ويتشفع لدى الفتوة بصديق لأبيه هو ميمون الأعور، فيزكيه الرجل عند السناوي ويقدمه إليه، غير أن اللقاء لم يستغرق إلا دقيقة واحدة أمره في ختامها أمره المرعب: اقتل أم علي الداية! •••
ويهيم زيان على وجهه في الساحة أمام التكية، ولكن الله لم يهده إلى مخرج، ويتسلل إلى ميمون الأعور ليلا في الغرزة، فيقبل يده ويقول له: يا معلم، إني خجلان، ولكنني لا أستطيع قتل أم علي الداية.
ويظن ميمون أن عجزه راجع إلى قلة الحيلة، فيقول له: ليس أسهل من ذلك، فهي تدعى عادة إلى البيوت في أواخر الليل.
فيقول يائسا: أمنيتي أن أتزوج منها ذات يوم.
فيقول ميمون باستهانة: اقتلها لتثبت جدارتك ثم تزوج من غيرها، فالنسوان في حارتنا أكثر من الذباب! - ولماذا أم علي بالذات؟ - هذا أمر المعلم ولا مناقشة فيه، وهو يريد أن يجربك، بل لعله علم برغبتك في المرأة.
فيقول متنهدا: الحق أنني لا أستطيع القتل!
فيغضب ميمون ويصفعه ثم يقول: أحسبت الانضمام للعصابة لهوا؟! - أعرف الآن أنني لا أستحق هذا الشرف. - فات الوقت! - فات الوقت؟ - لن يغفر لك تراجعك ولن تحلو لك الحياة في الحارة.
ويمضي زيان وهو يعد نفسه في الضائعين.
ويفضي بهمه إلى أمه فتنصحه بالهرب، وتحثه عليه، وقبيل الفجر يغادر زيان بيته حاملا بقجة ملابسه وخمسين قرشا، هاجرا بيته وحارته وعمله، مستقبلا العناء والمجهول.
وكان فارق الزمن بين سعيه إلى الفتونة وبين ضياعه عشرين ساعة من عمر حارتنا.
Bilinmeyen sayfa