170

من شر ما خلق ، الاستعاذة من كل شر أي مخلوق قام به الشر من الإنس أو الجن أو الدواب، أو الريح والصواعق، أو من أي نوع آخر من أنواع البلاء؛ ولذلك كان الرسول يستعيذ من هذا كله كما ورد في الحديث الصحيح. (ب)

شر الغاسق إذا وقب: جاء في كتب التفسير لهذا معاني عديدة، وأكثر المفسرين أن المراد به - والله أعلم - هو الليل إذا أظلم، قال ابن عباس: الليل إذا أقبل بظلمته من المشرق ودخل في كل شيء وأظلم، والغسق الظلمة.

ومن معانيها أيضا كما يقول البعض: الليل إذا برد، والغسق البرد، وربما يستدلون بقوله تعالى:

لا يذوقون فيها بردا ولا شرابا * إلا حميما وغساقا ،

4

فيذكرون أن الغساق هو الزمهرير يحرقهم ببرده كما تحرقهم النار بحرها.

ولكن الشيخ يختار المعنى الأول، ويقول في هذا: «والظلمة في الآية أنسب لمكان الاستعاذة؛ فإن الشر الذي يناسب الظلمة أولى بالاستعاذة من البرد الذي في الليل؛ ولهذا، استعاذ برب الفلق الذي هو الصبح والنور، ومن شر الغاسق الذي هو الظلمة، فناسب الوصف المستعاذ به للمعنى المطلوب بالاستعاذة.»

5

وكان من الطبعي ألا يفوت الشيخ الأكبر بيان وجه الاستعاذة من شر الليل، وهو أن الليل - كما يقول - محل سلطان الأرواح الشريرة الخبيثة، وفيه تنتشر الشياطين ... والليل هو محل الظلام، وفيه تتسلط شياطين الإنس والجن ما لا تتسلط بالنهار؛ فإن النهار نور، والشياطين إنما سلطانهم في الظلمات والمواضع المظلمة، وعلى أهل الظلمة. (ج)

شر النفاثات في العقد: هذا الشر هو السحر، فإن النفاثات هن السواحر اللاتي يعقدن الخيوط وينفثن على كل عقدة حتى ينعقد ما يردن من السحر. والنفث هو النفخ مع ريق خفيف، وبهذا يتم السحر بإذن الله، وفي ذلك يقول الشيخ الأكبر: «فإذا تكيفت نفسه (أي نفث النافث) بالخبث والشر الذي يريده بالمسحور، ويستعين عليه بالأرواح الخبيثة، نفخ في تلك العقد نفخا معه ريق، فيخرج من نفسه الخبيثة نفس ممازج للشر والأذى، مقترن بالريق الممازج لذلك.

Bilinmeyen sayfa