Huruf Latiniyya
الحروف اللاتينية لكتابة العربية
Türler
يل فإن كنت ذا يقين فهاته
ومن أجل هذا فسيان عنده أن تبقى حروف العربية كما هي أو تستبدل بها الحروف اللاتينية أو الصينية.
أما باقي إخواننا الأجلاء - وهم في الطليعة من علمائنا وأدبائنا وشعرائنا - فعلة إمساك أغلبهم الخوف من قيام قيامة الناس - لا قيامة الحق - عليهم لو مسوا القديم. وكأني بهم يحبون ألا يذكروا من القواعد المعروفة إلا قاعدة «بقاء القديم على قدمه.» وعلى الأخص الأستاذ الشيخ المغربي الذي تحفز هو أيضا في الجلسة الماضية للحيلولة دون استيفاء بياني. لكني أصارحهم بما يعلمون ويهملون، أصارحهم بقاعدة «الضرر يزال»، وقاعدة «الضرورات تبيح المحظورات»، وقاعدة «درء المفاسد أولى من جلب المصالح» وأصارح الأستاذ المغربي بما تكرر وروده في القرآن الشريف من النعي على من يقولون:
إنا وجدنا آباءنا على أمة ... وأستغفر الله من أن أريد بالإشارة إلى الآيات الكريمة مثل المقام الذي نزلت فيه، وإنما ما ذكرت هو خير عبارة عربية أقتبسها للتعبير عن مرادي. ثم أصارحه بأن رسم العربية الحالي لم ينزل الله به من سلطان.
أصارح بهذا ثم أسترعي سمعكم إلى أن قصور رسم الكتابة العربية يحز في صدور أهل العربية من زمن طويل. ولو أعدتم الاطلاع على محاضر الجلسات التي وزعت عليكم من نحو عشرة أيام لرأيتم بمحضر جلسة 8 فبراير سنة 1941 أن نادي دار العلوم - وكل رجاله من معلمي العربية - قد اهتم من عهد بعيد بشيء بسيط من مسألة تيسير الكتابة العربية ولم يسفر اهتمامه عن نتيجة. ثم رأيتم أن هذه المسألة عرضت على مؤتمر المجمع في دورة سنة 38-39 أي من نحو خمس سنوات. وأن المؤتمر عين لبحثها لجنة مشكلة من حضرات الأساتذة المحترمين: الجارم بك، وإبراهيم حمروش، والخضر حسين، وعبد القادر المغربي. وأنه بجلسة 2 فبراير سنة 1941 تجدد اقتراح النظر فيها، بل إن وزارة المعارف أصدرت قرارا في 6 فبراير سنة 1941 عهدت فيه إلى المجمع بحثها كيما تصبح الكتابة بحيث «لا يتعرض قارئها للخطأ واللحن.» وطلبت إلى المجمع أن يفيدها بنتيجة بحثه لغاية سنة 1941، ولكن لم يستطع أحد إجابة وزارة المعارف بشيء، على أن البحث استمر. وبعد كل هذا الزمن الطويل لم نظفر إلا بذلك المشروع الذي قدمه حضرة الأستاذ الجارم بك بعد الكد والجد والاستعانة بثقة من الثقات الاختصاصيين في فني الخط العربي والطباعة. ولئن كنت اعترضت على ذلكم المشروع، إلا أني عندما يأتي دور النظر فيه سأبين لحضراتكم عيوبه تفصيلا ثم بالكتابة أيضا إذا شئتم.
12
على أني إذ أصارحكم بما قدمت، فإني في قرارة نفسي أشكو إلى الله وحده بثي وحزني من أن تلجئني ظروف العربية إلى اقتراح العدول عن رسمها إلى رسم أجنبي لا نحن منه ولا هو منا. إنها مرارة أتجرعها وأطلب إليكم أن تتجرعوها، وهذا علينا جميعا كثير جدا وجد أليم. غير أن المسألة مسألة حياة للعربية أو إزمان مرض، ثم موت يعجل به ما يبدو من الأمم القوية من العمل المتواصل على تبسيط لغتها لنشرها بين أمم الشرق الضعيف. وعملها هذا إذا كان - كما هو الواقع - من الضرورات الحيوية لنا سياسيا واجتماعيا، فإن ثمنه - بالبداهة العقلية - تراخينا في خدمة لغتنا، فإنه ما جعل الله لرجل من قلبين في جوفه. واللغات كالسلع ينفق منها البسيط الرخيص ويكسد الغالي المتين. وليس بنافع في علاج لغتنا أن يقترح حضرة الأستاذ كرد علي بك - عقب مقاله التاريخي الضافي الذي تلاه على المؤتمر بالجلسة الماضية - إيجاب تعليم العربية تعليما عمليا بالتخفيف من قواعدها وبمضاعفة العناية - في المدارس - بتعويد الأطفال صحة النطق بها «أي سجية» كما كان ينطق الجاهليون، أو أهل صدر الإسلام. إنه اقتراح نظري ظريف، ولكن ما السبيل إلى تحقيقه مع تعقد الرسم الحالي؟
لقد فكرت كثيرا في إمكان تعديل الرسم العربي بصورة تؤاتي الناس في صحة النطق بالكلمات، فعجزت بعد طول التفكير، ويئست من إمكان تحقيق هذه الأمنية إلا «بالشكل» المتعذر في المخطوطات والجالب للضرر في المطبوعات، ورأيت أن لا سبيل سوى اتخاذ الحروف اللاتينية وما فيها من حروف الحركات، فاعتقدت بضرورتها. والضرورات - كما أسلفت - تبيح المحظورات.
ألا إن الأفراد بائدون، كل في ميقات يوم معلوم. أما النوع فباق إلى يوم يبعثون. ألا وإن أمم العربية أمامها في الوجود دهور ودهور لا يحصيها إلا ربك واجب الوجود الذي لا يعلم الغيب إلا هو.
ألا وإن الأحياء الذين يبغون استبقاء ما ألفوا، لو أرخوا أوكية صدورهم وخلوا بين دخائل أنفسهم وبين ألسنتهم، لنطقت هذه الألسن فشهدت عليهم أنهم إنما يحافظون لا على اللغة العربية، بل على ما في قماطرهم من ذخائر مؤلفات، كلفتهم هم وأسلافهم الهيل والهيلمان، وأن هذه الكتب بعينها لو وجدوها - بين غمضة عين وانتباهتها - قد رسمت لهم بأي رسم جديد ضابط لصحة أداء كلماتها، واق من شر التصحيف ومرارة التأويل، لهللوا وخروا لله سجدا على ما أفاء عليهم من هذا الفضل العظيم الذي وضع عنهم وطأة الإنفاق، وكفاهم شر الإملاق، وأن المسألة عندهم إنما هي مسألة مالية بحتة لا شأن لها باللغة التي يفيدها الرسم الجديد بما ييسر من صعوبتها. ثم لاستطردت فقالت - مترجمة عن باطنهم - إن كثيرا منهم أثرون، مبدؤهم: «أحيني اليوم وأمتني غدا!»
Bilinmeyen sayfa