93

Ibn Hazm: His Life, Era, Views, and Jurisprudence

ابن حزم حياته و عصره آراؤه وفقهه

Yayıncı

دار الفكر العربي

Yayın Yeri

القاهرة

كان الأمر لهشام المؤيد ، وقد كان ابن منصور الدايري مستبداً به كأبيه، ولكن الأب كان سياسياً بارعاً، وحكيماً حازماً وعادلاً ومحارباً، أما هذا فقد استولت الأهواء والأطماع على قلبه، حتى طمحت نفسه فيما لم يطمح فيه أبوه العاقل، وهو أن يكون أمير المؤمنين، وأخذ العهد بذلك من هشام الضعيف المغلوب على أمره، فثار البربر، وخلعوا ذلك الخليفة، ونادوا بآخر سموه المهدي، ولكن لم يتم له الأمر بسبب البربر أنفسهم فكان النزاع، وكانت الفتن التي خربت قرطبة، والتي كان موضع أذاها أسرة ابن حزم خاصة، وأهل قرطبة عامة، وهي التي دونها ذلك الكاتب العبقري بقلمه وقد نقلنا بعضها في أثناء سرد حياته، ولتفصلها بعض التفصيل.

١١٢ - لقد جاء البربر ﻻبعد أن أقاموا المهدي، تآمروا وأقاموا المستعين، ولم يكتفوا بذلك، بل استعانوا في تأييد سلطان من أقاموه ثانياً بيا بن أخفونش كبير النصارى، وإليك ما كتبه المقري في النزاع بين المهدي والمستعين، وكلاهما أقامه البربر: ((نهض أي المستعين في جنود البربرة النصرانية إلى قرطبة وبرز إليه المهدي في كافة أهل البلد وخاصة الدولة، فكانت الدائرة عليهم واستلحم منها ما يزيد على عشرين ألفاً، وهلك من خيار الناس وأئمة المساجد وسدنتها ومؤذنيها عالم، ودخل المستعين قرطبة ختام المائة الرابعة))(١).

إلى هنا تم الأمر للبرابرة وانتصر بهم وبالنصارى المستعين ولكن المهدي لم يسكن، بل استعان هو أيضاً بابن أذفونش أيضاً، فأجابه هذا، وما يريد إلا أن يضرب المسلمين بعضهم ببعض فهو من يستعين به لا لمحبة له، بل لأنه يريد الأذى بالإسلام وأهله، وإن ذلك يدنيه من مقصده، وهو طرد الإسلام من تلك الأرض الطيبة، فأخرج بهم المستعين من قرطبة، ومعه البربر فانسابوا في البلاد ثم قامت موقعة أخرى بين البربر ومعهم المستعين، والمهدي ومعه النصارى وفي هذه المرة هزم النصارى هزيمة منكرة.

(١) نفح الطيب ص ١٩ جـ ٤ طبع الرفاعي.

93