مقدمة
الفصل الأول
الفصل الثاني
الفصل الثالث
الفصل الرابع
الفصل الخامس
الفصل السادس
الفصل السابع
مقدمة
الفصل الأول
الفصل الثاني
الفصل الثالث
الفصل الرابع
الفصل الخامس
الفصل السادس
الفصل السابع
حكم ناپوليون
حكم ناپوليون
تأليف
محمد لطفي جمعة
نابوليون في إبان مجده.
مقدمة
نظرة في حياة نابوليون بونابرت
لم يعل نجم قائد ولا ملك ولا سياسي نجم هذا الكورسي، بل كسفت شمسه شموس الإسكندر وقيصر وهنيبال؛ لأنه دوخ الأرض وغير وجه قارة أوروبا وقلب نظام العالم، وترك وراءه آثارا خالدة لا تماثلها آثار أبطال التاريخ مجتمعة.
ومهما طال الزمان على عهده وتلت الأجيال بعضها، فإن الرأس القوي ذا الشعر الأسود الحالك المنسدلة منه خصلة على الجبين العريض العالي، والوجه الشاحب المستطيل، والعينين الوقادتين الدعجاوين العميقتين، والأنف الدقيق الذي ليس بالقصير ولا بالطويل، والفم الهادئ ذي الشفتين الرقيقتين، والذقن المستديرة التي بقيت كمحل الشاربين بلا نبت - ستبقى تلك الصورة كلها محفورة في فؤاد الدهر، مكروهة لدى قليلين من المؤرخين، ومحبوبة لدى معظم الناس، حتى أحفاد الجنود البواسل الذين لقوا الحتف تحت لواء نابليون في مشارق الأرض ومغاربها، وماتوا وهم يصيحون ليحي الإمبراطور.
إن الناظر في تاريخ نابوليون بونابرت يتشابه لديه عظم سعادته وعظم شقوته؛ فقد بدأ حياته بائسا محتاجا ذا فاقة وعيلة حتى حاول قتل نفسه مرة؛ لأنه لم يكن يملك ما يسد به رمق أخواته وأمه، وقد نجا من تلك التهلكة بمعجزة خير أرادها الله. هذا أعظم ما بلغه بونابرت من الحاجة وليس بعده حد للشقاء، أما عن عوزه قبل ذلك وبعده، مما لم يدعه إلى قتل نفسه فحدث ولا حرج. كان يقطن بعيد خروجه من المدرسة الحربية غرفة حقيرة في أعلى دور بمنزل حقير بشارع كوردلييه الذي كان من طرق الضفة اليسرى لنهر السين واختفى الآن. وكان لا يملك من المال ما يدفع به أجر من تغسل له ملابسه، وبقي عليه بعض ديون المآكل والمشارب وأجر المسكن والغسل إلى أن بلغ شأوا بعيدا. ولكن كل هذه العقبات الأولى تلاشت حيال إرادته وحسن طالعه.
ثم أراد القضاء أن يصعد بونابرت فصعد ثم صعد، ثم صعد إلى أن لم يبق مكان للصعود، فحرر إيطاليا وفتح مصر والشام وغاظ بريطانيا واستفزها، واستولى على ممالك إسبانيا ونابولي والبورتغال، وقهر الألمان في أوسترليتز، واخترق جبال الألب القاسية، وسار يشق جسم أوروبا فأخضع إمبراطور النمسا الذي زوجه من بنته ليجامله ويتقيه، ووصل إلى أعماق روسيا، وعاد بعد أن هلك تسعة أعشار جنده، وبعد أن خاض في محيط من الدم ولم تفتر همته ولم تطفئ المشاق نار حبه للمجد.
لأنه كان في مجده يسترشد بنور نجمه السعيد الذي يهديه ويضيء محجته، وهو نجم خيالي لم يستطع غيره أن يراه، ولكنه كان يراه بعينه ويشعر بوجوده بقلبه.
على قدر هذا الصعود كان الهبوط؛ على قدر هذا المجد والسعادة كان الفشل والشقاء؛ على قدر العز نحو أربع عشرة سنة كان الذل فيما بقي له من حياته منذ وطئت قدمه أرض جزيرة القديسة هيلانة ذات الطالع المشئوم؛ حيث استقبله اللؤم والدناءة في شخص حاكمها هدسون لو.
كما أن بونابرت جر ملوك الأرض من فوق عروشهم، وأرغم أنوف القياصرة، كذلك أرغم أنفه حاكم الجزيرة الدنيء هدسون لو الذي شهد اللورد روزبري بأنه وحش شيطاني في شكل إنسان، وأن في ذكره معرة لبلاده وأمته (راجع الدور الأخير في حياة بونابرت
Last
تأليف لورود روزبري).
بعد أن كان بونابرت يسكن القصور الفخمة ويتقلب في الديباج ويتناول الطعام في أوان من الذهب الخالص، أمسى في مسكن حقير مملوء بالجرذان في غرفة ضيقة قبيحة المنظر، وكان هذا المقدام الذي جاب الأرض سيدا فاتحا يحرم الخروج من بيته دون رقابة الرقباء الأجلاف الأنذال أتباع هدسون لو، الذي كان يلذ له رؤية آلام البطل المغوار كما يلذ للذئب تعذيب الأسد، وهناك انتابته الأمراض والآلام، وقضى أيامه الأخيرة بحسرة لا يعادلها في العظم إلا مجده، ومات بعيدا عن وطنه وشعبه وولده الوحيد وأصدقائه الذين تركوه واحدا بعد الآخر.
إن في حياة البطل الذي يعده بعض المغالين من المؤرخين نصف إله لعبرة للورى، عبرة للصغار الذين يطلبون المجد كما كان يطلبه، فيلقون من العقبات في بداية الأمر ما يكاد يقلل من همتهم، عبرة للكبار الذين بلغوا أبعد من غايتهم فظنوا قوتهم خالدة وظنوا مجدهم باقيا حتى الأبد، عبرة لمن ليسوا من الفريقين وهم قراء التاريخ للاستفادة؛ فهم يجدون في تاريخ نابوليون أعجوبة الأعاجيب؛ لأنه لم يستطع خيال أحذق مؤلفي القصص الخيالية حشر مثل الغرائب التي حشرها القضاء بيده في تاريخ بونابرت العجيب.
