158

History of Andalusian Literature (The Era of Cordoba's Dominance)

تاريخ الأدب الأندلسي (عصر سيادة قرطبة)

Yayıncı

دار الثقافة

Baskı

الأولى

Yayın Yılı

١٩٦٠

Yayın Yeri

بيروت

Türler

ويقول الحميدي أيضًا انه سريع القول (١)، كأنه يعني انه يعتمد على ما يشبه البديهة، ولكن الناظر في كثير مما بقي من شعره يحس بالجهد والتروي، والغوص والتعمق.
وقد انتهى إليه الموروث الشعري كما يمثله الغزال من ناحية وابن عبد ربه، من ناحية أخرى، من خلال أستاذه ابن هذيل، فنزع فيه وأغرق وتجاوز حدود هؤلاء الثلاثة الكبار خطوة جديدة في المغالاة والإغراق، وقد أقام ابن هذيل شعره على الصنعة المنحوتة وطل الصورة الغربية مجانيا طريقة الغزال في قلة الاحتفال بالصقال، فمما يلتزم ابن هذيل فيه المطابقات وحب التصوير قوله (٢):
فأنا الطائع المشوق لمن صا ... ر يريني الهوان في عصيانه مر بي خاطرا يكاد من العجب به أن يراع في ريعانه ...
في ملاء كأنه وهو فيها ... ورد خديه في جنى سوسانه يتشكى الفتور من كسل المشي ولا يشتكيه من أجفانه ... فمقابلة الطاعة بالعصيان واشتكاء الفتور في المشي دون الفتور في الأجفان، ثم هذه الصور الغريبة: صورة الذي يكاد ان يراع من عجبه وصورة المحبوب في ملاءة كالورد الذي قد التف من حوله السوسن، كل ذلك يدل على هذه الصنعة الشعرية المشوبة بطلب الأغراب، ثم هنالك الإغراق الذي يشارف حدود الإحالة، كقوله (٣):
يكاد يضيق الجو من عظم زفرتي ... وتهفو نجوم الليل من فرط إعوالي
أبى غير تعذيبي ولو أمر الردى ... أطاع، ولكن فعله هو إنكالي ومن شغفه بالرسم المستغرب المستطرف نجده يقول (٤):

(١) الجذوة: ٣٤٦
(٢) اليتيمة ١: ٣٦٦
(٣) المصدر نفسه: ٣٦٧
(٤) المصدر نفسه: ٣٦٧

1 / 162