History of the Arabic Heritage by Sezgin - Language
تاريخ التراث العربي لسزكين - اللغة
Yayıncı
جامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية
Türler
-[تصدير]-
كان المخطوط الأصلى لهذا المجلد قد ختم عام ١٩٦٤، وكان ينبغى له أن يظهر مع بابى الشعر والنحو بمثابة ثانى مجلدات «تاريخ التراث العربى». غير أننى، بعد أن قرّ عزمى- خلال طبع المجلد الأول- على توسيع نطاق موضوعات الكتاب، رأيت تأخير إخراج المخطوط إلى أن أتمّم كتابة الأجزاء الخاصة بالعلوم الطبيعية التى كان لها اتّصال وثيق بمحاضراتى في معهد تاريخ العلوم الطبيعية.
وقد اضطررت غير مختار إلى فصل هذا المجلد المخصص لعلم اللغة- بعد أن كنت قد قطعت في إعداده شوطا كبيرا- عن المجلد المخصص لعلم النحو، لأسباب خارجة عن إرادتى، تتصل بالطباعة وتدبير المال اللازم لها.
لقد أسهم مساعدى العلمىّ، السيد الدكتور نويباور، إسهاما كبيرا للغاية فى تنقيح المخطوط والإشراف على الطبع؛ فله منى أجزل الشكر. وانىلأدين بالفضل، كذى قبل، إلى المعاضدة المالية للجمعية الألمانية للبحوث التى أتاحت لى معاونة الدكتور نويباور، ومعاونة زوجتى التى أسهمت أيضا بنصيبها فى ظهور هذا المجلد.
وآخرا، أودّ أن أعرب عن شكرى للذين يسروا لى العمل بإرسالهم إليّ أفلا ما مصورة لبعض المخطوطات العربية. وأخصّ بالذكر السيد معمر أولكر، مدير المكتبة السليمانية بإستنبول، والسيد الدكتور حسنى سبح، رئيس مجمع اللغة العربية بدمشق.
فؤاد سزكين فرانكفورت، فى ١٣/ ٧/ ١٩٨٢ م معهد تاريخ العلوم الطبيعية
1 / 4
(١) مقدمة
(أ) تاريخ البحث اللغوى ووضعه الراهن
فى القرن الثانى عشر للميلاد، أي بعد مائتى سنة من ابتداء الغرب فى تلقى العلوم الإسلامية العربية، وضع، فيما يظهر، أقدم معجم عربى- لاتينى معروف.
وهذا المعجم المسمى Glossarium Latino -Arabicum (١) مجهول المؤلف ويحتمل أنه صنفه فى إسبانيا ولم يتمه (٢) ولعل معجما عربيا- لاتينيا آخر عنوانه (٣) Vocabulistain Arabico قد صدر عن تلك المنطقة نفسها ويقدر أنه وضع بعد المعجم المذكور أولا بنحو قرن من الزمان (٤).
وفي عام ١٦٣٢ م نشر انطونيوس ججّيوس Antonius Giggeius في ميلانو معجمة الموسوم ب Thesauru slinguaearabicae أي «معجم اللغة العربية»، وقد أراد به وضع معجم جديد للغة العربية يجمع المادة المتفرقة في معاجم عربية شتى. والواقع أنه كما تبين ياكوب جوليوس قد أقامه في الأكثر على «القاموس المحيط» للفيروزآبادى (٥)
_________
(١) وصل إلينا في مخطوطة يتيمه محفوظة في ليدن؛ ونشره زيبولد عام ١٩٠٠ في برلين:
Chr. F. Seybold، Glossarium Latino- Arabicumexunoqui exstatcodice Leidensi ...، Berlin ١٩٠٠.
(٢) (انظر فك:
J. Fuck، Diearabischen Studienin Europabisinden Anfangdes ٢٠. Jahrhunderts، Leipzig ١٩٥٥، ١٠ - ١٣
(٣) نشره سكيابرلى اعتمادا على المخطوطة الوحيدة الموجودة في فلورنسا:
Vocabulistain Arabicopubblicat operlaprimavolta soprauncodicedel la Biblioteca Riccardiana in Firenze، Florenz ١٨٧١.
(٤) انظر فك، المرجع المذكور ص ٢٢ - ٢٥؛ ورأيه في نشأة هذا المعجم ومناقضته لرأى الناشر في هذا الصدد لا يقبلان قبولا تامّا
(٥) انظر المرجع نفسه ص ٧٩
1 / 5
وقد صنف أيضا المستعرب الانجليزى وليم بدول ١٦٣٢ - ١٥٦٢) William Bedwell م) معجما عربيا في سبعة مجلدات، إلا أنه لم ينشر (٦) إن أول عمل استشراقى في هذا المضمار يرجع لياكوب جوليوس ١٦٦٧ - ١٥٩٦) Jacobus Golius م) الذى بدأ على يديه علم الاستشراق بمعناه الحقيقى. فقد نشر كثيرا من النصوص العربية في مجالات مختلفة، وظهر/- معجمه العربى- اللاتينى Lexicon Arabico -Latinum في عام ١٦٥٣ (٧) وقد أفاد جوليوس من طائفة مهمة من المعاجم العربية المخطوطة التى كان أغلبها ملكا له، نحو «المجمل في اللغة» لابن فارس، و«الصحاح» للجوهرى. و«أساس البلاغة» للزمخشرى، و«القاموس المحيط» للفيروزآبادى، و«معجم البلدان» لياقوت، وغيرها (٨) وأوّل طبعة لمعجم عربى أصدرتها، فضلا عن بحوث أخرى في الدراسات الشرقية، كلية فورت وليم Collegeof Fort William بكلكتا عام ١٨١٧. وكان ذلك المعجم هو «القاموس المحيط» لمحمد بن يعقوب بن محمد الفيروزابادى (المتوفى سنة ٨١٧/ ١٤١٥، انظر بروكلمان، الأصل ٣/ ١٨٢) وقام على نشره أحمد بن محمد الشّروانىّ (المتوفى سنة ١٨٤٠ م).
واضطلع جيورج فلهلم فريتاج Georg Wilhelm Freytag (١٨٦١ - ١٧٨٨) على نحو بارع بتنقيح معجم جوليوس والزيادة عليه في معجمه العربى- اللاتينى ذى المجلدات الأربعة، (٩) Lexicon Arabico -Latinum الذي ما زال مستعملا إلى يومنا هذا. وتنبغى الإشارة هنا إلى مصنّف آخر له في الأمثال العربية (١٠) Arabum Proverbia وهو أول نشرة لمجموعة من الأمثال العربية، وهى مع ترجمته لها لم تخلق جدتها بعد.
_________
(٦) انظر هايود:
J. A. Haywood، Arabic Lexicography. Its History، andits Placeinthe General Historyof Lexicography. Leiden ١٩٦٥. ١٢٣
(٧)
Lexicon Arabico- Latinum، Contextumexproba tioribus Orientislexicogr aphis. Leiden ١٦٥٣
(٨) انظر فك، المرجع المذكور، ص ٧٩ - ٨٤.
