Allah'ın Kesin Delili
حجة الله البالغة
Araştırmacı
السيد سابق
Yayıncı
دار الجيل
Baskı Numarası
الأولى
Yayın Yılı
سنة الطبع
Yayın Yeri
بيروت - لبنان
(بَاب احكام الدّين من التحريف)
لَا بُد لصَاحب السياسة الْكُبْرَى الَّذِي يَأْتِي من الله بدين ينْسَخ الْأَدْيَان من أَن يحكم دينه من أَن يتطرف إِلَيْهِ تَحْرِيف، وَذَلِكَ لِأَنَّهُ يجمع أمما كَثِيرَة ذَوي استعدادات شَتَّى وأغراض مُتَفَاوِتَة، فكثيرا مَا يحملهم الْهوى أَو حب الدّين الَّذِي كَانُوا عَلَيْهِ سَابِقًا والفهم النَّاقِص حَيْثُ عقلوا شَيْئا، وَغَابَتْ مصَالح كَثِيرَة أَن يهملوا مَا نصت الْملَّة عَلَيْهِ، أَو يدسوا فِيهَا مَا لَيْسَ مِنْهَا، فيختل الدّين، كَمَا قد وَقع فِي كثير من الْأَدْيَان قبلنَا، وَلما لم يُمكن الِاسْتِقْصَاء
فِي معرفَة مدَاخِل الْخلَل فَإِنَّهَا غير محصورة وَلَا متعينة، وَمَا لَا يدْرك كُله لَا يتْرك كُله - وَجب أَن ينذرهم من أَسبَاب التحريف إِجْمَالا أَشد الانذار، ويخص مسَائِل قد علم بالحدس أَن التهاون والتحريف فِي مثلهَا أَو بِسَبَبِهَا دَاء مُسْتَمر فِي بني آدم فيسد مدْخل الْفساد مِنْهَا بأثم وَجه، وَأَن يشرع شَيْئا يُخَالف مألوف الْملَل الْفَاسِدَة فِيمَا هُوَ أشهر الْأَشْيَاء عِنْدهم كالصلوات مثلا.
وَمن أَسبَاب التحريف التهاون وَحَقِيقَته أَن يخلف بعد الحواريين خلف أضاعوا الصَّلَاة، وَاتبعُوا الشَّهَوَات لَا يهتمون باشاعة الدّين تعلما وتعليما وَعَملا، وَلَا يأمرون بِالْمَعْرُوفِ، وَلَا ينهون عَن الْمُنكر، فَينْعَقد عَمَّا قريب رسوم خلاف الدّين، وَتَكون رَغْبَة الطباع خلاف رَغْبَة الشَّرَائِع، فَيَجِيء خلف آخَرُونَ يزِيدُونَ فِي التهاون حَتَّى ينسى مُعظم الْعلم ...، والتهاون من سادة الْقَوْم وكبرائهم أضرّ بهم وَأكْثر إفسادا. وَبِهَذَا السَّبَب ضَاعَت مِلَّة نوح وَإِبْرَاهِيم ﵉، فَلم يكد يُوجد مِنْهُم من يعرفهَا على وَجههَا، ومبدأ التهاون أُمُور.
مِنْهَا عدم تحمل الرِّوَايَة عَن صَاحب الْملَّة وَالْعَمَل بِهِ، وَهُوَ قَوْله ﷺ: " أَلا يُوشك رجل شبعان على أريكته يَقُول عَلَيْكُم بِهَذَا الْقُرْآن، فَمَا وجدْتُم من حَلَال فأحلوه، وَمَا وجدْتُم مِنْهُ حرَام، فحرموه، وَإِن مَا حرم رَسُول الله كَمَا حرم الله " وَقَوله ﷺ: " أَن الله لَا يقبض الْعلم انتزاعا ينتزعه من النَّاس، وَلَكِن يقبض الْعلم بِقَبض الْعلمَاء حَتَّى إِذا لم يبْق عَالما اتخذ النَّاس رُؤَسَاء جُهَّالًا، فسئلوا فأفتوا بِغَيْر علم، فضلوا، وأضلوا ".
وَمِنْهَا الْأَغْرَاض الْفَاسِدَة الحاملة على التَّأْوِيل الْبَاطِل كَطَلَب مرضاة الْمُلُوك فِي اتباعهم الْهوى لقَوْله تَعَالَى:
1 / 210