Hikayat Andersen Majmuca Ula
حكايات هانس أندرسن الخيالية: المجموعة الأولى
Türler
وبعد فترة قصيرة، وصلا إلى فنلندا وطرقا مدخنة كوخ السيدة الفنلندية، إذ لم يكن له باب. ثم زحفا للداخل الذي كان شديد الحرارة حتى إن السيدة كانت ترتدي ملابس قليلة جدا. وكانت ضئيلة الجسم وقذرة للغاية. وقد فكت ثوب جيردا الصغيرة وخلعت عنها حذاءها المصنوع من الفراء وقفازها، وإلا ما كانت ستقوى على احتمال الحرارة؛ ثم وضعت قطعة ثلج على رأس حيوان الرنة وقرأت ما كان مكتوبا على السمكة المجففة. وبعد أن قرأته ثلاث مرات حفظته عن ظهر قلب، وألقت السمكة في إناء الحساء، فقد كانت تعلم أنها صالحة للأكل وهي لا تهدر أي شيء قط.
أخبرها حيوان الرنة بقصته أولا، ثم بقصة جيردا الصغيرة، فطرفت السيدة الفنلندية بعينيها الذكيتين، لكنها لم تنبس بكلمة.
قال حيوان الرنة: «إنك ماهرة جدا. أعلم أنك تستطيعين طي كل الرياح التي في العالم في قطعة من الحبل. وإذا حل البحار عقدة واحدة، حظي برياح مواتية؛ وإذا حل العقدة الثانية، هبت رياح عاتية؛ لكن حين يحل الثالثة والرابعة، تهب عاصفة تقتلع غابات بأكملها. ألا تستطيعين منح هذه الفتاة الصغيرة شيئا يجعلها في قوة اثني عشر رجلا، حتى تتغلب على ملكة الثلج؟»
قالت السيدة الفنلندية: «قوة اثني عشر رجلا! إنها لن تكفي على الإطلاق.» لكنها ذهبت إلى رف وأنزلت لفافة كبيرة من الجلد نقش عليها حروف غريبة، وتركتها تنسدل وظلت تقرؤها حتى سال العرق من جبينها.
لكن حيوان الرنة توسل إليها بشدة من أجل جيردا الصغيرة، ونظرت إليها جيردا بعينين رقيقتين مليئتين بالدموع حتى إن عينيها بدأت تطرف مرة أخرى. ثم أخذت حيوان الرنة إلى زاوية وهمست له وهي تضع على رأسه قطعة ثلج جديدة: «إن كاي الصغير مع ملكة الثلج بالفعل، لكن كل ما هناك يروق له جدا حتى إنه يعتقد أنه أفضل مكان في العالم؛ وهذا لأن لديه قطعة زجاج مكسور في قلبه وشظية زجاج صغيرة في عينه. لذا، لا بد من إخراجهما، وإلا فلن يعود إنسانا مرة أخرى، وستظل ملكة الثلج متحكمة فيه.» «لكن ألا يمكنك إعطاء جيردا الصغيرة شيئا للتغلب على هذه القوة؟»
قالت السيدة: «لا يمكنني أن أمنحها قوة أكبر من التي لديها بالفعل، ألا ترى كم هي قوية، وكيف يجبر البشر والحيوانات على خدمتها، وكيف مضت في العالم الفسيح دون أن يمسها سوء، كل هذا وهي حافية القدمين؟ لا يمكنني أن أمنحها أي قوة أعظم من التي لديها الآن، والتي تكمن في نقاء قلبها وبراءته. إن لم تستطع بنفسها الوصول إلى ملكة الثلج وإزالة شظيتي الزجاج من كاي الصغير، فليس بإمكاننا أن نساعدها. تبدأ حديقة ملكة الثلج بعد ميلين من هنا. فلتحمل الفتاة الصغيرة إلى هناك، ثم أنزلها عند الشجيرة الكبيرة القائمة في الثلج، والمغطاة بالتوت الأحمر. لا تبق هناك لتثرثر، ولكن عد إلى هنا بأسرع ما تستطيع.» ثم رفعت السيدة الفنلندية جيردا الصغيرة على ظهر حيوان الرنة، وجرى بها بأسرع ما أوتي من قوة.
لكن بمجرد أن شعرت الفتاة الصغيرة بالبرد القارس صاحت: «مهلا، لقد نسيت حذائي وقفازي.» لكن حيوان الرنة لم يجرؤ على التوقف، وظل يجري حتى بلغ شجيرة التوت الأحمر. هناك أنزل جيردا، وقبلها، وانحدرت على خديه دموع لامعة فياضة؛ ثم تركها وجرى عائدا بأسرع ما استطاع.
وقفت جيردا المسكينة هناك، بلا حذاء ولا قفاز، في وسط أرض فنلندا الباردة الكئيبة المليئة بالثلوج. ركضت جيردا بأسرع ما استطاعت حين أحاطت بها مجموعة كاملة من ندف الثلج. لكن لم يبد أنها سقطت من السماء، إذ كانت صافية تماما وتومض فيها أنوار الشفق القطبي. ركضت ندف الثلج بطول الأرض، وكلما اقتربت منها بدت أكبر حجما. تذكرت جيردا كم كانت تبدو كبيرة وجميلة من خلال العدسة الحارقة. لكن هذه كانت أكبر حجما حقا وأفظع بكثير، فقد كانت حرس ملكة الثلج، وكانت حية وبأشكال غريبة للغاية. كان بعضها يبدو مثل قنافذ ضخمة، والبعض الآخر مثل حيات تتلوى برءوس ممدودة، وبدا القليل منها مثل دببة سمينة صغيرة ذات شعر منتصب؛ لكن كلها كانت بيضاء بياضا ناصعا، وكلها كانت ندف ثلج حية.
راحت جيردا تردد «الصلاة الربانية»، وكان البرد شديدا حتى إنها استطاعت أن ترى أنفاسها تخرج من فمها مثل البخار، وهي تنطق الكلمات. وبدا أن البخار تزايد مع استمرارها في الصلاة حتى اتخذ شكل ملائكة صغيرة، والتي زاد حجمها حين لمست الأرض. كانت كلها تعتمر خوذا وتحمل رماحا ودروعا، وقد ظل عددها يزداد أكثر فأكثر، حتى صارت حشدا كاملا أحاط بجيردا حين انتهت من صلاتها. وحين رشقت ندف الثلج المرعبة برماحها تحطمت مائة قطعة، فاستطاعت جيردا الصغيرة أن تمضي بشجاعة وطمأنينة. وراحت الملائكة تمسد على يديها وقدميها، حتى تمنحها شعورا بالدفء وهي تمضي مسرعة إلى قلعة ملكة الثلج.
لكن الآن لا بد أن نرى ماذا كان يفعل كاي. في الحقيقة، لم تكن جيردا الصغيرة تشغل باله، وآخر ما كان قد يخطر له أنها قد تكون واقفة أمام القصر.
Bilinmeyen sayfa