Hinduizm: Çok Kısa Bir Giriş
الهندوسية: مقدمة قصيرة جدا
Türler
في عام 1902، دعي مهراجا جايبور مادهو سينج إلى لندن لحضور حفل تتويج الملك إدوارد السابع، وكان من اللائق أن يحضر مادهو سينج الحفل؛ لأن إدوارد كان إمبراطور الهند، وكان حاكم جايبور يدين له بالولاء، لكن الملك الهندوسي ملأه الخوف بشأن فكرة عبور المحيط وقبول الدعوة البريطانية؛ ففي نظره، كانت بريطانيا العظمى دولة بربرية قصية تقع في القطاع الشمالي الغربي من «البحر الأسود» غير المبارك. وما كان مادهو سينج ليحافظ على شخصه المقدس في تلك البيئة الغريبة. وكانت تلك الرحلة ستعرض رعاياه للخطر؛ لأنه عند تتويجه ملكا صار أهل جايبور جزءا من جسده عن طريق الطقوس المصاحبة لهذا التتويج، وإذا أصاب مادهو سينج الدنس شخصيا في أثناء رحلته، فسوف تدنس أرضه وشعبه أيضا؛ ومن ثم، واجه مادهو سينج معضلة، فكان بإمكانه السفر إلى بريطانيا العظمى، لكن بشرط ألا يترك الهند. وتوصل في النهاية إلى حل لمشكلته باستئجار سفينة، هي «إس إس أوليمبيا»، وأمر بتطهيرها بالكامل وتقديسها طقسيا على يد كاهن جايبور الملكي، ونقل الأرز والفاكهة المجففة والخضراوات والماء إلى السفينة، إلى جانب الأبقار والعلف لإمداد الملك باللبن الطازج يوميا، وجلب بعض التراب من أرض الهندوس المقدسة (بهاراتافارشا) وماء من نهر الجانج لتخزينه على السفينة كي يتمكن الملك من أداء طقوس الاغتسال اليومية الخاصة به وتطهير الأشياء الغريبة المحيطة به، وفي تلك البيئة المباركة، نقل مادهو سينج بأمان إلى بريطانيا.
لكن مادهو سينج، مثلما سيشير برهارت بعد ذلك، لم يكن أول هندوسي يواجه هذه المشكلة؛ ففي القرون الميلادية الأولى، سافر براهمة إلى جنوب شرق آسيا (ما يعرف الآن بكمبوديا وتايلاند وبالي) بدعوة من الحكام المحليين لتلك المناطق لإضفاء القدسية على ممالكهم، وبقوا في تلك المناطق، وتزوجوا من نساء محليات، ليوسعوا بذلك الحدود الطقسية لأرض «بهارات» المقدسة ويرسخوا جوانب الثقافة البراهمية - على سبيل المثال؛ آلهتها ونصوصها المقدسة - لذا، اليوم في تايلاند، لا تزال الأهمية التاريخية للإله براهما تتجلى في معبد ديفا ساترن في بانكوك وفي المراسم الملكية، ولا تزال ملحمة «رامايانا» - أو «راماكين» كما تعرف في تايلاند - ذات أهمية في الأنشطة الثقافية الشعبية، وعلى الرغم من هذا الإرث، لم تتحول هذه الدول اليوم إلى صور مصغرة من الهند، والكهنة البرهميون الذين ظلوا يعيشون ويمارسون طقوسهم فيها صاروا الآن تايلانديين أو باليين في كل شيء عدا إرثهم الديني.
أما انتقال التجار إلى الدول الأخرى المجاورة للهند من أجل العمل، فكان أمرا مختلفا تماما؛ فوسع التشتيار، وهم جماعة تاميلية تعمل في مجال المصارف، أعمالهم لتصل إلى بورما ومالايا (المعروفة الآن باسم ماليزيا) وموريشيوس ومناطق أخرى في جنوب شرق آسيا. علاوة على ذلك، امتدت روابط تجارية قوية على مدار عدة قرون بين غرب الهند وشرق أفريقيا، وفي وقت سابق من هذا القرن، انجذب المهاجرون الجوجاراتيون والبنجابيون (السيخ والمسلمون، وكذلك الهندوس) لفرص العمل التي أتيحت لهم في ظل الإدارة البريطانية في إنشاء السكك الحديدية الجديدة، وأقام صغار التجار أعمالهم أيضا في المدن والقرى الناشئة في كينيا وأوغندا وتنجانيقا (المعروفة الآن باسم تنزانيا) ونياسالاند (المعروفة الآن باسم مالاوي).
