حجية السنة ودحض الشبهات التي تثار حولها
حجية السنة ودحض الشبهات التي تثار حولها
Yayıncı
الجامعة الإسلامية بالمدينة المنورة
Baskı Numarası
السنة الرابعة-العدد الثالث-محرم ١٣٩٢ هـ
Yayın Yılı
فبراير ١٩٧٢ م
Türler
فأفتاه النبي ﷺ بأن صومه صحيح، وقال له: "تمّ على صومك فإنما أطعمك ربك وأسقاك".
وذلك لأن الخطأ والنسيان معفو عنهما، واستنبط الرسول ذلك من قوله ﴿رَبَّنَا لا تُؤَاخِذْنَا إِنْ نَسِينَا أَوْ أَخْطَأْنَا﴾ وقوله ﴿وَلَيْسَ عَلَيْكُمْ جُنَاحٌ فِيمَا أَخْطَأْتُمْ بِهِ وَلَكِنْ مَا تَعَمَّدَتْ قُلُوبُكُمْ﴾، فهل يقال إن هذا الحديث مخالف للقرآن لأن ليس فيه أن الصوم لا يفسده الأكل بالنسيان صراحة، أو هل يقال إنه لم يكن للنبي ﵇ أن يستنبط هذا الحكم من الآية الأخرى التي لا تتعلق بالصوم؟
فلو قال قائل: نعم ليس للرسول أن يستنبط ويفتي الناس بما ليس في القرآن صراحة.
نقول له: عجبا لك، إذا كان من المقرر أنه يجوز للعلماء حتى في هذا العصر أن يستنبطوا من القرآن الأحكام مع بُعْدِهم عن العصر والمحيط اللذين نزل فيهما، أفمن يجوز هذا لمن نزل عليه القرآن، وأمر بتبيينه مع أنه أفصح أهل اللسان.
ولا يخفى على أحد أن كل الناس ليسوا سواء في الاستعداد والفهم وصفاء الذهن، ولذلك نرى أن القرآن الكريم يقرأه كل أحد، ولكنهم يختلفون في فهم معانيه، فالعالم يفهم منه ما لا يفهمه الجاهل، والعلماء أيضا متفاوتون في الفهم والعلم، وقد أمرنا الله تعالى بالرجوع إلى العلماء بقوله: ﴿فَاسْأَلُوا أَهْلَ الذِّكْرِ إِنْ كُنْتُمْ لا تَعْلَمُونَ﴾ وبيّن اختلاف الناس في درجات الفهم بقوله: ﴿قُلْ هَلْ يَسْتَوِي الَّذِينَ يَعْلَمُونَ وَالَّذِينَ لا يَعْلَمُونَ إِنَّمَا يَتَذَكَّرُ أُولُو الأَلْبَابِ﴾ .
إذا سلمنا هذين الأمرين، وهو أن الرسول مكلف ببيان القرآن، وأن الناس متفاوتون في الفهم، إذًا فمن أحق ببيان وإيضاح معاني القرآن، والتطبيق العملي لآياته؟ الحق أنه لا يوجد أحق من الرسول ﷺ بهذا البيان، هذا البيان الذي سلمنا أن الرسول هو أحق الناس به، هو ما يسمى بالسنة أو الحديث النبوي الشريف، وهذا البيان من الرسول ﷺ يوحى من الله تعالى كما مرّ في الحديث "ألا إني أوتيت الكتاب ومثله معه"
1 / 41