يقال إن عظماء الرجال ثمرة عصورهم، وأنهم يولدون أنى دعت إليهم الحاجة، وأنهم أبناء المصادفات تخلقهم الأحوال المحيطة بهم. ويقول البعض إنهم هم يخلقون الأحوال ويهيئون الوسط الذي ينشئون فيه، وأتباع كل مذهب من هذين المذهبين يؤيدونه بأمثال يضربونها، وحقيقة الأمر أن المذهبين صحيحان، يجوز تطبيقهما في أحوال شتى.
فمن العظماء رجال هم ثمرة عصرهم يولدون لما تدعو إليهم الحاجة، ومن هذا القبيل رجال الإصلاح الديني والاجتماعي، فإن هؤلاء المصلحين تسبقهم الحاجة إلى الإصلاح والدعوة، ومن يقرأ تراجم موسى وعيسى ومحمد - عليهم السلام - ولوثيروس وإزبخويل وبطرس الأكبر، يستبين صحة هذا القول، فإن هؤلاء الرجال يولدون في بيئة متشبعة بالحاجة الماسة للإصلاح فينشئون وهم يشعرون في الجو المحيط بهم بضرورة جلائل الأعمال التي يوفقون لقضائها. ولا ريب في أن قارئ تاريخ هؤلاء العظماء يفطن للوهلة الأولى إلى أمر يشتركون فيه جميعا، وهو أنهم يقضون شطرا وافرا من أعمارهم قبل إظهار الدعوة التي يقفون أعمارهم عليها بعد، وقد يفقدون تلك الأعمار في سبيلها.
بيد أن هذا لا يقلل من قدر الرسالة أو النبوة؛ لأنه قد يجمع الرجل بين الخلتين، فيكون مصلحا ويكون نبيا، وبيان ذلك أن موهبة الإصلاح واستعداد الرجل إليه مستقلة تمام الاستقلال عن وظيفته المقدسة الربانية، فإن الرسول يقوم بعمل واحد وهو تأدية الرسالة الإلهية، وهو بشير ونذير، والنبي كذلك يتنبأ بما سوف يقع لشعبه، فيحاول هديهم لينجيهم مما يقعون فيه لو خالفوا نصحه وهديه. وكلاهما (النبي والرسول) ينسب دعوته إلى الإرادة الربانية، فهما أداة في يد العناية لتبليغ أمم الأرض إرادتها لكون الله - جل وعلا - أرفع من أن يشافه الناس، حتى إنه يأتي بالمعجزات الباهرة على أيدي هؤلاء الرسل لتذهب بظنون الكافرين والجاحدين والمرتابين.
أما المصلح فهو الرجل الذي يدعو إلى الإصلاح بصفته الذاتية دون الاستعانة بصفة الرسالة أو النبوة، وليست غايته تبليغ بشرى أو إنذار أو ذكر نبأ عظيم، إنما غايته إصلاح أمر من الأمور التي يراها فاسدة؛ اجتماعية كانت أو دينية، بمجهوداته الشخصية، وهو لا يكتفي بالتنبيه للخطأ أو للشر إنما يمتاز بالتفاني في العمل في سبيل الإصلاح، معرضا في ذلك منافعه وحياته، وهو مشترك في ذلك مع الأنبياء والرسل وأولياء الله؛ لأن كثيرين منهم استهدفوا لانتقام الشعوب الكافرة، ولقوا منها التعذيب والتنكيل والقتل، ولكن - كما ذكرنا في أول الأمر - كل من النبي والمصلح قائم بذاته وصفاته علما على عمل معلوم، ولا يجوز الخلط بين عمليهما.
ولا يلزم عما تقدم أن يكون المصلح الذي يقوم بعمل أرضي إنساني لا حاجة فيه إلى إقناع البشر بقوة خارقة للطبيعة (كمن يشير على أمة شرقية بتهذيب المرأة وتقريبها جهد المستطاع في الفكر والتربية من الرجل) محتاجا لتعضيد العالم في عمله، وبعبارة أخرى مثل هذا المصلح لا يحتاج لإحياء الموتى أو برء الأجرب أو استنطاق الناقة، ليثبت للملأ ضرورة هذا الإصلاح؛ لأن كل فرد من الأمم الشرقية التي لا تزال متأخرة يشعر في نفسه إذا كان وصل إلى درجة معلومة من التهذيب بضرورة هذا الإصلاح ليكون سعيدا في بيته وأسرته. ولكن الذي يريد أن يقنع أمة وثنية بوجود إله واحد فقط دون ألف إله، وبقدرة هذا الإله الفرد على كل شيء، وبإعداد الجنة للمحسن والنار للمسيء، هذا الرجل الذي يدعو إلى مثل هذه الدعوة محتاج لإظهار أمور خارقة للعادة ليقنع البشر البله الكافرين الذين يصعب إقناعهم بالقول بأن هناك إلها قديرا، وأن هذا الإله القادر قد منح هذا النبي قسطا من قوته ليبلغ غايته من النبوة.
جئت بهذا لأثبت حاجة النبي لقوة خارقة واستغناء المصلح عنها. ولكن النبي لا يستطيع الأخذ بأعنة رسالته أخذا حقيقيا منتجا، إلا إذا كان يجمع إلى الرسالة صفات المصلح. على أن لدينا أمثلة شتى من الأنبياء الذين جمعوا بين النبوة والإصلاح، والأنبياء الذين تحلوا بالنبوة دون سواها، فمن الفريق الأول النبي العربي عليه الصلاة والتحية، ومن الفريق الثاني نوح طاب ثراه. فمحمد أقام أمة أسست دولا وأمما وشعوبا، والثاني اكتفى بتغريق قومه، ثم أنقذ نفسه وفي صحبته عدد عظيم من الوحوش والحيوانات الداجنة والطيور الأنيسة التي آمنت به. وأظن أن إنقاذ إنسان مهما كان كافرا، أفضل وأنفع من إنقاذ حدائق حيوانات الأرض بأسرها.