(٩) ظهر في هاله سنة ١٨٣٠ - ١٨٣٧
(١٠) انظر فك، ص ١٦٦
1 / 6
وكان من حظ الإنجليزى إدوارد وليم لين Edward William Lane (١٨٧٦ - ١٨٠١) أن يقف إبّان إقامته في مصر على مصادر جديدة للمعاجم العربية وأن يتمكن من أن يستنسخ «تاج العروس». ومعجمه ذو المجلدات الثمانية الذى لم يتم (انقطع عند حرف القاف) وتوخّى فيه إغفال المواد النادرة (١١)، يعدّ، على ما فيه من قصور، من خير ما حقّقته الدراسات العربية بأوربا في القرن التاسع عشر (انظر ص ٥ من بعد).
وصنف رينهارت پ. دوزى Reinhart P.Dozy (١٨٨٣ - ١٨٢٠) وهو معاصر للين، معجمه الخاصّ الذى أجيز عليه «معجم مفصّل في أسماء الملابس عند العرب» (١٨٤٥)
Dictionnairedeta illedesnomsdesve tementschezles Arabes
، ووضع فيما بعد «ذيل المعاجم العربية، Supplementauxdic tionnairesarabes (١٢) «استدرك به ما فات فريتاج ولين من مدلولات (١٣).
وفي الشطر الثانى من القرن التاسع عشر تميّز تاريخ علم المعاجم العربية في الغرب/ بظهور معاجم عديدة مهمة. وينبغى أن نذكر منها نشرة «كتاب الاشتقاق» لابن دريد (١٤) و«معجم البلدان» لياقوت الحموى (١٥) و«معجم ما استعجم» لأبى عبيد البكرى (١٦) باعتناء فرديناند فيستنفلد، Ferdinand Wustenfeld ونشرة «كتاب المعرّب» للجواليقى باعتناء إدوردساخو. (١٧) Eduard Sachau وكذلك في الشطر الثانى من القرن التاسع ظهرت في القاهرة معاجم مهمة، بعضها ضخم، مثل «الصّحاح» للجوهرى (١٨٦٥). و«القاموس» للفيروزآبادى (١٨٥٦ و١٨٧٢)، و«لسان العرب» لابن منظور (١٨٨٢ - ١٨٩٠)، و«تاج العروس» للزبيدى (١٨٨٩ - ١٨٩٠).
_________
(١١) انظر المرجع نفسه، ص ١٦٨ - ١٧٠؛ وهايود، المرجع المذكور، ص ١٢٤ - ١٢٥
(١٢) في مجلدين ١٨٨١ والطبعة الثانية سنة ١٩٢٧
(١٣) فك، المرجع المذكور ص ١٨٤
(١٤) ظهر في جوتنجن ١٨٥٤
(١٥) في ستة مجلدات، جوتنجن ١٨٦٦ - ١٨٧٣
(١٦) في مجلدين، جوتنجن ١٨٧٦ - ١٨٧٧
(١٧) نشر في ليبزج ١٨٦٧
1 / 7
وبدأت أيضا في وسط القرن التاسع عشر محاولات المستشرقين لوضع كتب في تراجم لغويّي العرب ومصنفاتهم. وأولها «تاريخ آداب العرب Lit eraturgeschichte der Araber «بمجلداته السبعة ليوسف فون هامر- برجشتال. (١٨) J.von Ham mer -Purgstall - وبعد ذلك ببضع سنوات ظهر المرجع الذى ألّفه جوسناف فليجل Gustav Flugel بعنوان «المدارس النحوية عند العرب، (١٩) Diegrammatischen Schulender Araber «وهو أساس موثوق به في التراجم، ولم يفقه بعد كتاب آخر، بما في ذلك كتاب «تاريخ الأدب العربى» لبروكلمان الذى ظهر المجلد الأول منه قريبا من آخر القرن نفسه، ويشتمل أساسا، هو والمجلد الثانى والملحق بمجلداته الثلاثة، على المؤلفين الذين بلغتنا كتبهم.
وفي الثلث الأخير من القرن الماضى بدأ المستشرقون دراستهم في علم اللغة عند العرب. ويدخل في هذا مؤلفات كل من: جولد تسيهر في «تاريخ علم اللغة عند العرب»:
I. Goldziher، Beitragezur Geschichteder Sprachgelehrsamk eitbeiden Arabern
؛ وردسلوب في «الأضداد»: (٢٠)
Th. M. Redslob، Die Arabischen Worter mitentgegengeset zten Bedeutungen (addad)، nebsteinem Textstuckaus Ibn al- Anbarl's K. al- Addad؛ (٢١)
وفرنكل في «الأبنية التى على أكثر من ثلاثة أحرف، S.:
Fraenkel، Bertragezur Erklarungdermehr lautigen Bildungenim Arabischen ٤ (٢٢)
وفي «الألفاظ الأرامية المعرّبة»:
Diearamaischen Fremdworterim Arabischen (٢٣)
_________
(١٨) ظهر في فينا بين عامى ١٨٥٠ - ١٨٥٦، انظر تاريخ التراث العربى ٢/ ٢
(١٩) ليبزج ١٨٦٢، وأعيد طبعه سنة ١٩٦٦ في Nendeln،Liechtenstein
(٢٠) نشر في:
SBAWWien، Phil.- hist. Klasse ٦٧/ ١٨٧١/ ٢٠٧ - ٢٥١، ٧٢/ ١٨٧٢/ ٥٨٧ - ٦٣١، ٧٣/ ١٨٧٣/ ٥١١ - ٥٥٢ Ges. Schriften I، ٧ - ٥١، ٩١ - ١٣٥، ١٨٧، ٢٢٨.
