اعتذرت، فإني كلفت نفسي الصغيرة شيئًا كبيرًا، وأقحمتها في نفس الأمر أمرًا عسيرًا، محافظة على إحياء ذكر هؤلاء السادة الأفاضل، والقادة الحائزين لأعلا الشمائل والفضائل، وخوفًا من ضياعهم بلا خبر ولا خبر، مع أنه يحق لسيرتهم أن تتلى كما تتلى السور، ورأيت أن أرتبه على حروف المعجم لا على الأعوام، ليكون قريب المراجعة سهل المرام، والله أسأل أن يجعله خالصًا من شوائب الملام، وأن ينعم على جامعه ومطالعه والمسلمين بحسن الختام.
حرف الألف
الشيخ إبراهيم بن حسن بن محمد بن حسن بن إبراهيم البيطار:
الدمشقي الجد الماجد، والد سيدي الوالد، فاضل شافعي المذهب، عالم عامل طراز فضله بالعبادة مذهب، قد احتوى على مكارم الشمائل والأخلاق، واستوى على عرش اللطافة وفاق، له عزة نفس تود النجوم الثوابت نيل علاها، وعلو همة يتمنى البدر الوصول إلى حسن ثنائها وسناها، وكلام كلآلىء الصدف، وآداب كالروض الانف، ولا ريب أنه:
مورق عيدان العلا رطبها ... أبلج وجه العرف بسام
مع حكم أرق من نسيم السحر، وشيم لو أنها للنجم ما غاب ولا استتر، وأياد روائح غوادي، كنسيم الروض غب الغوادي، ولا ريب أنه من القوم الذين سعوا في مناهج التقوى، ونحوا نحو الصلاح في السر والنجوى، أخذ عن جملة من الأفاضل، وتلقى عن كثير من السادة الأماثل، وكان ملازمًا لأستاذه الفاضل، وملاذه العالم العامل، قطب دائرة الأفاضل، والآتي في تحقيقاته ومعارفه بما لم تستطعه الأوائل، مولانا الشيخ محمد بن المرحوم العلامة الشيخ عبد الرحمن الكزبري فإنه لازمه على الدوام، وانتفع به فوق المرام، وكان من جملة خاصته وأحبابه، المتأدبين بجميل آدابه، حتى اشتهر بالصلاح والعلم والعبادة،
1 / 6