ع، أيسلب الشرف الرفيع؟
شيم الألى أنا منهم
والأصل تتبعه الفروع
على أن المرابطين لم يهنئوا طويلا بالدولة والملك؛ فقد أرسل الله عليهم الموحدين بزعامة محمد بن عبد الله بن تومرت المهدي، وخليفة عبد المؤمن بن علي، فثلوا عرشهم، وأقاموا لهم دولة على أنقاضهم، وتم لهم بالاستيلاء على قرطبة وغرناطة فتح الأندلس كلها.
وفي سنة 558ه، توفي عبد المؤمن، وولي الأمر ابنه أبو يعقوب يوسف، الملقب بالمنصور، وهو الذي آزر ابن رشد وشجعه على التفلسف، ثم ولي بعده ابنه أبو يوسف يعقوب «580-595ه»، وفي عهده كانت نكبة ابن رشد وأصحابه بعد محاكمة لا ظل للعدل فيها.
وقد قلنا: إن أسرة ابن رشد كانت موضع إجلال وتقدير هاتين الدولتين من ناحية العلم وحرية الفكر. وهذا حق تؤيده وقائع التاريخ.
لقد كان المرابطون من أبعد الناس عن العلم والمدنية وسماحة الإسلام، وكان مؤسس دولتهم لا يتأخر عن سحق الذين لا يتلقون بقبول تعاليمه كلها متى وجد إلى ذلك الوسيلة، وكان من ضيق صدور رجالاتهم بما لا يعرفون من العلم والمعارف أن استولى الفقهاء على رأي يوسف بن تاشفين؛ فكان لا يقطع أمرا دونهم، وانتهزوها فرصة فقبحوا عنده علم الكلام حتى استحكم في نفسه بغضه وبغض أهله، وحذر منه وشدد في نبذه، ثم تمادى الفقهاء فأفتوه بأن كتب الغزالي - وقد وجدت طريقها إلى بلاد المغرب، ومنها «الإحياء» - فيها غير قليل من الإلحاد، وأن صاحبها قد كفر بخروجه فيما ذهب إليه عن مذهب أهل السنة، فكان أن استمع لهم وأمر بإحراقها، كما يروي المراكشي في كتابه «المعجب»، والمؤرخ الألماني يوسف أشباخ في كتابه «تاريخ الأندلس».
وكان من ذلك أن أخذت معاهد العلم والمكتبات العامة تتناقص شيئا فشيئا، وأن صار العلماء ينزوون ويستخفون.
أما الموحدون، فقد كانوا على الضد من هذا كله: إيثار للعلماء، وبخاصة أهل النظر منهم، واستقدامهم ليكونوا بجوارهم في حضرتهم حتى ليتخذون منهم جلاسا وأصدقاء، بل كان منهم الخليفة أبو يعقوب يوسف، الذي دفعه شرف نفسه وعلو همته إلى تعلم الفلسفة، وجمع كتبها من مختلف النواحي والأقطار.
1
Bilinmeyen sayfa