انظر Muh.Studien ١،٢٠٨ - ٢١٦ (وانظر أيضا كتابه،
(٢١) ظهر في جوتنجن عام ١٨٧٣
(٢٢) ليدن (أطروحة دكتوراة) ١٨٧٨
(٢٣) ليدن ١٨٨٦
1 / 8
وفيستنفلد في «أسماء السفن في العربية»:
F. Wustenfeld، Die Namender Schiffeim Arabischen (٢٤)
وفون كريمر، «مقالات في المعاجم العربية»؛
A. Frh. von Kremer، Beitrage Zurarabischen Lexicographie (٢٥)
وكذلك «ملاحظات في علم اللغة» استنادا إلى مصادر عربية جديدة:
Lexicographixche Notizennachneuen arabischen Quellen (٢٦)
واتصلت البحوث في علم المعاجم العربية في الشطر الأول من القرن العشرين بعقد دراسات كثيرة في موضوعات مفردة، وبنشر نصوص معجمية بمقدار أكبر مما كان فى القرن الماضى. ولا ريب أن أهم مشروع في قرننا هذا في صناعة المعاجم العربية هو محاولة فشر (٢٧) (١٩٤٩ - ١٨٦٥) A.Fischer وضع (٢٨) «معجم للعربية القديمة على طراز عصرى» مع الإفادة من الأعمال الممهّدة التى قام بها فليشر A.L.Fleischer وتوربكه. H.Thorbecke (٢٩) وقد أنفق فشر قرابة أربعين عاما من عمره في هذا العمل وخلّف حصيلته في نحو ٣٦٠٠٠٠ جذاذة غير منشورة، موجودة في القاهرة (٣٠). وبعد وفاته نشر مجمع اللغة العربية بمصر عام ١٩٥٠ فصلة في ٩٦ صفحة (من الألف إلى أبد) بعنوان «معجم فشر، مقدمة ونموذج منه» (٣١). ومادته التى لا تقدر بثمن، ويوجد
_________
(٢٤) فى:
Nachrichtenvonde r Gesellschaftd. Wissenschaftenzu Gottingen ١٨٨٠
(١٦ صفحة)
(٢٥) فينا ١٨٨٣ - ١٨٨٤ (مستل من (SBAW
(٢٦) فينا ١٨٨٦ (مستل من (SBAW
(٢٧) انظر تأبين يوهان فك له في؛ ZDMG ١٠٠ /١٩٥١ /١ - ١٨ وشاده A.Schaade في Islam ٣٠ /١٩٥٢ /٩٧ - ١٠١
(٢٨)
J. Kraemer، Augustfischers Sammlungenzumara bischen Lexikonin: zdmg ١٠٥/ ١٩٥٥/ ٨٢
(٢٩)
S. A. Muller، A. Socin، H. Thorbeckes Wissenschaftlich er Nachlassund H. L. Fleischers lexikalischesamm lungenin: zdmg ٤٥/ ١٨٩١/ ٤٦٥ - ٤٩٢; A. Fischer، Heinrich Thorbeckeshandsc hriftlicher Nachlassin: ZDMG ٤٩/ ١٨٩٥/ ٦٩٥ - ٧٠٥; A. Fischer، Nocheinmal H. Thorbeckeshandsc hriftlicher Nachlass J. Kraemer
؛ نقلا عن in: ZDMG ٥٥ /١٩٠١ /٥٥ - ٦٠ فى ص ٨٢ من المرجع المذكور في الحاشية ٧ آنفا.
(٣٠) المرجع نفسه ص ٨١، ٨٩
(٣١) المرجع نفسه ص ٨٣
1 / 9
أصلها في القاهرة، قد غدت، بتصويرها على الميكروفلم، فى متناول الدارسين بجمهورية ألمانيا الاتحادية أيضا. أما الشواهد الشعرية التى نشرها فشر من مجموعته (نحو ٧٠٠٠٠ جذاذة) (٣٢) بالاشتراك مع بروينلش E.Braunlich بعنوان: «فهارس الشواهد» (٣٣)، فقد أسدى بها خدمة جلىّ، لا تقتصر فوائدها على الناحية المعجمية فقط./ وعند ما جعلت الحاجة إلى معجم جديد شامل تزداد بازدياد الاشتغال بعلوم اللغة العربية، لجأكريمر J.Kraemer إلى التركة اللغوية التى خلّفها نولدكه، وكان قد دوّن عشرات الألوف من الشواهد على حواشى نسخته من معجم فريتاج. فصنع كريمر بادئ الأمر الملزمتين الأوليين المشتملتين على حرف الألف ونشرهما فيما بين عامى ١٩٥٢ و١٩٥٤. ثم إنه لم يلبث أن قرّر ألّا يقصر عمله من بعد على نشر تعاليق نولدكه، وإنما يعمد إلى الإفادة أيضا ممّا جمعه فشروركندورف، H.Reckendorf فضلا عن إفادته مما جدّ طبعه من مصادر في اللغة.
وقد كان قراره التالى الحصيف أن يبدأ بحرف الكاف بدلا من حرف الألف؛ وذلك لانقطاع معجم لين عند آخر حرف القاف. والعمل الذى بدأه كريمر واصله جيتيه H.Gatje بمعاونة شپتالر A.Spitaler ويضطلع الآن مانفرد أولمن بمواصلته. وهذا المعجم الموسوم ب «معجم اللغة العربية الفصحى» (٣٤)
Worterbuchderkla ssischen arabischen Sprache
قد ظهر منه إلى الآن المجلد الأول الذى يشتمل على حرف الكاف، وسبع فصل من المجلد الثانى حتى مادة ل د غ (١٩٨٠ م).
_________
(٣٢) انظر كريمر، المرجع المذكور، ص ٨٩
(٣٣)
Schawahid- Indices. Indicesder Reimworterundder Dichterderindena rabischen Schawahid- Kommentarenundin verwandten Werkenerlauterte n Belegverse. Leipzig- Wien ١٩٤٥
(٣٤) انظر تقريرا لشپتالرفي جلسة الأكاديمية الپافاريه للعلوم المنعقدة في ٣/ ٧/ ١٩٧٠:
Sitzungsberichte der Bayerischen Akademieder Wissenschaften، philosophhistor. Klasse S. ١ - ٣
وما كتبه أولمن عن معجم العربية الفصحى:
M. Ullmann، Das Worterbuchderkla ssischenarabisch en Sprachein: Araberund Deutsche، Tubingen ١٩٧٤، ٢٥٦ - ٢٦٤
1 / 10
وينبغى لنا أن نذكر من بين المعاجم العربية التى نشرت في هذا القرن: «كتاب المخصص (٣٥)» و«كتاب المحكم (٣٦)»، لابن سيده (المتوفى سنة ٤٥٨/ ١٠٦٦)، و«التهذيب» للأزهرى (انظر ص ٢٠٢ بعد)، و«الجمهرة» لابن دريد (انظر ص ١٠٢ بعد)، و«مقاييس اللغة» و«المجمل في اللغة» لأحمد بن فارس (انظر ص ٢٠٩ و٢١١ بعد)، و«كتاب الجيم» لابى عمر الشيبانى (انظر ص ١٢١ بعد)، و«التكملة والذيل والصلة لكتاب تاج اللغة وصحاح العربية» (٣٧) للحسن ابن محمد بن الحسن الصّغانى (المتوفى سنة ٦٥٠/ ١٢٥٢)، والطبعة الجديدة الواضحة من «تاج العروس» لمرتضى الزبيدى (انظر ص ٢٠ بعد) التى ظهر منها تسعة عشر مجلدا إلى الآن (٣٨)./ ولم يخل هذا القرن أيضا من محاولات لتناول تاريخ نشأة المعاجم العربية وتطورها، إلا أنها على العموم لا تتصدى لمسألة المصنفات في اللغة قبل الخليل أو تكاد. وأول محاولة في هذه الناحية ندين بها إلى كرنكو
Fr. Krenkow
في مقاله «بدايات المعاجم العربية حتى عصر الجوهرى مع عناية خاصة بمصنفات ابن دريد» (٣٩):
The Beginningsof Arabic Lexicographytill thetimeofal- Jauhari With Special Referencetothe Worksof Ibn Duraid.