ومن العظماء رجال يخلقون الأحوال، ويهيئون الوسط الذي ينشئون فيه، ويوجدون الفرص المناسبة فينتهزونها، وهذا فريق عظماء الحرب والسياسة؛ كالإسكندر وقيصر وبيسمارك، فإن الإسكندر عندما تولى عرش أبيه فيلبس وقام يفتح الأرض من أدناها إلى أقصاها، لم تكن الأرض في حاجة لفتوحاته، إنما بدل سلطة بسلطة وقضى نحبه في مقتبل العمر عقيب ما عاناه من شقة الجولان ومتاعب الحروب في أنحاء المعمور. كذلك قيصر أنفق مليونا في ملاذه قبل وصوله إلى غايته في رومة، ثم دوخ الغال والإسبان وعاد إلى رومة يتوعد كبار القواد، ثم رضي أن تقسم السلطة بينه وبينهم إلى أن حان له أن ينفرد بالقوة، فلم يتردد هنيهة، فصير مجالس رومة ومناصب قناصلها أسماء لا مسميات لها، ومهد بذلك سبيل تيبريوس الذي رفع حصانه إلى مقام أعضاء مجلس الأعيان والشيوخ. وما زال في طغيانه إلى أن قتله أصدقاؤه الذين كانوا يحبونه، ولكنهم يحبون الحرية والحق أكثر من حبهم إياه.
كذلك حال عظماء السياسة؛ فهم يخلقون الفرص ويهيئون النتائج بمقدمات يعدونها. إن بيسمارك هو الذي أثار حرب السبعين التي أورثته مجده؛ لأنها أنتجت تكوين إمبراطورية ألمانيا. كذلك لويد جورج هو الذي أحدث الانقلاب الاجتماعي الاقتصادي الآخذ اليوم بتلابيب أمة الإنكليز، ومنشأ هذا رغبته في المساواة بين الأغنياء والفقراء؛ لأنه ولد معدما.
يفطن القارئ مما تقدم إلى أن بونابرت هو من هذا الفريق الأخير من العظماء، أي إنه خلق الظروف التي أحاطت به وهيأ النتائج بالمقدمات التي أعدها. والناظر في تاريخ بونابرت يرى صحة هذا النظر يوما بيوم، فهو الذي أطلق المدافع على العامة في شوارع طولون، فبدد شملهم فاشتهر، وهو الذي رسم لذاته خطة السيادة في العالم ومعاكسة الإنكليز في أقطار الأرض، فصح عزمه على محاربتهم في مصر، ومقاومتهم في إسبانيا والبورتغال، ورمى إلى إضعاف سلطة معضديهم في أنحاء أوروبا، فجرد حملاته الكبرى التي حملت إليه أكاليل النصر في ميادين واجرام ومارنجو وأوسترليتز وتلسيت وغيرها، ثم هو الذي خاطر بجيشه وشخصه فضرب في مناكب أوروبا إلى بلاد روسيا فرد خاسرا، بعد أن ترك ثمانية أعشار جيشه في سهولها المكسوة بالجليد، وبعد أن رأى بعينيه المتقدتين غربان الخراب تنعق على أطلال موسكو التي التهمتها النيران المهلكة، وسمع صوت شعب أبي يصرخ من أعماق تلك المدينة العظيمة التي أسلمها سكانها لألسنة اللهب: «بيدي لا بيدك يا بونابرت!» •••
ولست الآن في مجال ذكر تاريخ نابوليون إجمالا أو تفصيلا، بل أنا لا أريد أن أصدر عليه حكما تاريخيا؛ لأنني أقدم للقراء أفكاره وآراءه في كل ما يخطر على قلب إنسان، ولكنني لا أملك نفسي أن ألقي هذا السؤال: «هل عادت حياة نابوليون بونابرت على العالم بالنفع أو بالضرر؟»
إن الجواب على هذا السؤال يقتضي تقدير أعمال بونابرت ووزنها بميزان العدل بدون تحيز، فإن رجحت حسناته فلا ريب أن حياته كانت نافعة وإلا صح عكس ذلك.
أول ما يلفت نظر القارئ في حياة بونابرت هو مجموع تاريخه، فإن ترجمته جملتها إن لم تكن أجمل صحيفة في تاريخ العالم (ما عدا تراجم الأنبياء المطهرين) منذ الخليقة إلى الآن فهي بلا ريب من أجمل صحف التاريخ. أقول ذلك غير ناس كل جليل وضئيل في حياته، بل إن بونابرت نفسه لم يكتم عن العالم عيوبه؛ إذ دونها وانتقد بعضها وحاول تبرير البعض، كذلك صنع مؤرخوه نقدا وتبريرا بحوادث حياته.
أقول ولا أخفي عن القارئ صعوبة العمل الذي أحاوله بكتابة هذه الصحف؛ لأنه في ذاته شاق وصعب في بابه ومن جهة أخرى؛ لأنه غير مألوف فيما نكتبه نحن الشرقيين في عرض الكلام على العظماء، فإن بدرت هفوات وأغلاط في شكل البحث أو موضوعه، فلا يرجع الخطأ إلى لباب البحث من حيث هو نقد تاريخي، إنما يرجع إلى كاتب هذه السطور، وإنما نعد عملنا هذا تجربة فإن لم نظفر ببعض أو كل الغاية المنشودة، فلا أقل من أن نغتبط بفتح باب جديد في البحث التاريخي.
يقتضي العدل أن ينظر إلى بونابرت من كل جهة من جهاته الخاصة، ثم تلقى عليه وعلى أعماله وآثاره في وطنه وفي العالم نظرة عامة وبيان ذلك أن نفحص شخصيته وأحواله النفسية والمؤثرات الأدبية والاجتماعية والسياسية التي أثرت فيه في كل أطوار حياته، ثم نبحث في أعماله بحثا إجماليا، ثم نصدر الحكم عليه فيكون حكما قريبا من الحق على قدر المستطاع.
