Ibn Hazm: His Life, Era, Views, and Jurisprudence
ابن حزم حياته و عصره آراؤه وفقهه
Yayıncı
دار الفكر العربي
Yayın Yeri
القاهرة
٧٢ - ويظهر أن ابن حزم عنى عناية خاصة بكل ما يتصل بالآداب والنقد من علوم اليونان وغيرهم، فإن صاحب المعجب يذكر أن ابن حزم كان يعلم صناعة الخطابة، فهو يقول: ((ولأبي محمد بن حزم هذا منصب وافر من علم النحو واللغة وقسم صالح من قرض الشعر، وصناعة الخطابة))(١)، وأن هذا يدل على أنه كان يدرس الخطابة نظرياً، ويعالج تطبيق قواعدها عملياً، فإن علم الخطابة كانت أصوله قد وضعت من قبل في كتاب الخطابة لأرسطو. وقد عرف عند العرب في كتاب الشفاء لابن سينا، فإن قسم المنطق من كتاب الشفاء لابن سينا فيه تلخيص لكتاب الخطابة لأرسطو. وكتاب نقد النثر لابن قدامة كان معروفاً قبل ذلك، فإذا كان ابن حزم قد درس علم الخطابة كما تدل على ذلك عبارة صاحب المعجب، فإنه بذلك يكون قد اطلع على الفلسفة اليونانية وانتفع بما هو صالح للانتفاع منها.
٧٣ - وأخيراً فهذا ابن حزم في مقامه العلمي قد أجمع العلماء على سعة علمه، وكثرة إنتاجه وقد آن لنا ونحن نكتب في حياته أن نتصدى بالبيان للمهيئات والأسباب التي أنتجت ذلك العالم الجليل بتوفيق الله تعالى، إنه لا بد في نظرنا - لتكامل علم العالم من عناصر أربعة - أولها المواهب الشخصية المواتية - والثاني - الشيوخ الموجهون - والثالث العمل في الحياة الذي يجعله متوافراً على العلم - والرابع - البيئة العلمية التي تظله وتوجهه. وإننا نتولى كل عنصر من هذه العناصر بالبيان:
١ - صفاته
٧٤ - إن مواهب العالم هي الدعامة الأولى لطلب العلم، وهي المفتاح الذي يفتح به باب المعرفة وهي الوعاء الذي ينبثق منه نور العلم، فإذا لم يؤت الله امرءاً مواهب تنزع إلى العلم، وطلب الحقيقة في ناحية من النواحي، فأولى به ثم أولى أن يتجه أو يوجهه ذووه إلى أبواب الفكر الذي يتجه به إلى الصناعات والأعمال الحسية، بدل أن يتجه إلى الأعمال العقلية ولكل
(١) الكتاب المذكور
72