182

History of Andalusian Literature (Era of the Taifas and Almoravids)

تاريخ الأدب الأندلسي (عصر الطوائف والمرابطين)

Yayıncı

دار الثقافة

Yayın Yeri

بيروت - لبنان

Türler

وبين النكبتين الثانية والثالثة؟ نكبة طليطلة وبلنسية - حدثت واقعة لا نعدها نكبة من سياق ما وصفناه، ولكن كثيرا من الأندلسيين عدها كذلك، ونعني بها انهيار دول الطوائف عامة ودولة بني عباد خاصة، وبما أن سائر دول الطوائف لم تحظ من بكاء الشعراء ونأسفهم على زوالها بسيء كثير (سوى مراثي ابن عبدون في بني الأفطس أصحاب بطليموس) ولما كانت دولة بني عباد هي التي استأثرت بأكثر الأسى والتفجع فلا بد من ان تقصر الحديث عليها:
لقد كان افول نجم المعتمد يمثل في نفوس طائفة كبيرة من الناس حقيقة المأساة اكثر مما تمثله النكبات المتلاحقة التي تخطفت المدن وزعزعت السيادة العربية عامة. وإذا تأملنا هذا الموقف وجدنا ان قصة انهيار " البطل " الحامي للأدب والشعر كانت أعمق أثرًا في النفوس من سواها، إذا نحن حكمنا على ذلك من مدى الحزن في الشعر المتصل بها. ويبدو ان قصة " العزيز الذي ذل " كانت تثير العواطف اكثر مما تثيرها ضياع أجزاء عزيزة من الوطن، وما ذلك إلا لان الشاعر الأندلسي ربط " مقدراته " بالفرد الحامي، فلما فقد هذا الفرد أدركه اليأس الغالب. ولسنا ننكر الإخلاص في هذا الموقف ولكنا نريد أن نؤكد حقيقة هامة، وهي ان سقوط بربشتر أو بلنسية أو طليطلة لم يثر من الشعر والنثر فلا قدرا يسيرا إذا قسمناه إلى ما أثاره سقوط المعتمد، أي ان النكبة الجماعية لم تكن ذات تأثير عميق كالنكبة الفردية، لا من حيث الكم ولا من حيث النوع في الأدب المستثار. وربما لم نجد في الشعر الأندلسي عاطفة اعمق غورا وأشد لهبا عاطفيا من تلك القصائد التي قالها ابن اللبانة وابن حمديس وابن عبد الصمد في نكبة المعتمد.
ما السر في ذلك؟ هل هو تحدد الصلة بين الفرد الشاعر وراعيه

1 / 188