وغير خفي على أولي الفطنة أن الحكم على ظواهر حياة بونابرت كمراتب المجد ومناصب القوة والسلطة التي تقلب فيها غير كاف، إذا ضربنا صفحا عن أصله ومنشئه؛ لأن للوراثة والنشوء الطبيعي في أخلاق الرجال وطبائعهم، بل في أخلاق الجماعات والأمم آثارا قوية لا يمكن إهمالها أو نسيانها.
نابوليون بونابرت من أهل كورسيكا، وهي جزيرة في أواسط البحر، منقطعة عن الممالك المجاورة، فلا هي إيطالية ولا هي فرنسوية، ولا هي بالبيئة البرية ولا بالوسط البحري المحض. جزيرة اشتهر أهلها بقوة المزاج وشدة الشكيمة وسرعة الغضب وحب الانتقام (فنديتتا)، وقد يكظم أحدهم غيظه ويصبر على الضيم سنين؛ لأنه يعد لعدوه ثأرا شيطانيا، يدبر له مكيدة جهنمية تخنقه خنقا شاذا وتمطر عليه نارا وكبريتا، وتبعث إليه من قرار سقر بأفاع ذات سم زعاف يرسلن به إلى عالم الهلاك والعدم، كما يقول شكسبير في بعض رواياته.
هذا عن الوسط الطبيعي الذي نشأ فيه بونابرت. أما عن الوسط البيتي، فقد كان وسطا شاذا، لأن أباه كان موظفا صغيرا خاملا، مات حوالي الثلاثين من عمره بداء السرطان، وكان كثير من أهله وأقاربه مصابين بأمراض شتى، بل كان هو نفسه مصابا بداء الصرع الذي أصيب به كثيرون من العظماء، أمثال ولنجتون ودوستيوسكي وغيرهما، وهذا الداء قد يكون عند البعض دليل البله وضعف العقل، وعند البعض دليل النبوغ؛ لأنه أثر من آثار اختلال الجهاز العصبي الدال على مخالفة صاحبه في القوى العقلية وعاطفة الإحساس لغيره. وقد حاول كثيرون من أعداء النبي محمد - عليه الصلاة والسلام - أن يدعوا عليه كذبا وبهتانا أنه كان مصابا بهذا الداء، مستشهدين بما حدث له إذ كان لدى مرضعه حليمة فخلفته مع الأطفال، فوقع على الأرض وأغمي عليه، وما زال كذلك حتى هلع الأطفال وانفضوا من حوله. ولكن علماء الدين الحنيف الأجلاء يفسرون ذلك بالتفسير الصحيح، وهو أن الله - سبحانه وتعالى - بعث الملك ليطهر قلب نبيه الحبيب، وقد دافع توماس كارليل عن هذا الرأي فيما كتبه عن النبي عليه التحية في كتاب الأبطال، وأثبت بأدلة باهرة أن ما كان يصيب النبي من الإغماء في حياته، إنما كان لشدة ما يعانيه عند حلول الوحي، وهذا هو الرأي الصادق الحقيقي. ولكن شأن نابوليون غير ذلك، فإنه كان مصابا حقيقة بالصرع، ولم يكن هذا ليقلل من قدره، ولكنه كان دليلا على اختلال جهازه العصبي كما أسلفت، وهذا الاختلال يؤخذ اليوم عند العلماء الطبيعيين دليلا على العبقرية. وهنا نلفت نظر القارئ إلى عدد عظيم من الكتب التي دونت في هذا المعنى وأحسنها باللغة الإنكليزية كتاب
The Insanity of Genius
1
وجملة القول في هذه النقطة الأولى أن بونابرت ولد عبقريا حربيا في وسط شاذ.
ثم إن هذا العبقري كان فقيرا ذا مطامع لا حد لها، وذا إرادة كالفولاذ، وصبر على العمل لا ينفد، وهذه الخلال الثلاث ما اجتمعت لرجل إلا رفعته إلى السماكين، فالفقر يبعثه على العمل لتحصيل المال، والمطامع تدفعه إلى المخاطرة لتحصيل المجد، وإرادته تنفعه إذا خانته الرجال والأحوال، وتدعوه إلى ممارسة الأشياء ومعاودتها حتى تتم له، والصبر على العمل هو خير أداة لتنفيذ رغائب النفس العالية والإرادة القوية.
ولا ننسى أن نابوليون ولد ميالا بطبيعته للرياضيات والحرب؛ أي إنه خلق قائدا، وكان في طفولته يلعب بألاعيب على شكل المدافع، ويحرك الصبيان تحريك الجيوش، ويهاجم أماكن اللعب مهاجمة الحصون والقلاع.
وهذا كله يدل دلالة واضحة على أن الطبيعة والقضاء أرادا إرادة ثابتة مطلقة جلية أن يكون بونابرت قائدا عبقريا، وأرادت العناية أن يعيش بعد أن شرع في إغراق ذاته، وأراد القضاء أن يولد بونابرت في زمن كانت فرنسا - بل أوروبا بل العالم كله - محتاجة فيه إلى فاتح عظيم يمهد لذاته سبل الفتح، فوقع انتخاب القضاء على بونابرت. إلى هنا كان نابوليون غير مسئول؛ لأنه لم يخلق نفسه ولم يهبها مناقبها وخلالها السامية، ولم يجعل أوروبا في حاجة إلى الحرب، بل هو أراد القضاء على حياته، ولكن بعد اليوم الذي ثبت فيه قدماه على أرض فرنسا، ووثق به رؤساء الحكومة وقلدوه قيادة الجيش الذي حرر إيطاليا، أصبح نابوليون مسئولا عن كل صغيرة وكبيرة من أعماله، وآثار شعوره بهذه المسئولية موجودة في حكمه وكلماته، وفيما دونه وحرره من الكتب والمكاتيب.