وكتب كريمر J.Kraemer بحثا متقنا في أمهات المعاجم العربية عنوانه «دراسات فى علم اللغة عند العرب Studien zuraltarabischen Lexikographie: (٤٠) «وظهرت بعد ذلك بزمن يسير دراسات واسعة مثل كتاب عبد الله درويش، «المعجم العربى مع
_________
(٣٥) نشره محمود الشنقيطى وآخرون، ١٧ جزءا في ٧ مجلدات، بولاق ١٣١٦ - ١٣٢١ هـ
(٣٦) نشره مصطفى السقا وحسين نصار وآخرون، وظهر منه إلى الآن ٦ أجزاء في ٣ مجلدات، القاهرة ١٩٧٠ - ١٩٧٩
(٣٧) نشره عبد العليم الطحاوى وعبد الحميد حسن وآخرون في ٦ مجلدات، القاهرة ١٩٧٠ - ١٩٧٩
(٣٨) الكويت ١٩٦٥ - ١٩٨٠
(٣٩) فى JRAS،Centenary Supplement،London ١٩٢٤،٢٥٥ - ٢٧٠:
(٤٠) فى Oriens ٦ /١٩٥٣ /٢٠١ - ٢٣٨: وانظر أيضا:
J. A. F. Akhidime، Contributionsoft he Muslim Worldtothe Scienceof Lexicographyin: Isl. Cult. ٥٣/ ١٩٧٩/ ١٥ - ٢٠
1 / 11
اعتناء خاص بمعجم العين للخليل بن أحمد» (٤١)، وكتاب حسين نصار، «المعجم العربى، نشأته وتطوره» (٤٢)، وكتاب هايؤد
J. A. Haywood
«المعجم العربى، تاريخه وموضعه من التاريخ العام للمعاجم» (٤٣):
Arabic Lexicography. Its History، and its Placeinthe General Historyof Lexicography
، وكتاب و. ر. غالى «المعجمات العربية ببليوجرافية شامله مشروحة» (٤٤) وينبغى لنا آخرا أن نذكر أيضا ما ظهر في العقدين الأخيرين من المراجع الببليوغرافية للغة العربية، التى تثبت ما ألّف في اللغة، فضلا عن الصرف والنحو، ونشرات النصوص:
Arabic Dialect Studies: ASelected Bibliography
«دراسات في اللهجات العربية العامية: ببليوجرافية مختارة» أصدرها سوبلمان» Selected Bibliographyof Arabic،١٩٦٠ - ١٩٦٧ (٤٥)، H Sobelman. ببليوغرافية مختارة للغة العربية» أعدّها بروشزكا» Bibliographyof Arabic Linguistics؛ (٤٦) Th.Prochazka ببليوغرافية لعلوم اللغة العربية» أعدّها محمد حسين باكلّا (٤٧) M.H.Bakalla
_________
(٤١) القاهرة ١٩٥٦
(٤٢) في مجلدين، القاهرة ١٩٥٦، وطبع مرة أخرى في القاهرة ١٩٦٨
(٤٣) ليدن ١٩٦٠ (انظر أ. شپتالر في، OLZ ٦٣ /١٩٦٨ /٥٠ - ٥٨ (وطبع طبعة ثانية في ليدن ١٩٦٥.
(٤٤) القاهرة ١٩٧١، وانظر ما كتبه في ٣٦٦ - ٣٤١/ ١٩٧٠ /١٠ MIDEO و١٢/ ١٩٧٤/ ٢٤٣ - ٢٨٧
(٤٥) واشنطون ١٩٦٢ ويحتوى على: «دراسات في العربية السورية» لفرجسون؛ C.A.Ferguson و«دراسات في العربية المصرية» لهارل؛ R.S.Harrell و«دراسات في العربية العراقية» لبلانك؛ H.Blanc و«دراسات في عربية شمال إفريقية» لإرفنج؛ T.B.Irving و«دراسات في عربية مالطة» لسيدون) P.P.Saydon انظر باكلا، ص ١٤٥، رقم ١٣٤٧).
(٤٦) واشنطون ١٩٦٧ (انظر باكلا، ص ١٢٨، رقم ١١٨٥)
(٤٧) ليدن ١٩٧٥ ع. الشلقانى: مصادر اللغة، الرياض ١٩٨٠
1 / 12
(ب) علم اللغة نشأته، وتطوره
ليس بين أيدينا دلائل ملموسة على اشتغال العرب اشتغالا ما قبل الإسلام بالبحث فى معانى الألفاظ، إلّا أن الروايات الاسلامية لا تدع مجالا للشك فى أن تفسير بعض ألفاظ القرآن قد غدا، فى أحيان كثيرة، أمرا ضروريا عند الصحابة.
وهذا الافتراض لا تسوّغه الأخبار الوافرة فقط بل يؤدى إليه النظر فيما تلا من تطور فروع العلم نفسها. وبين أيدينا أخبار لا تنقض عن أسماء كتب متقدمة، متعلقة بكتب الأمثال.
وأقدم مؤلفى كتب الأمثال المعروفين هم: المخضرمان عبيد بن شريّة (انظر تاريخ التراث العربى ١/ ٢٦٠)، وورقاء بن الأشعر لسان الحمّرة (انظر المرجع نفسه ١/ ٢٦٢)، والصحابى صحار بن العبّاس (أو عيّاش)، (انظر المرجع نفسه ١/ ٢٦١)، والنّخّار بن أوس العذرى، الذى ولد فى عهد الرسول (انظر المرجع نفسه ١/ ٢٦٢)، ولعلّ منهم علاقة ابن كرسم، الذى عاش في عهد يزيد بن معاوية (انظر المرجع نفسه ١/ ٢٦٤). ويرد ذكر بعض هؤلاء في كتب متأخرة مصنّفة في الأمثال.
_________
- ف. ح. الراضى. «حركة التأليف في لغة غريب الحديث»: مجلة المورد ٩، ٤/ ١٩٨٠/ ٦٤ - ٧٤ محمد حسن آل ياسين، «ما وضع في اللغة عند العرب إلى نهاية القرن الثالث»، المجلة السابقة، ص ٢٤٩ - ٢٦٦ ابتسام مرهون الصفّار، «معجم الدراسات القرآنية المطبوعة والمخطوطة»، المجلة السابقة، ص ٧٠٩ - ٧٥٢، و١٠، ٣ - ٤/ ١٩٨١/ ٣٩١ - ٤١٦؛ و١١، ٣/ ١٩٨٢/ ١٧٥ - ١٩٠ ألبير حبيب مطلق، الحركة اللغوية في الأندلس منذ الفتح العربى حتى نهاية عصر ملوك.
الطوائف، صيدا ١٩٦٧
L. Kopf، Studiesin Arabicand Hebrewlexicograp hy، Jerusalem ١٩٧٦
محمد حسن آل ياسين، الدراسات اللغوية عند العرب إلى نهاية القرن الثالث، بيروت ١٩٨٠
1 / 13
ونظرا إلى أن ابتداء الاشتغال بمسائل الأدب الدنيوى التى تندرج تحت علم المفردات، يرجع إلى ذلك العهد القديم، فإنه يترجّح أيضا رجوع المحاولات الأولى فى تفسير القرآن إلى العهد نفسه.
