Huruf Latiniyya
الحروف اللاتينية لكتابة العربية
Türler
وهذا الدافع الأول الذي أقول عنه لا يحتاج في إدراك صدقه وأوليته لشيء من العلم، بل يكفي فيه أن نتذكر أن الحضارة في العصر الحاضر، وفي القرون الثلاثة الماضية، تركزت في الأمم التي تكتب بالأحرف اللاتينية، واستقر العلم في ربوعها. والعلم نور يعشو إلى ضوئه كل سار، بل إن سناه ثقاب نفاذ ، يدرك الساري والمضحي أينما كانا، ويتحبب إليهما ويبهرهما بجماله. وتلك الأمم
10
تعيش كلها متجاورة الديار في صعيد واحد، أو هي مخلقة أصلا في صعيد واحد؛ فالتواصل العلمي بينها على أشده، ولغاتها هي الوسيلة، فإن تخالفت رموز كتاباتها، أو ارتبكت بتركبها أو بتعددها للنغمة الواحدة أو بأداء الرمز الواحد منها عدة نغمات، كان ذلك قذى في أعين طالبيها من مستفيدي العلم ومفيديه، وشوكا في الطريق يزيد مشقتهم في تحصيلها ويعوقهم عن التقارض والاستكمال.
11 (4) على أني مع تقريري - بشيء من التفصيل - لهذه الحقيقة التي أشرت إليها، وتقريري لعلتها بحسب ما أفهم، فإني أسارع إلى لفت نظر سيدي إلى أن أهل كل لغة من تلك اللغات الأوروبية هم - بفضل حروف الحركة - لا يخطئون - عند القراءة - النطق بالمكتوب من عبارات لغتهم وفقا لما يلفظونه في الكلام غير المكتوب. فالألمان والطليان - مثلا - لا يمكن أن يخطئوا؛ لأن النغمات عندهم مقررة وجارية دائما على قياس معلوم. وليس عندهم - على ما أعلم - حروف نغمات، أو مركبات نغمية لا ينطبق بها. والفرنسيون - مثلا - إذا كان عندهم حروف نغمات لا ينطق بها، أو مركبات حرفية تؤدي نغمات خاصة، فإن لها أيضا قواعد كلية معينة، متى عرفها الطفل - أو غير الطفل - استحال عليه أن ينطق على خلاف موجبها. والإنجليزية إذا كان فيها مركبات للنغمات، فمعظمها داخل تحت قاعدة كلية مثل
sh, ch . والمركبات التي لا ينطق بها، أو ينطق بها أحيانا بنغمة بعيدة عن جزءي المركب - مثل
gh
التي قد تهمل وقد ينطق بها فاء، ومثل
th
التي تؤدي حينا نغمة الثاء وحينا نغمة الذال - هي في الأغلب محصورة، سهل على ابن اللغة أو متعلمها حفظها وتذكرها. ومثلها حروف الحركات، وما توجهه حروف النغمة الجوهرية من التوجيهات المختلفة.
12 (5) إذا كان هذا هو الواقع - وأنت يا سيدي تعرفه بلا ريب - فأظن أن من لوازمه أن تسلم معي بأننا في رسم لغتنا مظلومون ظلما مبينا؛ لأن في العربية (80000) ثمانين ألف أصل - كما يقولون - كلها حروف نغمات جوهرية خالية عما يوجهها من حروف للحركات. وقابلة - هي وما قد يشتق منها - لمختلف التصحيفات. ومستحيل على أي متعلم منا - كما كررت هذا مرارا، وكما تعرفه أنت وغيرك - أن ينطق بها لأول وهلة على الوجه المراد أصلا لكاتبها الفصيح، مهما تكن رسوم حروفها مكتوبة بقلم الثلث العريض وواضحة كل الوضوح. بل كثيرا ما يستغلق عليه النطق بها على الوجه الصحيح، استغلاقا ميئسا لا رجاء فيه.
Bilinmeyen sayfa