يعرف قارئ هذه الصحف أن نابوليون بونابرت ولد عام 1769، وأن أباه شارل بونابرت كان موظفا خاملا، أما أمه لاتيتيا رامولينو وهي امرأة إيطالية الأصل، فكانت مشهورة بقوة الإرادة وصلابة الرأي إلى حد العناد، وإن بونابرت تفوق في المدرسة ثم في فرقة الطوبجية بطولون عام 1793، وارتقى إلى درجة قيادة لواء في حملة إيطاليا (1794)، ثم غضب عليه بعد حوادث 9 ترميدور لاتهامه بمؤازرة روبزبيير، فأبعد، ثم أعيد فعين مكان شيرر قائد حملة إيطاليا في سنة 1796 فأبلى بلاءه المشهور وانتصر انتصارا باهرا في مواقع شتى؛ كمونتنونتي وميليسيمو وموندوفي ولودي وأركولي وريفولي وغيرها، إلى أن أرغم النمسا على عقد محالفة كامبو فورميو التي ضمنت حرية إيطاليا وجلاء النمسا عن أراضيها.
ثم عاد إلى فرنسا وهو موضع إعجاب أمته، وموضع حسد وبغض أعضاء حكومة الديرقتورية، ولم ينس نابوليون قبل عودته أن يسلب كنوز إيطاليا ومتاحفها، فنقل إلى وطنه ما استطاع من الآثار والعاديات والتحف، ومعظم ما نراه اليوم في متحف اللوفر وغيره هو من بقايا تلك الهدايا الإجبارية التي قدمتها إيطاليا للقائد الشاب ثمنا لحريتها؛ لأنه لم يكن يحارب الطليان أنفسهم، إنما كان يحارب النمسا التي كانت مستولية على إيطاليا ترهق أهلها وتهضم حقوقهم وتستغل ثروتهم.
فلما أن عاد بونابرت إلى فرنسا زادت مطامعه؛ لأنه رأى نجمه صاعدا وفوزه مؤكدا، فصحت عزيمته على أن يكون سيد فرنسا ومولاها، وقد أقر بذلك في مذكراته فقال: «حيث أريد أن أسود فرنسا فلا بد لي من أن أكون رجلا لا يستغنى عنه، ولا يكون هذا إلا إذا ساءت حال حكومة الديرقتورية في غيبتي فتستنجد فرنسا بي فأعود ويعود النصر معي.» وكان هذا هو السبب الحقيقي الذي دعا نابوليون إلى الإلحاح في تجريد حملة مصر (9-1798)، وإذ كان بونابرت غائبا في وادي النيل ساءت حال حكومة الديرقتورية بفرنسا، وأصبحت ممقوتة في عين الشعب لأسباب شتى، منها ما لقيه الجيش الفرنسوي من الصعوبات الأولى في مصر، ومنها بعض القوانين التي سنتها الحكومة خاص بعضها بالتجنيد وبعضها بالقرض الإجباري، وبذا صح نظر بونابرت في نتيجة سياسة الحكومة العاجزة.
وقد رأى بونابرت إذ ذاك أن الفرصة قد سنحت، وأن في طاقته حينئذ أن ينفذ غايته التي كان يرمي إليها منذ البداية، فسرعان ما عاد إلى فرنسا وقلب نظام الحكومة وصيرها قنصلية بدلا من الديرقتورية، وكان ذلك في 9 نوفمبر سنة 1799، وعين ذاته قنصلا أولا ثم سعى في الحصول على التثبت من وظيفته طول حياته، فكان ذلك، وانتخب قنصلا للحياة (1802)، وذلك بعد أن أمضى معاهدات الصلح مع إنكلترا وغيرها (لوينفيل وامينز).
ثم بدأ يستبد داخل البلاد وخارجها، فأمر بإعدام دوق دانجان بعد اتهامه بتدبير مكيدة على حياته، ثم أباح الاسترقاق في مستعمرات فرنسا بعد إلغائه في عهد الثورة الفرنسوية.
ثم عاد فخلى المظالم جانبا وقام بأعمال جليلة خلدت ذكره في التاريخ، أولها وأعظمها سن القانون المدني الفرنسوي الذي لا يزال معروفا باسمه في أنحاء العالم، ثم وضع نظاما ماليا جديدا، وأسس بنك فرنسا الذي لا يزال قائما، وكون مدرسة باريس الجامعة التي تفرعت عنها بعد ذلك مدارس فرنسا الجامعة في مدن الأرياف ، ثم أمضى معاهدة الكونكوردا مع البابا بيوس الثامن، فضم الكنيسة الكاثوليكية إلى الحكومة وأخضع القسيسين لسلطته بحيث أصبحوا يستمدون نفوذهم منه.
وفي 18 مايو سنة 1804 أجمع رجال الحكومة بإيعازه على أن يجعلوه إمبراطور فرنسا، ولم تجد هذه الحركة الرجعية مقاومة إلا من شخصين اثنين يخلد التاريخ ذكرهما العاطر، الأول كارنو الذي احتج في مجلس التربيونا، وجريجوار في مجلس الشيوخ. وكارنو هذا هو منظم الجيش الفرنسوي الوطني، وأحد كبار الثورة الفرنسوية، وجد الرئيس كارنو الذي قتل في ليون عام 1894 بيد كازريو الفوضوي. فلما صار بونابرت نابوليون الأول، كانت فرنسا في حاجة شديدة للسلم بعد خمس عشرة سنة قضيت في الحروب الداخلية والخارجية، ولكن بونابرت فطن إلى مسألة مهمة تتعلق بشخصه كما كانت عادته؛ إذ كان يجعل ذاته فوق وقبل كل شيء عداها، فطن إلى أنه وصل إلى عرش القياصرة بفضل انتصاراته، وأنه لا يستطيع استبقاء السلطة إلا بانتصارات جديدة، فأقام على أوروبا حربا عوانا بدعوى نشر مبادئ الثورة الفرنسوية والقضاء على مظالم الملوك المستبدة، ولكنه كان يرمي في الواقع إلى غاية أخرى، وهي أن يبهر العالم بقوته وصولته وأن يفتح ممالك أوروبا، ويكون هو سيد العالم المتمدين، فيخضع له سواه. وهكذا يبقى سيد الأرض من أقصاها إلى أقصاها. وقد ساعده الحظ ففاز في مواقع شتى أهمها أوسترليتز وأينا وايلو وفريدلاند وإيكموهل وواجرام.