ومن البيّن بذاته أن أقدم تفاسير القرآن، أو بعضها على الأقل كانت ذات طابع معجمى، وهذا ما تؤيده الروايات.
وبقطع النظر عن بعض أحوال خاصة كان كبار الصحابة يسألون فيها العالمين تفسير ألفاظ غريبة في القرآن (٤٨)، فإن عبد الله بن العباس، ابن عم الرسول (المتوفى سنة ٦٨/ ٦٨٧ أو ٦٩/ ٦٨٨ أو ٧٠/ ٦٨٩؛ انظر تاريخ التراث العربى ١/ ٢٥)، يعدّ أوّل مفسر حقيقى للقرآن. وحفظت لنا الرواية اسم معلّم واحد على الأقل أخذ عنه ابن عباس تفسير الألفاظ، / هو أبو الجلد غيلان بن فروة الذي أشادوا بأنه جمع وقرأ كتبا كثيرة (٤٩).
ووصلت إلينا عدّة كتب أفردت لتفسير عبد الله بن العباس لغريب القرآن أو مشكله. وبعض هذه الكتب قد نقحها تلاميذه، دون ريب، أمّا بعضها الآخر فلم ينقّح إلا في عصر متأخر. على أن ثمة تأليفين يرجعان، بقطع النظر عمّا لحقهما من تغييرات يسيرة، إلى عبد الله بن العباس نفسه، ويبدو أن اعتراضات جولد تسيهر على صحة نسبتهما إليه ليس لها ما يسوّغها (انظر تاريخ التراث ١/ ٢٥ - ٢٦). وأحد هذين التأليفين هو تفسيره برواية على بن أبى طلحة الهاشمى (المتوفى سنة ١٢٠/ ٧٣٨)، والآخر هو «مسائل نافع بن الأزرق». ويحتوى أولهما على تفسير ألفاظ من القرآن، وقد حظى منذ زمان متقدم بتقدير طائفة من علماء المسلمين. والنقد الذي وجّه إلى رواية على بن أبى طلحة ل «التفسير»، ويقول بأنه روى النص دون قراءته على ابن العباس، كان ينبغى أصلا أن يفهم منه أن تحرير النص كان لابن العباس نفسه، وأنّ على بن أبى طلحة لم يقم إلّا برواية أصل مدوّن خلو من «القراءة المستحبّة على المؤلف».
_________
(٤٨) انظر جولد تسيهر، «مذاهب التفسير الاسلامى».
I. Goldziher، Die Richtungenderisl amischen Koranauslegung، Leiden ١٩٥٢، ٧٠.
(٤٩) انظر تاريخ التراث العربى ١/ ٢٦، والتصحيف للعسكرى ص ٤٠٩.
1 / 14
وهذه الرسالة التى بقيت لنا على الأقل في تفسير محمد بن جرير الطبرى وتحوى نحوا من ألف شرح، يجوز أن نعدها أول آثار علم المفردات في العصر الاسلامى.
(انظر تاريخ التراث ١/ ٢٦ و٢٧).
أما المجموعة الثانية من تفسير معانى الألفاظ لعبد الله بن العباس التى تعرف في الكتب باسم «مسائل نافع بن الأزرق»، فهى عبارة عن أبيات من الشعر القديم، يستشهد بها عبد الله بن العباس على مائتى كلمة من القرآن، قدّمها له زعيم الخوارج نافع بن الأزرق ليفسرها. وللأسف لا تفصح لنا المصادر عن تفاصيل هذه الواقعة، ومن ثمة فإننا نعتمد على تصورنا، وبحسبه قدّم نافع بن الأزرق أسئلته مدونة إلى عبد الله بن العباس الذى احتاج إلى بعض الوقت للإجابة عنها، ولعله رجع أيضا في ذلك إلى تآليف بعض معاصريه. وموقف جولد تسيهر من هذه المسألة- وقد نعت هذا الخبر بأنه أسطورة مدرسية (٥٠) - مرتبط/ بالتصور السائد في عصره، وبحسبه لم تبدأ علوم اللغة العربية إلا في زمان متأخر. أمّا بالنسبة لمؤلف تاريخ التراث العربى فيقتصر السؤال على ما إذا كان القول بمسألة الأصالة يوافق ابتداء علوم اللغة العربية في زمان متقدم.
ومن رأيى أنه لا بدّ من الإجابة عنه بالإثبات، وإن رواية واحد من أعلام اللغويين ومتقدميهم كأبى عبيدة (عاش من نحو سنة ١١٠/ ٧٢٨ حتى ٢١٠/ ٨٢٥) لهذه الأبيات (انظر تاريخ التراث ١/ ٢٧) لمّا يدعونا إلى الاحتراز من إنكار أصالتها.
وقد تابع البحث فى مفردات القرآن تلامذة عبد الله بن العباس، نحو مجاهد وسعيد بن جبير وقتادة (٥١) والضحاك، ونجم عن ذلك فيما بعد نوعمن المؤلفات هو «غريب القرآن»، انفصل به التفسير اللغوى عن التفسير المتعلق بالمسائل الدينية.
وثمة أسباب كثيرة تؤيد احتمال أن البحث في المفردات لدوافع دنيوية قد بدأ تقريبا في ذلك العهد المتقدم الذى بدأ فيه تفسير القرآن. وفضلا عن كتب «الأمثال» التى أومأنا إليها آنفا، فقد شجّع الاشتغال المبكر بجمع الشعر وشيوع الاهتمام بالتاريخ
_________
(٥٠) المرجع المذكور، ص ٧٠.
(٥١) نشر حاتم صالح الضّامن كتابه «الناسخ والمنسوخ في كتاب الله» (انظر تاريخ التراث العربى ١/ ٣١) في مجلة: المورد ٩، ٤/ ١٩٨٠/ ٤٧٩ - ٥٠٦.
1 / 15
والأدب (انظر تاريخ التراث ٢/ ٣٣ - ٣٦) على الاشتغال بالشرح والتفسير، تيسيرا لفهم النصوص المتعلقة بتلك الفنون.
ولا نعلم الآن إلى أى زمان تعود أولى المحاولات عند المسلمين لوضع نوع من المعاجم يشرح معانى الألفاظ المشكلة، دون أن يرتبط بنصوص معينة. وأقدم ما نعرفه اليوم من تآليف هذا الفن هو ما نظم من القصائد التعليمية موسوما باسم «قصيدة في الغريب». وقد ذكر ابن النديم (ص ١٧٠) طائفة من تلك القصائد التى لا يعرف بعض ناظميها أو رويت أسماؤهم مصحّفة، مثل «قصيدة الشّرقى بن القطامى» (انظر ص ١١٥ بعد)، و(قصيدة الأبزارى) (؟) و«قصيدة شبيل بن عزرة» (انظر ص ٢٣ بعد) و«قصيدة موسى بن حزنبل». ويحتمل أن نظمها كان قبل منتصف القرن الثانى للهجرة/ الثامن للميلاد. وأن بعضا منها نظم حوالى منقلب القرن الأول/ السابع إلى القرن الثانى للهجرة/ الثامن للميلاد. وليست قائمة ابن النديم بكاملة؛ وممّا يدلنا على ذلك أنها لا تشتمل على «قصيدة الغريب» لجعفر بن بشّار الأسدى التى وصلت إلينا (انظر ص ٢٧ بعد).
