Huruf Latiniyya
الحروف اللاتينية لكتابة العربية
Türler
يقولون إن رسم الحروف
وهذا اعتراض غريب. الحق الذي لا ريب فيه أن مشخصات كل أمة في يوم الناس هذا، اثنان لا ثالث لهما: وحدة الوطن الإقليمية والسياسية ووحدة اللغة. أما وحدة رسم الكتابة فلا يقول أحد إنها من مشخصات الأمم، لا هي ولا وحدة الزي، كلا ولا وحدة الدين. إن الفرنسيين والإنجليز والأمريكان والطليان والأسبان والبلج وغيرهم، كلهم يتخذون حروفا واحدة لرسم كتابتهم، وكلهم يتخذون زيا واحدا للباسهم من الرءوس إلى الأقدام، وكلهم نصارى على دين المسيح، ولم يقل أحد إنهم جميعا أولو قومية واحدة، أو إنهم جميعا أمة واحدة يشخصها الزي أو رسم الكتابة أو تشخصها وحدة الدين. وكذلك الإيرانيون والجاويون لا يقول أحد الآن إنهم هم والعرب أمة واحدة لمجرد أنهم يشتركون معهم في رسم الكتابة، وأنهم كسواد العرب يدينون بالإسلام. بل إن كلا من تلك الأمم إنما يشخصها استقلالها سياسيا بأرض وطنها ثم وحدة لغتها فحسب. وها أنت ذا ترى الحرب قائمة على قدم وساق بين أمم كلهم مسيحيون ومتشابهون في رسم الكتابة وفي الأزياء. فلا تسمع لكلام المهوشين الذين يوهمونك بالباطل لمصلحة مزاعمهم التي يناقضها الواقع المحسوس في كل بلاد الله.
الثامن:
من أطرف الاعتراضات
حاصله، بما يقرب من لغته ويبرز فكرته: «أما كفانا أن الساعة بعد ما كانت بالعربي عملوها بالإفرنجي، وأن الأشهر بعد ما كانت بالعربي عملوها بالإفرنجي، ولم يبق لنا إلا الكتابة بالعربي، فحتى هذه البقية الباقية تريد أن تفرنجها؟ يا شيخ فضك من التخريف.»
قد تسخر من هذا الرجل وتقول إنه عامي ساذج، أو إنه من قبيل أولاد النكتة من المصريين الذين قال أحدهم تنادرا باقتراحي: «بقى خرجنا من الفرعونية وقعنا في اللاتينية؟» وقال آخر عند ما بلغه قولي إن اقتراحي من مزاياه أن يعمم العربية: «هو لا يعممها بل يبرنطها.» لا تسخر من مرسل تلك التذكرة المفتوحة؛ فإني أراه خيرا من جميع المعترضين؛ ذلك بأن الساعات إذ اتخذت ابتداء من الزوال وساعته كانت تبتدئ من الغروب، فقد اختلط عليه حساب أذان المغرب، ثم معرفة باقي أوقات الصلاة، ومدفع الزوال لا يفيده علما بها. وإذ كان هو فراشا أو ساعيا أو كاتبا صغيرا في مصلحة يصرف له راتبه بحساب الشهر الإفرنجي، فكثيرا ما يفاجئه أهل منزله بطلعة رجب، وليلة نصف شعبان، وليلة عاشوراء، مما يقتضي نفقات يسهو المسكين عن الاحتياط لها أول الشهر يوم «القبضية»، وفي ذلك حرج عليه. وإذا تغيرت الحروف العربية كان تغيرها عليه مصيبة ثالثة؛ لأنه لا يستطيع أن يقرأ حساب الخباز والخضري والجزار. أقل ما في اعتراض الرجل أن له أسبابا يبينها ليدفع عن نفسه بلوى الحروف اللاتينية. ولكن ما ظنك بمن يعترضون لوجه الشيطان، ويخيلون إليك مع هذا أنهم باعتراضهم إنما يبتغون وجه الله والمحافظة على دين الإسلام؟
التاسع:
يقولون إن رسم الكتابة
«جاوه وسومطره وغيرهما»، فكلها تابعة للعرب في هذا الشأن، وإن المسلمين هناك، وعددهم لا يحصى، يكتبون ويقرءون القرآن والحديث بهذا الرسم العربي، فكيف تريد حرمانهم من هذه المزية وحرمان العرب من هذا الشرف الكبير؟
سبحان الله! لئن كانت لغات تلك البلاد مبتلاة بمثل ما العربية مبتلاة به في حركات كلماتها، فالأخلق بالمعترض أن يقلب سؤاله فيقول: كيف أن العرب - وهم إخوان أهل تلك البلاد في الدين - قد رزءوهم بمصيبة الرسم العربي السخيف، ووضعوا غله في عنق لغاتهم، وجعلوهم عليهم بلسان الحال من الساخطين؟
Bilinmeyen sayfa