وحوالي عام 1812 بدأ نجم سعده في الهبوط، ففشل في حملة روسيا، وكان لم ينته بعد من حملة إسبانيا، ثم حارب في وقعتي لوتزن وبوتزن، وكان في استطاعته أن يصالح أعداءه صلحا مشرفا، ولكنه رفض شروطهم التي عرضت عليه في مؤتمر براج، فتألبت أوروبا بأسرها عليه، وانتصرت على جيوشه في موقعة ليبزيج عام 1813 واحتلت الدول جزءا من أرض فرنسا ودخلوا باريس عام 1814، رغم المجهودات العظمى التي قام بها الإمبراطور ليردهم عن عاصمة وطنه.
فلما رأى الفرنسويون أنفسهم أن بونابرت أصبح عاجزا عن حماية عاصمة بلاده قرر مجلس الشيوخ خلعه، فتنازل عن العرش في فونتنبلو (20 أبريل 1814)، وخرج من مقر دولته طريدا إلى جزيرة «إلبا» حيث قضى ستة أشهر، وكان لويز الثامن عشر حينئذ ملك فرنسا، استجلبوه من منفاه عقيب رحيل بونابرت، ولكن فرنسا لم ترض به، فقامت عليه الفتن من كل جانب فاضطر للفرار، فانتهز بونابرت تلك الفرصة وترك جزيرة إلبا في 26 فبراير سنة 1815، فلما بلغ باريس استعاد ما كان له من القوة وأعد جيوشه من جديد، وحكم مائة يوم مشهورة، ولكن أعداءه الذين تألبوا عليه من قبل عادوا إلى السيرة الأولى، فحاربهم وكان نصيبه الفشل في موقعة وترلو الشهيرة، فعادوا واحتلوا أرضا من فرنسا، وكانت إنكلترا وحدها تلح على الحكومة في تسليمه إليها لتفعل به ما تريد انتقاما منه على تدويخها وإغاظتها، وقد غدره ملك إنكلترا إذ ذاك بعد أن وعده بتسريحه، وأسلمه فوشيه الدنيء إلى ألد أعدائه، فأبحرت الباخرة (بيليروفون) إلى جزيرة اسمها سانت هيلانة، وكان بونابرت يظن أنه ذاهب إلى بلاد الإنكليز.
ومات بونابرت عام 1821 بعد ست سنين قضاها في الذل والأسر.
هذه المعلومات السطحية يعرفها كل إنسان، ومن لا يعرفها لا يصعب عليه البحث عنها، ولكن أسبابها ونتائجها هي الجديرة بالنظر.
فإن القارئ يرى لأول وهلة أن بونابرت قام بعملين للوصول إلى العرش؛ الأول أنه جعل ذاته منقذا لفرنسا بعد أن صير وجوده حيويا لها، وساعد حكومة الديرقتورية على سقوطها وضياع نفوذها، ولذلك ألح عليها بضرورة حملة مصر، ولعلمه بأن الذين كانوا على رأس الحكومة كانوا ضعافا قاصرين فقد تأكد من نتيجة سياسته قبل وقوعها؛ لأنه لا ينتظر من غير الأكفاء، إلا الوقوع في الأغلاط دون تصحيح بعد ذلك، ولكن الأكفاء قد يخطئون وقد يصنعون شرا إما طوعا وإما كرها، ولكنهم يعودون فيصلحون ما أفسدوا، ويعوضون عما مضى منهم خطأ أفعالا شريفة قويمة ترجع نفوذهم وتنسي الماضي إن كان نسيانه في مصلحتهم.
فلما أن صح نظر بونابرت في رجال الحكومة عاد إلى فرنسا، فاستقبلته الأمة استقبال المنقذ، فلم يجد صعوبة في قلب نظام حكومي عقيم ظهر قصور القائمين بأمره، وجعل ذاته قنصلا كخطوة أولى في سبيل المجد الذي كان يرمي إليه، ثم إنه لما عين قنصلا حصل على تثبته من منصبه طول حياته؛ لأن الوصول إلى العرش من منصب قنصل دائمي أسهل من الوصول إليه من منصب قنصل قابل للعزل أو السقوط، ثم ظهرت صلابته وحبه للاستبداد بعملين: الأول مقتل دانجان ابن أمير كونديه، والثاني إعادة الرق في المستعمرات، أما عن الأول فإن حجة بونابرت فيه قوية؛ يقول إن دانجان قد تآمر عليه هو وغيره من الأشراف، وأنصار دانجان يقولون إن هذا الأمير كان مشتغلا بزوجته وبالصيد في الأحراش عندما وافاه خبر القبض عليه، ونابوليون ذكر في مذكراته أنه كان يتسرع في اقتراف بعض المظالم خشية أن يكون ما بلغه حقا، فإذا توانى فرت الفرصة وكان في ذلك هلاكه، ولا شك في أنه كان يعني بذلك مقتل دانجان. على أنني أجد له دفاعين: الأول أن للرجل صاحب السيادة حق حماية ذاته، لا سيما إذا كان في منصب كمنصب بونابرت؛ أي إذا كان حقه قائما على القوة لكن دون إرهاق، والدفاع الثاني أن كثيرين من الأمراء الحديثي العهد بالإمارة قضوا على مئات من الأمراء الأقدمين ليخلو لهم الجو، وليأمنوا جانب أصحاب السلطة السابقين.
والعمل الثاني هو إعادة الاسترقاق في المستعمرات، ولست أرى في هذا لوما على بونابرت؛ لأننا ونحن في هذا الجيل نرى من الأمم الحرة المتمدينة فظائع أشد من استرقاق العبيد في أواسط أفريقيا. إننا نرى أمما وشعوبا بأسرها في أشد أنواع العبودية، بل إن أهل الولايات المتحدة يقتلون اليوم العبيد رميا بالرصاص وصلبا وشنقا بدون محاكمة، ولو استطاعوا هلاكهم عن آخرهم في طرفة عين ما تأخروا، وقد استعبد الصينيون في جنوب أفريقيا منذ خمس سنين، حيث كانوا يعملون كالأنعام في المناجم التي تخرج الذهب. وزد على هذا كله أن بونابرت كان في جيل لم يفطن أهله إلى ما يفطن إليه أهل هذا الجيل، فهو في الأمرين معذور وليس عليه لوم كثير، ولو كان ملوما فقد أصلح بأعمال كثيرة بعد ذلك هذين الخطأين كسن القوانين وتأسيس مدرسة باريس الجامعة وبنك فرنسا وغيرها. بل كل أعماله كانت موجهة نحو الخير المحض.