وحرىّ بالملاحظة أن هذه التآليف المعجمية المبكرة قد وضعت في قالب القصائد التعليمية، ذلك القالب الذى نجده في المؤلفات الكيميائية لخالد بن يزيد (المتوفى بعد سنة ١٠٢/ ٧٢٠، انظر تاريخ التراث ٤/ ١٢٠ وما بعدها)، وفي مبحث في الطب لتياذق (المتوفى نحو سنة ٩٥/ ٧١٤، انظر تاريخ التراث ٣/ ٢٠٨)./ وبناء على تطور التراث العربى في مجالات العلوم النظرية والطبيعية الأخرى يتسنى لنا افتراض أنه- فيما عدا القصائد التعليمية المذكورة آنفا- قد عولجت أيضا، ابتداء من أواخر القرن الأول للهجرة/ السابع للميلاد، موضوعات معجمية في تآليف مفردة، ومع ذلك فإنّنا عند ذكر أسماء المؤلفات المتقدمة لا نملك إلّا الاعتماد على إشارات عارضة في مصادرنا. ولعلّ أقدم ما نعرفه من أسماء تلك المؤلفات هو «كتاب يوم وليلة» لابى بصير يحيى بن القاسم الأسدى (٥٢) (المتوفى سنة ١٠٥/ ٧٢٣).
ومن الطريف أيضا ما يحكى عن أبي عمرو بن العلاء من أن «كتبه التى كتبها عن
_________
(٥٢) انظر الرجال للنجاشى، ص ٣٤٤، تاريخ التراث العربى ٧/ ٣٣٨.
1 / 16
العرب الفصحاء قد ملأت بيتا له إلى قريب من السقف، ثم إنه تقرّأ (أى تنسّك) فأحرقها كلها.» (٥٣) وبالإضافة إلى ما نقل عن مصنّفه «كتاب الأمثال» يبدو أن نقولا كثيرة من تأليف آخر له أو أكثر في اللغة قد حفظت لنا في مؤلفات للغويين متأخرين (انظر ص ٥١ بعد). وبوسعنا إذن أن نتصور أن ثمة كذلك لغويين آخرين من ذلك العصر المتقدم. لا نعرفهم، قد ساهموا بمصنفاتهم في تطور المعاجم. (٥٤) وقد كان للعلماء المعروفين «بفصحاء الأعراب» دور ذو أهمية خاصة في نشأة المعاجم العربية. والنظر إليهم على أنهم بدو كانوا يجهلون القراءة والكتابة، يناقض أخبار المصادر التى تذكر تآليفهم المفردة وكتبهم في النوادر (انظر ص ٢٤ وما بعدها).
ولأبى خيرة نهشل بن زيد، وهو أحد متقدمى فصحاء الأعراب، كتابان معروفان، هما: «كتاب الحشرات» و«كتاب الصّفات». والظاهر أن الكتاب الثانى الذى جاءنا منه عدد كبير من النقول، كان معجما لا يزال ضئيلا، إلّا أنه رتّب على الموضوعات (انظر ص ٢٨ بعد).
ومن جهة سعة المجالات المدروسة فإن تصنيف المعاجم العربية قد بلغ مرحلة جديدة بنشوء كتب النوادر. وقد استطاع مصنّفو هذه الكتب أن يدخلوا فيها مادة غزيرة دون أن يلزموا أنفسهم مراعاة نظام بعينه.
وقد سلكت طائفة من علماء اللغة المتقدمين كأبى عمرو بن العلاء (انظر تاريخ التراث العربى ٢/ ٨٦) وأغلب فصحاء الأعراب سبيل هذا النمط من المؤلفات العربية التى كانت في الوقت ذاته مجموعة من مادة الشعر.
إن عملية التصنيف، أى العرض المرتّب للمادة كلها التى كانت تعالج حتى ذلك الحين في تآليف مفردة أو على نمط كتب النوادر من غير تبويب، قد بدأت حوالى منتصف القرن الثانى للهجرة/ الثامن للميلاد مثلما بدأت في كثير غيرها من مجالات العلوم النظرية. ويمكن أن يكون ترتيب المادّة اللغوية بحسب الدلالة أسبق زمانا من ترتيبها بحسب الموضوعات.
_________
(٥٣) البيان والتبيين للجاحظ ١/ ٣٢١.
(٥٤) انظر: حسين نصار، المعجم العربى، الجزء الأول، القاهرة ١٩٦٨، ص ٢٠٦.
1 / 17
ويستند هذا الاحتمال إلى التشابه بين «كتاب الصفات» لأبى خيرة (المتوفى سنة ١٥٠/ ٧٦٧، انظر ص ٢٨ بعد) وكتاب تلميذه النضر بن شميل، الموسوم بالاسم نفسه، والمرتب على الموضوعات (انظر ص ٥٨ بعد).
ولهذا الاحتمال سند آخر، وهو أن القاسم بن معن الكوفيّ (المتوفى سنة ١٧٥/ ٧٩١)، وهو معاصر لأبى خيرة وأصغر منه سنا، كان له كتاب معروف عنوانه «الغريب المصنف»، وكان كذلك مرتّبا على حسب الدلالة (انظر ص ١١٦).
وثمة منهج آخر نتبيّنه في كتابين نشأ كل منهما مستقلا عن الآخر فيما يبدو.
الأول «كتاب العين» للخليل بن أحمد، والآخر هو «كتاب الجيم» لأبى عمرو الشيبانى. ويبدأ أولهما بحرف العين، وهو مبنى على ترتيب مخارج الحروف، وتقليب الأصول التى يتألف منها الجذر (٥٥). ومن خلال نقاش طويل بين المشتغلين بالدراسات العربية يبدو من المحقق الآن أن الخليل قد تأثر بنظام ترتيب الأصوات عند الهنود (٥٦).
وقد ظل منهج الخليل هذا قائما معمولا به طوال عدّة قرون إلى جانب مناهج أخرى، وطبع بطابعه عدد من المعاجم المهمة، مثل «كتاب البارع» لأبى على القالى، و«تهذيب اللغة» للأزهرى، و«كتاب المحيط» للصاحب بن عبّاد (٥٧) وبإزاء هذا جرت لأول مرة في «كتاب الجيم» محاولة ابتدائية لم تحكم لترتيب الألفاظ على حروف المعجم، ذلك أن أبا عمرو الشيبانى قد جمع في كل باب من الأبواب كل الجذور التى/ تتحد في أول أصولها (٥٨).
والظاهر أن معاصره النّضر بن شميل (المتوفى سنة ٢٠٣/ ٨١٩، انظر ص ٥٩
_________
(٥٥) انظر كريمر، دراسات في تصنيف المعاجم العربية.
J. Kraemer، Studienzuraltara bischen Lexikographiein: Oriens ٦/ ١٩٥٣/ ٢٠٧.
(٥٦) انظر قلد، كتاب العين والمعاجم العربية:
St. Wild، Das Kitabal- Ainunddiearabisc he Lexikographie، Wiesbaden ١٩٦٥، s. ٣٧ ff.
