ﷺ حده بالجلد ولم يقتله وفهم النقلة من هذا وضع القتل عن الناس وإيجاب الجلد بدلًا من الأثقل إلى الأخف.
قال الله تعالى (١) (ما ننسخ من آية أو ننسها نأت بخير منها أو مثلها) . فلا
كلام لأحد بعد كلام الله تعالى (٢) (أأنتم أعلم أم الله) . وقد أمر رسول الله ﷺ بقتل الشارب بعد الرابعة وأمره من أمر الله تعالى ثم وضع رسول الله ﷺ القتل عن الناس (وما ينطق عن الهوى إن هو إلا وحي يوحى) . فجيء إليه ﷺ بشارب قد شرب مرارًا فلم يحده في المرة التي كان حدها القتل إلا بالجلد
فكان الأمر كما رآه المسلمون وفهموه (أن الحد بالقتل قد وضع وإن الجلد قد وجب) تخفيفًا من الله ورحمة بعباده (الآن خفف الله عنكم وعلم أن فيكم ضعفًا) . نهاية المطاف عند ابن القيم:
ثم يقول ابن القيم رحمه الله تعالى مبينًا اختياره (٣):
(والذي يقتضيه الدليل: أن الأمر بقتله ليس حتما، ولكنه تعزير بحسب
المصلحة فإذا أكثر الناس من الخمر، ولم ينزجروا بالحد فرأى الإمام أن يقتل فيه قتل. ولهذا كان عمر ﵁ ينفي فيه مرة. ويحلق فيه الرأس مرة. ويجلد فيه ثمانين. وقد جلد فيه رسول الله ﷺ وأبو بكر ﵁ أربعين. فقتله
في الرابعة: ليس حدًا. وإنما هو تعزير بحسب المصلحة) .
الترجيح:
مما تقدم من سياق الخلاف وأدلته ومناقشتها نرى أن ابن القيم وابن حزم يتفقان في مناقشة الإجماع والنسخ من أدلة القائلين بالنسخ لكن يختلفان في النتيجة
(١) الآية رقم ١٠٦ سورة البقرة.
(٢) الآية رقم ٤٠ سورة البقرة.
(٣) انظر: تهذيب السنن ٦/٢٣٨