قلت في أثناء هذا الكلام أن بونابرت قام بعملين للوصول إلى العرش: الأول أنه جعل ذاته منقذا لفرنسا بعد أن صير وجوده حيويا لها، وأسهبت في ذلك، والعمل الثاني قام به بعد أن وصل إلى العرش وأراد استبقاءه، فإنه أقام على أوروبا حربا عوانا بدعوى نشر مبادئ الثورة الفرنسوية، وما زال ينتصر على أوروبا حتى هبط طالع سعده وهوى نجمه فوقع غدرا في قبضة ألد أعدائه.
ولكن أردت بذكر هذين العملين أن أثبت ما ذكرته في أول هذه المقدمة من أن بونابرت هو الذي خلق الظروف التي أرادها، وأحاط نفسه بجو يقتضي ارتقاءه إلى العرش.
على أنني أود من صميم فؤادي أن أصدق أن بونابرت أراد بحروبه أن ينشر مبادئ الثورة الفرنسوية لولا أمران؛ الأول أنه أقر في مذكراته (وقد نقلت بعضها) من أنه رأى أنه لا يحفظ القوة إلا القوة، وثانيا أن مبادئ الثورة التي ادعى التفاني في نشرها خارج بلاده قد قضى عليها في وطنه، وهذا من غرائب المتناقضات في أقوال وأفعال العظماء. •••
إن سيئات بونابرت كثيرة؛ فمنها: (1)
قلبه نظام الحكومة في فرنسا ثلاث مرات ليصل إلى العرش. (2)
بعض المظالم التي اقترفها متسرعا، كقتل الأشراف ونفي أصدقائه ورفقاء صباه. (3)
تضييقه على الحرية الاجتماعية والسياسية، بحيث لم يكن في فرنسا لعهده إلا جريدة واحدة، وهي جريدة المونيتور، وهي الجريدة الرسمية. (4)
إقامته حروبا شعواء على أوروبا أهلك فيها ألوف الألوف من جنود فرنسا وجنود الأمم الأخرى. (5)
تطليق جوزفين طمعا في زواجه بابنة إمبراطور النمسا.
وحسناته كذلك كثيرة، فمنها: (1)
تحرير إيطاليا من ظلم النمسا. (2)
تحرير مصر من ظلم المماليك وإخراج كنوز مصر العلمية بواسطة فرقة العلماء التي كانت تصحبه. (3)
نشر مبادئ الثورة الفرنسوية في ممالك أوروبا وتطهيرها من مفاسد العهد القديم، والقضاء على مظالم المستبدين من الملوك والأمراء قضاء مبرما. (4)
سن القانون المدني الذي أخذته ممالك العالم كله واستفادت به منذ مائة عام. (5)
تأسيس مدرسة باريس الجامعة التي انتشر العلم بواسطتها في أنحاء فرنسا وأوروبا. (6)
تأسيس بنك فرنسا الذي هو من الدعائم الأولى في حياة أوروبا الاقتصادية. (7)
حرك العالم كله من أوله إلى آخره بحروبه، فبعث بروح الرجولية والشجاعة في الأمم التي قهرها أو حاربها، فإن ألمانيا وروسيا تعدان ابتداء حياتهما الحقيقي من عهد حروب بونابرت. (8)
كان ماليا حاذقا وسياسيا لا يجارى، فلم تقع فرنسا لعهده في أزمة ولم يخدعه ملك.
أما عن سيئاته التي ذكرتها لأن المؤرخين يذكرونها فمنها ما يسهل تبريره ومنها ما لا يمكن أن يغتفر له، فمما لا يغتفر: قلبه نظام حكومته الجمهورية وتضييقه على الحرية.
أما إقامته حروبا على أوروبا فلا معنى للومه على ذلك؛ لأن نابوليون لم يكن ليكون نابوليون لولا تلك الحروب؛ لأنه خلق كما ذكرت بطبيعته والوسط الذي نشأ فيه والظروف التي هيئت له قائدا محاربا، فلا يعقل أن يحرم من عنصر حياته الأول وهو الحرب التي كانت له بمثابة الماء للسمك.
أما عن طلاق جوزفين، فهذه سيئة ترد كثيرا على أفواه السيدات والصبيان لتشبع نفوسهم بالعواطف الرقيقة، ولكن البحث في هذا لا يدخل في مجال قول جدي.
على أن بونابرت مهما كان له من السيئات الصغرى التي لم نذكرها، إما جهلا منا بها، وإما صونا بسمعته، فقد كفر عنها كلها خلال السنين الست التي قضاها في جزيرة سانت هيلانة تحت رقابة الوحش الشيطاني هدسون لو، الذي سبق الكلام عليه، وكل ما يقال في هذا المجال أن نابوليون لم يخطر بباله أن يفر من تلك الجزيرة مع أن كثيرين عرضوا عليه ذلك، وأبى أن يخرج منها إلا حيا بشرف أو ميتا محمولا على الأعناق.
وكان الأنوك الغاشم هدسون لو يحرمه مشاهدة صورة ابنه الوحيد، أو التمتع بشميم خصلة من شعره، وكان يتعقبه بحرسه أنى ذهب. فلما أن لحقه المرض الأخير أبى عليه زيارة الطبيب، وكان إذا زاره الطبيب أوعز إليه أن يهيج غضبه باتهامه بتصنع المرض (راجع كتاب مرض الإمبراطور تأليف أنطوماركي).