(٥٧) انظر كريمر، المرجع المذكور، ص ٢٠٧
(٥٨) انظر ديم، كتاب الجيم لأبى عمرو الشيبانى (اطروحة دكتوراة):
W. Diem، Das Kitabal- Gimdes Abu Amras- Saibanl ... Munchen (Diss.) ١٩٦٨، S. ٢٤
1 / 18
بعد)، وفيما بعد شمر بن حمدويه (المتوفى سنة ٢٥٥/ ٨٦٩، انظر ص ١٩١ بعد) قد نهجا هذا النهج في كتابيهما الموسومين بالاسم نفسه (٥٩).
وقد جرى على هذا الترتيب الأبجدى غير المحكم بعض من جاء بعدهما من علماء القرن الرابع كأبى بكر محمد بن عزير السجستانى (المتوفى سنة ٣٣٠/ ٩٤٢، انظر تاريخ التراث العربى ١/ ٤٣) في كتابه «غريب القرآن»، وأحمد بن محمد بن ولّاد (المتوفى سنة ٣٣٢/ ٩٤٣، انظر «فصل النحو») في كتابه «المقصور والممدود» (٦٠)، وأبى الطيب عبد الواحد بن على اللّغوى (المتوفى سنة ٣٥١/ ٩٦٢، انظر ص ١٧٧ بعد) في «كتاب الإتباع» و«كتابالأضداد» وغير ذلك (٦١).
والتزام مبدأ الترتيب على حروف المعجم التزاما دقيقا في مجال تصنيف المعاجم وفهرسة الكتب ثابت مشهور. وأوسع مصنف يلتزم بهذا الترتيب هو موسوعة أبى الفتح محمد بن محمد بن على العوفى (صنفها نحو سنة ٨٩٣/ ١٤٨٨) الموسومة ب «الكشف والبيان عن صفات الحيوان» والتى وصلت إلينا بخطة في ٦٢ مجلدا (من الألف إلى القاف)، والظاهر أنه لم يتمها (٦٢).
وثمة مبدأ آخر للترتيب غريب في نوعه إلا أنه يناسب العربية مناسبة حسنة، ترتب بمقتضاه الجذور بحسب أواخرها؛ ويبدو أن مبتدعه هو البندنيجى (المتوفى سنة ٢٨٤/ ٨٩٧، انظر ص ١٧٠ بعد). وقد جرى عليه ابو نصر اسماعيل بن حماد الجوهرى (المتوفى سنة ٤٠٠/ ١٠١٠، انظر ص ٢١٥ بعد) في معجمه «كتاب الصّحاح» (أو «تاج اللغة وصحاح العربية»).
وقد غدا هذا المبدأ أشبه بقاعدة متبعة في تصنيف المعاجم فيما تلا من الأدوار.
وقد أفضى «كتاب الصحاح» بشروحه المتعددة وذيوله آخر الأمر إلى نشأة المعاجم الضخمة مثل «لسان العرب» لمحمد بن مكرّم بن منظور (المتوفى سنة ٧١١/ ١٣١١،
_________
(٥٩) المرجع نفسه ص ٣٨
(٦٠) المرجع نفسه ص ٣٣
(٦١) انظر كريمر، المرجع المذكور، ص ٢١٥
(٦٢) انظر ريشر O.Rescher،in ZDMG ٦٨ /١٩١٤ /٣٨٤ وبروكلمان، الملحق ٢/ ٥٨.
1 / 19
انظر ص ٢٠ بعد)، و«تاج العروس» لمحمد ابن مرتضى الزبيدى (المتوفى سنة ١٢٠٥/ ١٧٩١، انظر ص ٢٠ بعد).
على أن الشغف بطريقة ترتيب المادة بحسب المخارج أو على حروف المعجم سواء كانت تبعا للأصل الأول أو الأخير من الجذر، لم ينسخ طريقة الترتيب على الموضوعات.
إن الاشتغال بالتصنيف الذى بدأ نحو منتصف القرن الثانى للهجرة/ الثامن للميلاد (انظر آنفا ص ١١) استمر بهمة لا تكلّ حتى منتصف القرن الخامس للهجرة/ الحادى عشر للميلاد. وينبغى أيضا أن نخص بالذكر «الغريب المصنف» لأبى عمرو الشيبانى (انظر ص ١٢٢ بعد)، و«كتاب الصفات» للنضر بن شميل (انظر ص ٥٨ بعد)، و«الغريب المصنف» لأبى عبيد القاسم بن سلام (المتوفى سنة ٢٢٤/ ٨٣٨، انظر ص ٨٢ بعد) الذى قيل إنه كان يحوى ١٧٧٧٠ كلمة بحسب إحصاء الزّبيدى (٦٣). ومن الممكن أن «كتاب العالم في اللغة» لأحمد بن أبان بن السّيد (المتوفى سنة ٣٨٢/ ٩٩٢) كان أوسع مصنّف من هذا الضرب. وقيل أنه كان في مائة مجلد لم يصل إلينا منها إلا مجلد واحد للأسف. ويعوّضنا قليلا من ضياع هذا المؤلّف «كتاب المخصص» لعلى بن اسماعيل بن سيده (المتوفى سنة ٤٥٨/ ١٠٦٦، انظر تاريخ التراث العربى ٧/ ٣٦٥) وهو معجم دلالىّ في خمسة عشر مجلدا وقد وصلت إلينا عدة مخطوطات منه، وطبع.
والأرجح في الاحتمال أن غنى اللغة العربية الظاهر في الالفاظ المترادفة (٦٤) (وتسمى عند الاصمعى وغيره «ما اختلف لفظه واتفق معناه») قد أفضى في دور متقدم من أدوار الاشتغال بعلوم اللغة إلى ترتيب الألفاظ بحسب الدلالة.
وتولدت من أمثال هذه المؤلفات أنماط أخرى للترتيب، فظهرت في مقابل كتب المترادفات تصانيف في المشترك اللفظى، أى الألفاظ المؤتلفة في اللفظ، المتباينة في المعنى («كتاب ما أتفق لفظه واختلف معناه») مثل الكتب التى صنفها الأصمعى،
_________
(٦٣) انظر بغية الوعاة للسيوطى ص ٣٧٧؛ حسين نصار، المعجم العربى ١/ ٢٠٧.
(٦٤) انظر جولد تسيهر I.Goldziher،Muh.Stud.I،٢١٢ - ٢١٦:
1 / 20
وأبو العميثل، والمبرّد، والأحول، وغيرهم. وينبغى أيضا أن نذكر هنا المجموعات القديمة نوعا ما للألفاظ التى تدل على المعنى وضده («كتابالأضداد») (٦٥)، مثل كتب قطرب، وأبى عبيدة، والأصمعى، وابن السكيت وغيرهم؛ وكذلك الكتب الموضوعة على مبدأ الاشتقاق («كتاب الاشتقاق») مثل كتب الأصمعى، والمبرّد، وابن دريد، وآخرين غيرهم؛ والتآليف الموضوعة في الأخطاء اللغوية («ما يلحن فيه العامة») مثل كتابى أبى حاتم السجستانى والمازنى.
