Yeşil At Asfalt Sokaklarda Ölüyor

Abdülgaffar Mekkavi d. 1434 AH
69

Yeşil At Asfalt Sokaklarda Ölüyor

الحصان الأخضر يموت على شوارع الأسفلت

Türler

نعم! لقد فوجئ الناس به في ذلك اليوم وهو يسير عجوزا وحيدا يتوكأ على عصاه، ويحمل جرابه على ظهره، ومصباحا في يده؛ أجل كان يحمل مصباحا كبيرا في يده اليمنى المرتعشة من الضعف والجوع والعذاب، مصباحا مضيئا في عز النهار. كانت الشمس في منتصف الظهيرة، شمس حامية ترسل حممها الخالدة على رءوس الأثينيين الذين يحتمون منها بكل وسيلة.

نعم إنه الكلب بعينه؛ الكلب الفيلسوف الشحاذ يمضي في شوارع أثينا، والشمس في الظهيرة، ومصباحه الزيتي الكبير يتأرجح بشعلته الملتهبة في يده؛ هل جن هذا الكلب المسكين؟ ألم يكتف ببرميله القذر المنتفخ فيظهر الآن بمصباحه في ضوء النهار؟ هل شبع من عض الناس بكلماته وأسنانه ويريد الآن أن يحرقهم بناره ودخانه؟ ثم من أين له هذا المصباح والزيت والزجاجة وهو لا يملك ثمن حبة ملح ولا حذاء؟ وما حاجته إليه وهو ينام راضيا منذ سنين في قاع البرميل؟ ومن أين له هذه الكلمات الفصيحة التي يطلقها الآن مع كل خطوة: أين الإنسان؟ أين الإنسان؟

إنهم بعد المفاجأة يتجمعون حوله، وكالعادة يبدأ الأطفال بسؤاله: عم تبحث يا عجوز؟

فيقول: أبحث عن إنسان! أبحث عن إنسان!

وتنقلب الحكاية إلى لعبة، ويبدأ الناس بعد ذهول المفاجأة في الضحك بصوت عال، ثم يفيق الأطفال ويبدءون بإلقاء الأحجار، وينطلق الصوت أعلى من صوت الضحكات ومن تهشم الزجاج: أين الإنسان؟ أين الإنسان؟

لا يدري أحد كيف انتهت جولة ديوجينيس في شوارع أثينا؟ ولا يدري أحد ماذا حدث له في ذلك اليوم العجيب؟

ربما يكون الجنود قد قبضوا عليه ووجدها الحكام فرصة ليستريحوا منه أخيرا في سجن يموت فيه! أو يكون الأطفال هشموا مصباحه ومعه وجهه العجوز وهيكله الفاني، أو ربما يكون المصباح نفسه قد اشتعل وامتدت النار إلى يديه وذراعيه وأكلت بقايا ردائه المتسخ!

لا ندري ماذا كان مصيره؟ لكن ما زالت صرخته تتردد تحت الشمس السوداء: أين الإنسان؟ أين الإنسان؟ (1968م)

وقائع يوم أسود

إلى ضياء الشرقاوي في رحاب الله

Bilinmeyen sayfa