عند ذاك يجفل المحترمون من أبناء حارتنا إيثارا للسلامة ولا يبقى إلا الحرافيش.
وتهتف الأم المغيظة: يا ميلة البخت!
وتحتدم المنافسات، وتتعدد الاعتداءات، وتتساقط التهديدات، ويلتزم آل زيدان الحياد التام خوفا من العدوان، ورغم بلواهم وكربهم تلفحهم أنفاس الحاسدين وألسنتهم، حتى يقول زيدان لبعض أصدقائه: لقد حلت بنا نقمة اسمها الجمال!
وتتكرر الخناقات وتكثر الإصابات، وتمضي زينب وأسرتها لعنة مجسدة تستقطب الكراهية والحقد والحسد ورغبة خفية في الانتقام.
عم زيدان لا يجد فرصة ليتنفس في هدوء، ويخاف أن يغدر غادر بزينب نفسها.
ويطلع صباح فلا نقف لآل زيدان على أثر، ويتفشى الوجوم والكدر، وأمنى بخيبة لا يدري بها أحد، وبحزن أتساءل: ألا يتيسر للجمال أن يهنأ بالبقاء في حارتنا؟
الحكاية رقم «34»
هنية بنت علوانة الدلالة من بطلات الحب في حارتنا.
أتساءل كثيرا عن سر حبها لحمام صبي الخياط البلدي، إنه فتى سيئ الصورة والسمعة، شرس الطباع، تعكس عيناه نظرة تحد وعدوان، يرتدي جلبابه على اللحم ويمضي حافي القدمين، ثم إن هنية بنت متعلمة، مكثت في الكتاب ثلاث سنوات، تفك الخط وتجمع الأرقام وتحفظ جزء عم، وأمها ميسورة الحال، ووقت الغداء تفوح رائحة القلي من مطبخهم.
وهنية ترفض يد حامد المراكيبي بياع المراكيب عندما يتقدم لخطبتها، وتبكي الأم بحرارة وهي تحكي مأساتها لأمي: تصوري، حامد المراكيبي الرجل الكامل صاحب القرش.
Bilinmeyen sayfa