينكم، ويقسموا بينكم فيئكم»، إلى آخر ما قال.
10 (2) في الأموال
Bilinmeyen sayfa