حملا معا السيد ويلينس فوق عتبة الباب، مرورا بالمطبخ، ثم الشرفة الأمامية، ثم نزولا به على درجات سلم الشرفة. لم يعرقلهما أي شيء في الطريق، لكن اليوم كان عاصفا؛ فعصفت الرياح بالمفرش الذي لفت به السيدة كوين وجه السيد ويلينس.
ومن حسن حظهما أن فناء المنزل لم يكن من الممكن رؤيته من الطريق. ما كان مكشوفا فقط من المنزل هو قمة السقف، والنافذة الموجودة بالطابق العلوي؛ ومن ثم، لم يكن من الممكن رؤية سيارة السيد ويلينس.
فكر روبرت في باقي الخطة، وهي أن يأخذا السيد ويلينس إلى بحيرة جوتلند، حيث المياه العميقة والطريق الموصل إليها، ما سيجعل الأمر يبدو وكأن السيد ويلينس قد قاد سيارته من الطريق الرئيسي، ثم ضل طريقه. لعله انعطف إلى الطريق الموصل إلى البركة، وكان الظلام قد حل، فسقط في الماء قبل أن يدرك المكان الذي وصل إليه. سيبدو الأمر كأنه قد أخطأ.
وهذا ما فعله السيد ويلينس بالتأكيد؛ لقد أخطأ.
لكن المشكلة تمثلت في أنه لزم عليهما قيادة السيارة إلى خارج الممر، ثم على الطريق وصولا إلى المنعطف المؤدي إلى بحيرة جوتلند. لكنه ما من أحد كان يعيش هناك، وكان الطريق مسدودا بعد هذا المنعطف؛ لذا، كان عليه فقط الدعاء بألا يراه أحد طوال هذا الطريق البالغ طوله قرابة النصف ميل. وبعد ذلك، كان على روبرت وضع السيد ويلينس في مقعد السائق، ودفع السيارة لإنزالها في الماء. تطلب الأمر جهدا كبيرا، لكن روبرت كان شابا قويا؛ ولولا هذه القوة، ما وقعت هذه الفوضى في المقام الأول.
واجه روبرت بعض الصعوبة في تشغيل السيارة؛ إذ لم تسبق له قيادة سيارة مثلها من قبل، لكنه أدارها في النهاية، واستدار بها ليقودها إلى نهاية الممر، عندما تحركت جثة السيد ويلينس لتميل عليه. كان روبرت قد وضع فوق رأس القتيل قبعته التي كانت موضوعة على مقعد السيارة.
لماذا خلع السيد ويلينس القبعة قبل دخوله المنزل؟ ليس من باب التهذيب فحسب، وإنما لكي يتمكن من الإمساك بها على نحو أيسر وتقبيلها، هذا إن كان بإمكانه وصف ما كان يفعله بالتقبيل؛ إذ كان يتهجم عليها، حاملا الصندوق في إحدى يديه، بينما يمسك بها باليد الأخرى فيمص فمها - على نحو مقزز - بفمه العجوز الذي يتقاطر منه اللعاب. يمص ويمضغ شفتيها ولسانها، ويدفع نفسه نحوها، وحافة الصندوق تضرب مؤخرتها وتوكزها. أصابها ما كان يفعله بالدهشة الشديدة، لكنه أمسك بها بقوة حالت دون تخلصها منه. كان حيوانا عجوزا قذرا؛ يتهجم عليها ويمص شفتيها ويتقاطر اللعاب على وجهها ويوكزها في مؤخرتها ويؤلمها؛ كل ذلك في آن واحد.
أحضرت السيدة كوين المفرش الذي لفت به وجه القتيل، والذي عصفت به الرياح ليستقر فوق سور المنزل، وأخذت تفتش بدقة عن أي آثار للدماء على درجات السلم أو أي أوساخ أخرى بالشرفة الأمامية أو المطبخ، لكن كل ما وجدته كان في الغرفة الأمامية والبعض أيضا على حذائها؛ فدعكت ما كان موجودا على الأرض وعلى حذائها الذي خلعته. وإلى أن انتهت من كل ذلك، لم تكن قد لاحظت بعد وجود بقعة أسفل بلوزتها. تساءلت من أين جاءت هذه البقعة؟ وفي اللحظة ذاتها سمعت صوت جلبة جعلها تتسمر في مكانها. كان صوت سيارة؛ سيارة لا تعرفها تتقدم نحو المنزل من آخر الممر.
ألقت نظرة عبر الستارة الشفافة، وتأكدت من الأمر. كانت سيارة تبدو جديدة وذات لون أخضر داكن. كانت بلوزتها ملطخة، وحذاؤها مخلوعا، والأرضية مبللة، فتراجعت للخلف بحيث لا يمكن لأحد رؤيتها، لكن تفكيرها لم يهدها إلى أين يمكنها الاختباء. توقفت السيارة، وفتح بابها، لكن المحرك لم يتوقف. سمعت بعد ذلك صوت إغلاق الباب، ثم استدارت السيارة وسمعت صوت عودتها نحو أول الممر. وسمعت أيضا صوت لويس وسيلفي بشرفة المنزل الأمامية.
لقد كانت سيارة صديق معلمة الفتاتين. كان يصطحب المعلمة بعد ظهيرة كل يوم جمعة، وكان ذلك يوم جمعة؛ فطلبت منه المعلمة توصيل الفتاتين إلى المنزل؛ إذ إنهما أصغر الأطفال سنا، ومنزلهما أبعد من الأطفال الآخرين، وبدت الأمطار وشيكة في السماء.
Bilinmeyen sayfa