أي: مهلكا؛ لملازمة شهود المحبوب، فإن الغريم هو الذي لزمه الدين وبه سمي غراما، ومقلوبه الرغام، وهو اللصوق بالتراب، ويقال: رغم أنفه؛ لأن الأنف يوصف بالعزة فألصقوه بالتراب، وهو أذل الأذلاء.
ولما لازم الحب قلوب المحبين، والشوق قلوب المشتاقين، والأرق نفوس الأرقين، وكل صفة للحب موصوفها منه، سمي صاحب هذه الملازمات كلها: مغرما، وسميت صفته غراما؛ فهو اسم يعم جميع ما يلزم المحب من صفة الحب، فليس للمحب صفة أعظم إحاطة من الغرام.»
ويذكر محيي الدين للمحبين أكثر من عشرين صفة، ثم يقول: «لقد أعطانا الله منها الحظ الأوفر، إلا أنه - سبحانه - قوانا على أشواق الحب وكمده، والله، إني لأجد من الحب ما لو وضع في ظني على السماء لانفطرت، وعلى النجوم لانكدرت، وعلى الجبال لسيرت، هذا ذوقي لها؛ لكن قواني الحق فيها قوة من فضله ومنحه.
ولقد رأيت في نفسي من عجائب المحبة ما لا يبلغه وصف واصف، والحب على قدر التجلي، والتجلي على قدر المعرفة، وكل من ذاب فيها وظهرت عليه أحكامها عرف قصدي هنا.»
حب العارفين
يقول محيي الدين: «إن الله - سبحانه - هو الذي بدأنا بالمحبة تفضلا منه فخلقنا، وهو - تعالى - لا يخلق إلا ما أحب، ومن حبه لنا: بعث الرسل إلينا؛ لتعلمنا الأعمال التي تؤدي إلى سعادتنا، ثم أخبرنا أن رحمته سبقت غضبه، وأن أشقى الأشقياء مشمول بالرحمة والعناية وإلا هلك.»
قال ذو النون المصري: «كنت في الطواف فسمعت صوتا حزينا، وإذا بجارية متعلقة بأستار الكعبة، وهي تقول:
أنت تدري يا حبيبي
يا حبيبي أنت تدري
ونحول الجسم والرو
Bilinmeyen sayfa