ـ[حسن الأسوة بما ثبت من الله ورسوله في النسوة]ـ المؤلف: أبو الطيب محمد صديق خان بن حسن بن علي ابن لطف الله الحسيني البخاري القِنَّوجي (المتوفى: ١٣٠٧هـ) المحقق: د مصطفى الخن - ومحي الدين ستو الناشر: مؤسسة الرسالة - بيروت الطبعة: الثانية، ١٤٠١هـ/ ١٩٨١م عدد الأجزاء: ١ [ترقيم الكتاب موافق للمطبوع]

Bilinmeyen sayfa

مُقَدّمَة الْمُؤلف لَا يخفى عَلَيْك أَن النِّسَاء نصف هَذِه الْأمة بل أَكْثَرهَا وَهن شقائق الرِّجَال فِي جَمِيع مَا ورد من الشَّرِيعَة الحقة إِلَّا أَشْيَاء خصهن الله تَعَالَى وَرَسُوله بهَا من دون الرِّجَال وَقد تفضل عَلَيْهِنَّ كَمَا تفضل عَلَيْهِم بأنواع من الإفضال فَلَهُنَّ مَا لَهُم وعليهن مَا عَلَيْهِم فِي جملَة الشَّرَائِع وَالْأَحْكَام وَهِي أَبْوَاب كَثِيرَة طيبَة جدا لَا يَتَّسِع لذكرها الْمقَام كَيفَ وَمَا من خِصَال حَسَنَة نزل بهَا الْقُرْآن والْحَدِيث إِلَّا وَهِي مَطْلُوب مِنْهُنَّ فعلهَا وَمَا من شيم سَيِّئَة نطق بهَا الْكتاب وَالسّنة إِلَّا وَهِي مَقْصُود مِنْهُنَّ تَركهَا لكني خصصت هَذَا الْكتاب بِبَيَان مَا ورد فِي ذكرهن على الْخُصُوص وَهَذَا شطر علم من عُلُوم الدَّين وشطره الْبَاقِي مُشْتَرك بَينهم وبينهن بِالْيَقِينِ وَكم من تفاسير للآيات الْبَينَات وَرِوَايَات الْأَحَادِيث والدرايات جاءتنا من قبل نسَاء الْأَنْصَار والمهاجرات حَتَّى إِن نصف هَذَا الْعلم نقل إِلَيْنَا من عالمتهن عَائِشَة الصديقة ﵂ وَكَانَت أعلمهن بأيام الله وأشعار الْعَرَب وَأَسْبَاب نزُول الْآي وأرواهن لأحاديثه ﷺ وَآله من أَبْوَاب كَثِيرَة من الشَّرَائِع وَكَانَ لَهَا قُوَّة الِاجْتِهَاد فِي عُلُوم الْملَّة الصادقة فَمن أتاح الله لَهُ علم هَذَا الْكتاب وَكَانَ قد رزق سائره الْمُشْتَرك

1 / 15

بَينهمَا من قبل فقد فَازَ بالقدح الْمُعَلَّى فِي مجَالِس أولي الْعلم والألباب وَإِيَّاك أَن تمر بِمَا فِي هَذَا السّفر من نفائس الْأَخْبَار والْآثَار ومحاسن آيَات الله الْوَاحِد الْغفار على غَفلَة مِنْك غير مبال بهَا بل عَلَيْك أَن تستفيد بِتِلْكَ الدَّلَائِل وتستفيد بتيك المخايل وتشيعها فِيهِنَّ وتحملهن على تعلمه وتعليمه لغيرهن مَا استطعن فان الله شَاكر لمن شكر ذَاكر لمن ذكر غَافِر لمن تَابَ وأناب إِلَيْهِ واستغفر والسعيد من وعظ بِغَيْرِهِ وتحلى بِعلم كل أَمر مِنْهُنَّ شَره وخيره وَإِذا عسر عَلَيْك فهم شَيْء من مباني الْآي وَالسّنَن ومعانيها فَارْجِع إِلَى تفاسير الْكتاب الْمُعْتَمد عَلَيْهَا فِي هَذَا الْبَاب وشروح كتب الصِّحَاح وَالسّنَن من جمَاعَة من أهل الْأَلْبَاب كفتح الْبَيَان وَفتح الْبَارِي وَالرَّوْضَة الندية والنيل والسيل وَأَخَوَاتهَا فَإِن فِيهَا مَا يرشدك إِلَى الْحق بِالْقبُولِ والاتباع ويغنيك عَن الْميل إِلَى كتب الْفُرُوع الَّتِي لفقها أهل الرَّأْي وأرباب الابتداع وَلَو لم أكن فِي شغل شاغل وفكر هائل لأتيتك بذلك كُله ونبأتك بكثيره وقله وَحَيْثُ إِن آيَات الْكتاب متصفة بِالْبَيِّنَاتِ وَأَحَادِيث النَّبِي ﷺ مَوْصُوفَة بِأَن لَيْلهَا كنهارها فِي الوضوح واللمعات لَا يحْتَاج الْعَالم بهما وعارفهما إِلَى غَيرهمَا فِي هَذِه الشَّرَائِع والأبواب إِن شَاءَ الله تَعَالَى فَهَذَا الْكتاب مَعَ اختصاره واقتصاره فِي جمع آيَاته وآثاره بَين لَا يتقنع وجلي لَا يتبرقع وَفِيه كِفَايَة ومقنع وبلاغ لمن لَهُ هِدَايَة فاصبر عَلَيْهِ صبرا جميلا فَخير الحَدِيث كتاب الله وَخير الْهدى هدي مُحَمَّد وَشر الْأُمُور محدثاتها وكل بِدعَة ضَلَالَة وَمن أصدق من الله وَرَسُوله قيلا وَبِأَيِّ حَدِيث بعده يُؤمنُونَ وَسَيعْلَمُ الَّذين ظلمُوا أَي مُنْقَلب يَنْقَلِبُون

1 / 16

الْكتاب الأول فِي آيَات الْكتاب الْعَزِيز

1 / 17

١ - بَاب مَا نزل فِي إسكان الْأَبَوَيْنِ آدم وحواء فِي الْجنَّة وإزلال الشَّيْطَان لَهما عَنْهَا ﴿يَا آدم اسكن أَنْت وزوجك الْجنَّة وكلا مِنْهَا رغدا حَيْثُ شئتما وَلَا تقربا هَذِه الشَّجَرَة فتكونا من الظَّالِمين فأزلهما الشَّيْطَان عَنْهَا فأخرجهما مِمَّا كَانَا فِيهِ﴾ قَالَ الله تَعَالَى فِي سُورَة الْبَقَرَة ﴿يَا آدم اسكن أَنْت وزوجك الْجنَّة﴾ أَي اتخذ الْجنَّة مأوى ومنزلا وَهُوَ مَحل السّكُون وَالزَّوْج هِيَ حَوَّاء بِالْمدِّ وَالزَّوْج فِي اللُّغَة الفصيحة بِغَيْر هَاء وَقد جَاءَ بهاء قَلِيلا كَمَا فِي صَحِيح مُسلم قَالَ يَا فلَان هَذِه زَوْجَتي فُلَانُهُ الحَدِيث وَكَانَ خلق حَوَّاء من ضلعه الْيُسْرَى فَلِذَا كَانَ كل إِنْسَان نَاقِصا ضلعا

1 / 19