فيقولون له: وهل علمت أننا متضايقون من ذلك؟ وألا يوجد أكثر من سبيل إلى الشمال؟ - لا تنسوا أن القرافة ستنقل عما قريب إلى صحراء الخفير وسيحل محلها عمران شامل. - طول عمرنا نسمع أن القرافة ستنقل. وها هي باقية لا تتحرك، فكيف هان عليك أن تقترح إزالة التكية المباركة؟
واشتد النقاش، وحمي الانفعال، وكتبت العرائض، وحل بحارتنا توتر وحزن لم تعرفهما من قبل.
ويرتفع صوت معتدل يقول: لا وجه للعجلة، فلننتظر حتى يتقرر بصفة نهائية نقل القرافة، ويشرع في ذلك بالفعل، عند ذاك يحق لنا أن نناقش مسألة هدم التكية.
وغلب هذا الرأي فتراجعت الوزارة وتأجل المشروع.
أما الأكثرية فقد رفضت الفكرة جملة وتفصيلا.
وأما القلة المعتدلة فهي تقول: فلتبق التكية ما بقيت القرافة.
الحكاية رقم «77»
أنور جلال جالس على سلم السبيل الأثري وهو يضحك عاليا، أنظر إليه فيخطر لي أنه سكران أو مسطول فأمضي نحوه وأجلس إلى جانبه ثم أسأله: ماذا يضحكك؟
فيجيبني وهو لا يكف عن الضحك: تذكرت أنني طالب بين طلبة متنافسين، في مدرسة تجمع بين طلبة الأزقة المتخاصمة، في حارة وسط حارات متعادية، وأني كائن بين ملايين الكائنات المنظورة وغير المنظورة، في كرة أرضية تهيم وسط مجموعة شمسية لا سلطان لي عليها، والمجموعة ضائعة في سديم هائل، والسديم تائه في كون لا نهائي، وأن الحياة التي أنتمي إليها مثل نقطة الندى فوق ورقة شجرة فارعة، وأن علي أن أسلم بذلك كله ثم أعيش لأهتم بالأحزان والأفراح، لذلك لا أتمالك نفسي من الضحك.
فأضحك معه طويلا حتى يحدجني بنظرة ساخرة ويسألني: هل تضمن أن تشرق الشمس غدا؟
Bilinmeyen sayfa