كان أغلب هؤلاء المهاجرين اللاحقين تجارا وحرفيين، لا براهمة، وسعدوا في البداية بتركهم الواجبات الدينية المعتادة لأسرهم في وطنهم، لكنهم فيما بعد عندما صاروا أكثر استقرارا وانضم إليهم أقاربهم، بدءوا في إقامة مؤسسات اجتماعية ودينية من أجل الدعم المتبادل والتعليم والأنشطة الثقافية والتنشئة الدينية. وعبر المعلمون الروحانيون والسوامي البحار لزيارة هذه المجتمعات وتشجيع ممارساتها الدينية، وكانوا عادة ما يؤسسون معابد جديدة، ويقيمون الأعياد وغيرها من التجمعات التعبدية.
وعلى الرغم من أن دول شرق أفريقيا كانت مستعمرة - شأنها شأن الهند - من بريطانيا، سافر إليها الهندوس، وغيرهم من الهنود ذوي القناعات الدينية الأخرى، بحرية بحثا عن العمل والمكسب المالي، وتمكنوا من الحفاظ على الروابط التي تصلهم بوطنهم ، لكن من وظفهم البريطانيون والهولنديون بعقود عمل طويلة بعد إلغاء العبودية في منتصف القرن التاسع عشر، ونقلوا إلى المزارع في ترينيداد وجويانا البريطانية (المعروفة الآن باسم جويانا) وجويانا الهولندية (المعروفة الآن باسم سورينام) وفيجي وموريشيوس وجنوب أفريقيا؛ لم يكونوا بالقدر نفسه من الحظ، وعلى الرغم مما حصلوا عليه من وعود بإمكانية العودة إلى الهند، فلم يتمكن سوى القليل منهم من فعل ذلك، بينما استقر معظمهم في دولهم الجديدة وحصلوا في النهاية على استقلالهم وحقهم في امتلاك الأراضي. والمجتمعات الهندوسية، التي نشأت في هذه الدول، تطورت على نحو مختلف تماما بعضها عن بعض، وذلك حسب عوامل معينة مثل التكوين العرقي والطائفي، وحجمها النسبي مقارنة بالمجتمعات المحلية الأخرى، وتأثير المؤسسات الدينية والاجتماعية والسياسية المحلية عليها، وقدرتها على اكتساب السلطة والمكانة.
ثمة دراسة زاخرة بالمعلومات عن إحدى الدول التي استقر فيها الهندوس الهنود الذين تم توظيفهم بعقود عمل طويلة، وهي «ترينيداد الهندوسية». يتناول الباحث الذي قام بتلك الدراسة ويدعى ستيفن فيرتوفيك الحياة التعبدية الحافلة للهندوس، واصفا على وجه التحديد العروض الموسيقية لملحمة «رامايانا» التي شاعت في ستينيات القرن العشرين، وطقوس التضحية (ياجنا) العظيمة التي كانت تستمر لمدة أسبوع وترعاها العائلات التي صارت ثرية في ظل طفرة النفط في سبعينيات وثمانينيات القرن العشرين. ذكر فيرتوفيك أيضا الكهنة الذين هاجروا مع عمال عقود العمل الطويلة ليلبوا احتياجاتهم الدينية، وكيف سمحت التقاليد الإقليمية والعائلية، مثل عبادة كالي، في أغلب الأحيان بالطقوس التي دعمها البراهمة. ويختم الباحث دراسته بمطالبة الهندوس الشباب باكتساب هوية هندوسية قوية وواثقة، من شأنها المنافسة بنجاح مع الجماعات الطموحة الأخرى في ترينيداد.