وقد ألّف العلماء كتبا لغوية كثيرة وواسعة في موضوعات مفردة/ مثل كتب «غريب القرآن» وكتب «غريب الحديث» و«المصباح المنير في غريب الشرح الكبير» لاحمد بن محمد بن على الفيومى (المتوفى بعد سنة ٧٧٠/ ١٣٦٨، انظر بروكلمان، الاصل ٢/ ٢٥) لأغراض فقهية، أو معاجم جغرافية، كان ثمرة تطورها آخر الأمر «معجم البلدان» لياقوت الحموى (المتوفى سنة ٦٢٦/ ١٢٢٩)، ومعاجم في النبات، نخص منها بالذكر «كتاب النبات» لأبى حنيفة الدينورى (المتوفى سنة ٢٨٢/ ٨٩٥، انظر ص ١٦٩ بعد) في ستة مجلدات، ومعاجم في الأدوية مثل المصنّف الضخم «جامع الأدوية المفردة» لأبى بكر حامد بن سمجون (حوالى آخر القرن الرابع للهجرة/ العاشر للميلاد، انظر تاريخ التراث العربى ٣/ ٣١٦)، و«كتاب الجامع لمفردات الأدوية والأغذية» و«كتاب المغنى في الأدوية المفردة» لعبد الله بن أحمد بن البيطار (المتوفى سنة ٦٤٦/ ١٢٤٨، انظر بروكلمان الملحق ١/ ٨٩٦).
وبعد هذه العجالة في نشأة المعاجم العربية وتطورها، نوجز القول في مكانها من التاريخ العام (للمعاجم).
أمّا مبلغ ما كان عند العرب في الجاهلية من اهتمام بالأمور اللغوية- وهو أمر
_________
(٦٥) انظر في هذا الموضوع الكتاب الذى قام على نشره شارنى:
J- P. Charnay (ed.)، L'ambivalencedan slaculturearabe، Paris ١٩٦٧
ويتضمن مقالات عديدة في الأضداد.
1 / 21
لا يستبعد- ومدى تأثرهم في ذلك بالحضارات الأجنبية، فلا علم لنا بهما (٦٦). ومما يفوق الترجيح أن تأثيرا أجنبيا كان قائما في صدر الإسلام ومن بعده، جرّ إليه الاختلاط بأصحاب الحضارات الأجنبية، وإن لم تترجم مؤلفات معجمية إلى العربية.
وكان المسلمون في القرن الأول للهجرة/ السابع للميلاد يدركون هذا التأثير، على ما يؤخذ من قول أبى مسلم، مؤدب الخليفة عبد الملك بن مروان (المتوفى سنة ٨٦/ ٧٠٥) الذى انتقد فيه النحاة العرب:
قد كان أخذهم في النحو يعجبنى ... حتى تعاطوا كلام الزّنج والرّوم (٦٧)
أما مسألة تأثر الخليل بترتيب الهنود لحروف الأبجدية تبعا لمخارجها فيمكن عدّها أمرا مفروغا منه.
وفي هذا المجال خاصة فإن تأثر أصحاب حضارة ما بحضارة أخرى أو تلقّيهم تراث حضارة أجنبية في مرحلة نشوء علم من العلوم وتطوره لا يغض البتة مما لهم فيه من إنجازات وإضافات مبتكرة.
على أنّ المهم في الأمر هو أن تكون الظروف/ مهيّأة في أحد المجتمعات مع توافر القدرة والاستعداد جميعا لإدراك العناصر التى يجدى اقتباسها، ثم المداومة على بحثها وتنقيحها.
ومن وجهة النظر هذه ينبغى لنا أن نقدر أيضا مؤلفات العلماء العرب والمسلمين قدرها في التاريخ العام للعلوم. ويعدّ أول حافز إلى تفسير الالفاظ عند المسلمين هو جهودهم الأولى لفهم نص القرآن. وبقطع النظر عن بعض نواحى القصور، من وجهة نظرنا العلمية الحديثة، فإن للغويي العرب انجازات جليلة «لا يضاهيها إلا
_________
(٦٦) ينبغى أن ننبه هنا إلى أنه وجدت في بلاد الرافدين في الألف الأول ق. م قائمة مترادفات بالأكدية، مرتبة على الموضوعات، فضلا عن مجاميع أخرى من المترادفات، انظر دورنزيف:
Fr. Dornseiff، Derdeutsche Wortschatznach Sachgruppen، Berlin ١٩٥٩، ٣٠.
(٦٧) انظر طبقات الزبيدى ص ١٣٦؛ إنباه الرواة للقفطى ٣/ ٢٩٢؛ بروكلمان الملحق ١/ ١٥٥ - ١٥٦؛ تاريخ التراث العربى ١/ ٢٣ - ٢٤.
1 / 22
انجازات الصينيين» (٦٨) بالنظر إلى المبادئ الداخلية والحجم الخارجى كذلك.
ومهما كان من أمر التأثيرات الأجنبية والمدى الذى بلغته فإن «فن المعاجم العربية .. شبّ تماما في بيئة فكرية إسلامية، وتحرّر من النماذج الأجنبية، وتطورت مناهجه تطورا مستقلا» (٦٩).
وينبغى لنا أيضا أن نذكر فضلا عن ذلك أن الاشتغال المركّز باللغة قد حدا ببعض من يؤلفون بالعربية من اللغويين إلى وضع علم منهج البحث في اللغة وعلم المدخل (٧٠).
وما زلنا نفتقر إلى دراسة في تاريخ هذا الفرع من علوم اللغة العربية (علم مناهج البحث والمداخل)، وما زالت مسألة رواده الأوائل تفتقر إلى جواب. ومن أهم ما صنّف في ذلك «كتاب الخصائص» لابن جنى، و«كتاب استخراج الالفاظ من الأخبار» لثعلب (انظر ص ١٤٦ بعد)، و«كتاب الصاحبى» لابن فارس (انظر ص ٢١١ بعد)، وعوّل الثعالبى في كتابه «فقه اللغة وسر العربية» (انظر ص ٢٣٣ بعد) إلى حد بعيد على كتاب ابن فارس. هذا ويعد السيوطى بمصنّفه «كتاب المزهر» أهم من نعرفه من أصحاب هذا الفرع، وأحدثهم عهدا./
_________
(٦٨) انظر فيشر في مقدمة معجمه (انظر آنفا ص ٤)، وكريمر، الموضع المذكور، ص ٢٠١
(٦٩) انظر قلد، المرجع المذكور ص ٨.
(٧٠) انظر جولدتسيهر:
I. Goldziher، Beitragezur Geschichteder Sprachgelehrsamk eitbeiden Arabernin: SBAW Wien ٧٣/ ١٨٧٣/ ٥١١ ff. (Gesammelte Schriften I، ٨٧ ff.)
وكريمر، الموضع المذكور، ص ٢١٣.
1 / 23