İnsan Oğlu: Bir Peygamberin Hayatı
ابن الإنسان: حياة نبي
Türler
ومستعمرة اليهود الرومانية تلك كانت تشتمل على ثمانية آلاف يهودي، فزاد عدد سكانها بمن قصدها من الغرباء والأفاقين، فلم تنشب أن اغتنت وزادت نفوذا، مع ظهورها منعزلة في مدينة رومة العظيمة، والقليلون غدوا مشركين، وتسمى بعضهم بأسماء لاتينية منتحلين عادات الرومان، غير مقاطعين لألعاب البرابرة كاتمين ختانهم، ولكنهم ظلوا أوفياء لدينهم تقريبا، فيقوم به أكثرهم علانية، ويعمل به آخرون منهم سرا غير مختلطين بالمشركين إلا عند الضرورة.
ومما أصبح عادة أن تجتمع الرومانيات المتبرمات على الخصوص في صلوات
13
اليهود. وهؤلاء النسوة المترفات حين يتكئن لتناول الغداء فيعبثن بشواء الطاووس الساموسي، أو الشلق
14
الطرطسوسي، أو المحار الساقزي، أو حين ينظرن إلى تبديل أثاث المائدة، بعد أن يقئن، منتظرات عودة شهوة الطعام إليهن، يبصرن حلول الزمن الذي يعتنقن فيه دين الله الواحد الخفي.
ألم تشرف الآلهة القديمة على الموت منذ طويل زمن؟ ألم يدع الرواقيون الناس جهرا إلى عبادة إله واحد، مستندين إلى أفلاطون الذي أسف، قبل ظهور يوليوس قيصر بثلاثمائة سنة، على هبوط الروح إلى الجسم من العالم الأثيري، فانتظر مسرورا يوم رجوعها إلى حيث كانت؟ أفيكفي هذا وحده للزهد في ملاذ الحياة؟ فاسمع ما قاله حديثا الحبر الروحاني العلماني، والخطيب السياسي الفيلسوف سينيكا: «مثل الحياة العاطلة من الاضطراب، والآمنة من النوازل كمثل البحر الميت، والأب الرب قد أنعم علينا بأطايب النعم قبل أن نبتهل إليه بصلواتنا.» «أب ورب»! يا له من تعبير غريب! يا لعظيم الخطر في الانتساب إلى أب واحد، وما يجر إليه هذا الانتساب من المساواة! وأبعد من هذا قول سينيكا: «ليس العبيد من الآدميين فقط، بل هم أيضا ندماء وأصدقاء ورفقاء لنا في الرق. وبيان الأمر أن زينة الحياة التي نبدو أصحابا لها؛ كالأولاد والعز والشرف وفتنة الغواني، ليست ملكا لنا، بل هي ودائع أعدت لزخرفة العيش، على أن تعود إلى ربها كما يعود الأثاث إلى الفندقي بعد سفر السياح.» فإذا ما سمع العبيد هذا تداعت دعائم الدولة!
ولم يكن ذلك كله مقصد الفيلسوف سينيكا؛ فقد قال: «أسرعوا في التمتع بالمسار التي يوحي بها أولادكم، ولا تبطئوا في اقتطاف اللذة التي تلوح لكم؛ فالعمر قصير، وأمسكوا بكل ما يعرضه الحظ عليكم؛ فستحرمونه بعد حين.» ومثل هذا ما قاله الفيلسوف أبيقور، وإن حذر من أكل الكمأة والمحار.
ذلك ما يفكر فيه أولياء الأمور برومة، ولم يروا غير صنع ما يسكنون به اضطراب النفوس على ضوء ما في المذاهب الفلسفية الأجنبية من الترياق الروحي. وفي المجتمع زال متوسطو الحال، ولم يبق فيه غير الأغنياء والفقراء، وفي الشوارع يتسكع ألوف الكسالى فيأكلون من أهراء
15
Bilinmeyen sayfa