منذ وصول العمال الهندوس إلى ترينيداد عام 1845، صارت الهندوسية ديانة راسخة، واستمر هذا إلى الآن ولمدة تزيد على 150 عاما. وقد كان وصول الهندوس إلى بريطانيا وأمريكا الشمالية وأسترالاسيا ظاهرة أحدث، وأدت التقاليد الاستعمارية وسياسات الهجرة المختلفة إلى تنوع صور الاستيطان والمجتمعات في هذه الأماكن. على سبيل المثال، إذا قارنا بين الهندوس في بريطانيا والولايات المتحدة، فسنجد أن الاستيطان بدأ في وقت مبكر في بريطانيا نتيجة لعلاقة بريطانيا الاستعمارية مع الهند. ووصل أغلبية الهندوس، بوصفهم حملة لجوازات سفر بريطانية، إلى بريطانيا من شرق أفريقيا في ستينيات وأوائل سبعينيات القرن العشرين بعد تأثير سياسات بناء الأمم في الدول المستقلة حديثا. أما الهندوس في الولايات المتحدة الأمريكية؛ فقد جاءوا مباشرة من الهند بوصفهم مهنيين، ودخلوا البلد لشغل وظائف في الرعاية الصحية والتعليم والعمل التجاري. ووصل الهندوس في الغرب، بوجه عام، إلى مستوى تعليمي عال للغاية ومستوى معيشة جيد، وإن تعرض الكثيرون منهم - للأسف - للتمييز العرقي والعنصرية.
وقد أثيرت مسائل مهمة بشأن طبيعة الهندوسية بوصفها ديانة في ظل وجود المجتمعات الهندوسية خارج الهند (صار الهندوس سكانا في 68 دولة بحلول عام 1980). من الجلي أن الهندوس أثبتوا براعتهم ومرونتهم، وتمكنوا من العيش والعمل وتأسيس مجتمعات في الكثير من الظروف المختلفة اختلافا هائلا. ووجود هذا الشتات الهندوسي يشير إلى أن الهندوس كان لديهم استعداد لمخالفة الأمر البرهمي المذكور في «مانوسمريتي» بعدم عبور المياه السوداء، أو على الأقل إعادة تأويله.
على الرغم من أن ذلك لا يناقض الادعاء بأن أفضل وصف للهندوسية هو أنها دين عرقي - إذ حافظ معظم الهندوس المهاجرين على تقليد الزواج من الطائفة نفسها، ولم يسعوا لتوسيع نطاق تعريف من هو الهندوسي - فإنه يدعو الباحثين بلا شك إلى مراجعة الأفكار المتعلقة بالمكان الذي يجوز فيه ممارسة الهندوسية وكيفية فعل ذلك. فتأسيس المعابد، وهجرة كهنة البرهمية القادرين على إقامة طقوس دورات الحياة وطقوس التضحية (ياجنا) وطقوس تمجيد الآلهة (بوجا)؛ سمحا للهندوس بإقامة أماكن مقدسة وأداء الأنشطة الطقسية الضرورية خارج الهند؛ فهل يمثل ذلك امتدادا للأرض المقدسة (بهارات)، مثلما رأينا في حالة مادهو سينج والمهاجرين البراهمة الأوائل إلى جنوب شرق آسيا؟ لكن ماذا عن المنظمات الدينية الموجودة في الكثير من الدول، والتي أسسها وأدارها وقادها أشخاص عاديون، لكنهم متحمسون ومهرة، الذين جمعوا التبرعات واشتروا المنشآت ونظموا الاحتفالات وجمعيات الشباب والنساء وزيارات الزعماء الروحانيين وتوظيف الكهنة؟ على الرغم من أن هؤلاء الأشخاص العاديين كانوا، بوجه عام ، منسقين للحياة الدينية العامة لا رؤساء لها، فقد كانوا يمارسون العبادة ويخدمون الآلهة مباشرة في بعض الأحيان ليظهروا أن الرغبة في عيش الحياة التعبدية اعتبر في بعض الأحيان أكثر أهمية من الممارسة البرهمية التقليدية. ومثلما رأينا في الفصلين الخامس والسابع، يقدم تقليد بهاكتي الموجود في الهندوسية السبق والسياق لفعل ذلك. ويمكننا القول إن هؤلاء الهندوس ألهمتهم روح الدين أكثر من كلماته.
الشتات
Bilinmeyen sayfa