Batı Hikmeti
حكمة الغرب (الجزء الأول): عرض تاريخي للفلسفة الغربية في إطارها الاجتماعي والسياسي
Türler
Alcmaeon of Craton ، وهو من أتباع الفيثاغورية، النظرية القائلة إن الصحة توازن سليم بين المكونات المتضادة، وأن المرض يحدث حين تصبح الغلبة لأحد هذه المكونات. وبالمثل أخذ بنظرية المسام، أو الممرات التي يتنفس من خلالها الجسم بأكمله، وهذه المسام هي التي تجعل لدينا إدراكا حسيا. ويهمنا بوجه خاص أن نشير إلى نظريته في الأبصار، التي ظلت سائدة وقتا طويلا، والتي تقول بتلاقي مؤثرات منبثقة من الشيء المرئي مع شعاع من النار صادر عن العين.
أما آراؤه الدينية فكانت تسير وفقا للتراث الأورفي، وكانت منقطعة الصلة بفلسفته، ومن ثم فليس لنا أن نقيم لها وزنا، ولكن قد يكون مما له أهميته أن نشير إلى أنه يبدو في كتاباته الدينية معتنقا آراء لا يمكن التوفيق بينها وبين نظريته في العالم، والواقع أن هذا النوع من التضارب شائع إلى أبعد حد، وخاصة بين أولئك الذين لا يخضعون معتقداتهم لاختبار نقدي. صحيح أن من المستحيل اعتناق مثل هذه الآراء المتعارضة معا في لحظة واحدة، ولكن الناس لا يجدون غضاضة في أن يؤمنوا الآن بشيء ما، ويؤمنوا غدا بعكسه، دون أن تنتابهم أدنى ريبة في أن يكون ثمة تعارض بين الموقفين.
لقد وصلنا في قصتنا الآن إلى قلب القرن الخامس ق.م، والواقع أن قدرا غير قليل مما ينبغي أن يناقش تحت عنوان «الفلسفة السابقة لسقراط»، هو في الحقيقة معاصر لسقراط، وفي كثير من الأحيان لا يكون من الممكن تجنب قدر معين من التداخل؛ ذلك لأن المرء يضطر من أجل تقديم عرض مترابط إلى الخروج من آن لآخر عن إطار الترتيب الزمني البحت. وتلك صعوبة تعترض كل بحث تاريخي؛ لأن التاريخ نادرا ما يكترث براحة المؤرخ الذي يتابع الأحداث وفقا لترتيب حدوثها.
فلنلق الآن بنظرة عامة موجزة إلى الأوضاع الاجتماعية والسياسية لليونان في القرن الخامس، على الرغم من أننا سنحصر اهتمامنا بعد قليل في أثينا وحدها.
لقد اكتسب اليونانيون، بفضل حروبهم مع الفرس، وعيا عميقا بالروابط المشتركة التي تجمع بينهم؛ أعني روابط اللغة والثقافة والقومية، ومع ذلك فقد ظلت دولة المدينة هي محور الاهتمام إلى حد بعيد؛ فإلى جانب التراث، الذي ينتسب إليه كل الناطقين باللسان اليوناني، ظلت العادات المحلية لكل مدينة حية بقوة، ومحتفظة بهويتها. صحيح أن هوميروس قد يكون ميراثا مشتركا، ولكن إسبرطة كانت تختلف عن أثينا بقدر ما يختلف السجن عن ساحة اللعب، وهما بدورهما كانتا تختلفان عن كورينثة
Corinth
أو طيبة
Thebes ، ولقد اتخذ تطور إسبرطة مسارا خاصا بها؛ ذلك لأن زيادة عدد الإسبرطيين دفعتهم إلى إخضاع قبيلة المسينيين
Messenians
المجاورة، وتحويلها إلى جماعة من الخدم، وترتب على ذلك تحول دولة إسبرطة إلى معسكر حربي.
Bilinmeyen sayfa