وقد أرادت الأقدار أن يبقى اسم هدسون لو قرين اسم بونابرت، ولكن هذا الخلود يشبه خلود اسم إبليس مقرونا باسم آدم. •••
وخلاصة القول أن بونابرت كان بطلا من أعظم أبطال التاريخ الإنساني إن لم يكن أعظمهم، وأنه كان مدفوعا في كل أعماله بقوة خفية كامنة منه لا يمكن مخالفتها؛ فهو خلق ما خلق من الظروف والمهيئات، ودبر ما دبر من الأعمال والانتصارات؛ ظنا أنه يعد ذلك كله لنفسه بنفسه، ولكنه للغيرة كان آلة في يد القضاء، بل ممثلا صغيرا في ملعب الحياة الكبير، ومنفذا لأغراض أخرى غير الأغراض التي كان يراها، حتى إذا استغنت عنه العناية بعد أن خدعته تصدته وسلطت عليه أرباب الحرب، فغضبت عليه وقهرته وسلمته لأعدائه.
وهو يقول في أول مذكراته: «إن الناس ينسبون انتصاراتي لحظي، وغدا ينسبون فشلي لعيوبي، وحقيقة الأمر أنني لم أتغير ولكن الحظ نفسه هو الذي تبدل.» وكأنه بهذه العبارة قد شعر بأنه لم يكن إلا أداة في يد القدر.
فليكن بونابرت المثل الأعلى
Idéal
للبشر؛ فإنه خير من يقتدى به في قوة الإرادة وحب العمل وتذليل المصاعب والدوس على العقبات، وليكن عبرة لمن لا يفطنون إلى حقيقة حالهم وضعف حولهم إلا بعد فوات الفرص.
محمد لطفي جمعة
هليوبوليس في 5 أبريل سنة 1912
الفصل الأول
اهتمامه بتعليم نفسه
كان نظام التعليم في جزيرة كورسيكا مختلا معتلا، فكان نصيبي من العلم على قدر اهتمامي بأمر نفسي وعنايتي بطلبه. «حياة نابوليون بونابرت» تأليف سلون، ص200، جزء 1
حبه للسبق
كنت أصرف سويعات الفراغ في العمل وكثيرا ما قضيت الليالي في التفكير في دروسي؛ لأنني كنت أرمي إلى غرض واحد وهو الفوز على أقراني.
ص7، كتاب «نابوليون الصادق» تأليف جوسين
القوة والعلم
إنني وسيفي بجانبي وإلياذة هوميروس بين يدي أستطيع أن أخوض غمار الحياة وأفوز في معتركها.
جوسين
حدة العظماء وواجب الأبناء
لا أستطيع أن أعالج نفسي من داء الحدة التي يشتد خطرها كلما تحققت عدل الأسباب التي تهيجها، وإنني لا أهتم بما أخسره من المنافع المادية والأدبية مهما كان مقدارها إذا كان نيل تلك المنافع موقوفا على جرح عواطفي أو مس شرفي، ولست أحتمل أن أسمع بأذني إهانة والدي وهو رجل شريف، ولا أستطيع الصبر حتى أشكو أمري إلى رؤسائي؛ لأنني أعتقد بأنه ينبغي للولد البار أن ينتقم لأبيه. (لما كان نابوليون طالبا بمدرسة برين الحربية كان بعض أقرانه يحملون عليه ويعيرونه، وحدث أن أحدهم سب أباه على مسمع منه، فطلبه إلى النزال ونال منه، وعوقب بعد ذلك بالحبس، فكتب هذا الكتاب إلى رئيس المدرسة فأمر بتسريحه لساعته.)
تاريخ بارنج جولد، ص18
ذكرى الصبا
ما ألذ تذكارات الصبا التي تعاودني كلما خلا ذهني من التفكير في شئون السياسة، أو كلما استرحت من شتائم السجان (السير هدسون لو)، وكثيرا ما أستعيد آرائي الأولى في الحياة. وقد يخطر ببالي وأنا أتأمل في ساعات السكينة والهدوء أنه لو قدر لي أن أكون ذا دخل قدره 500 جنيه في العام وحولي زوجتي وأولادي وبقية أسرتي بداري في أجاكسيو أكون أسعد الناس حالا، وأنت يامونتولون (صديقه في أسره) تذكر هذه الدار وجمال موقعها، وكثيرا ما كنت تقطف عناقيد العنب من كرومها أنت وعشيقتك بولين، لله ما أسعد تلك الأيام الماضية! ولله ما أجمل ذكرى الصبا! إن مخيلتي تعرض علي كل ما يتعلق بأول منزل رأيته ومرحت فيه، وإني أكاد أشم رائحة زهور الحديقة زهرة زهرة، بعد مضي كل تلك السنين الطويلة، وأوشك أن أضع قدمي في أول موضع وطئته في طفولتي.
وإني كذلك أذكر يوما خرجت فيه ومعي خمسمائة من إخواني، وكلنا من أشراف جزيرة كورسيكا ونبلائها، وسرنا في ركاب باولي، وكنت أسر كلما أدناني منه ودلني على مهامه الجزيرة ومفاوزها وسهولها وجبالها ووديانها. وذكر لي ما حدث فيها من الوقائع الحربية التي جاهد فيها أبناء وطننا جهاد الأبطال في سبيل تحرير بلادنا واستقلالها، ولا تزال الآلام والآمال التي تحركت في نفسي في ذلك اليوم تعود إلي كأنها بنت أمس الغابر.
ص57، «حياة نابوليون بونابرت» تأليف يوسف آبوت
اشتغاله بتاريخ وطنه
وكتب إلى صديقه رينال:
إنني أشتغل الآن بالكتابة مع أنني لا أزال في الثامنة عشرة من عمري، وليس في ذلك غرابة؛ لأن هذا هو أوان الاشتغال بالعلوم وتحصيلها. هل تسخر من جسارتي؟ كلا، إذا كان الميل إلى الصفح دليل النبوغ، فلا بد أن يكون نصيبك منه وافرا. أبعث إليك بفصلين من كتاب أؤلفه في تاريخ كورسيكا، والفصلان نموذج لبقية الفصول، فإذا راقك ما كتبت استمررت في العمل، وإلا ضربت عن الكتاب صفحا.
سلون، ص390، جزء 10
صحة الجسم وصحة النفس
وكتب إلى أمه سنة 1798:
ليس لي ملجأ سوى العمل، إنني لا ألبس ثيابي الرسمية إلا مرة في كل أسبوع، ولا أنام بعد أن نقهت من المرض إلا قليلا. وعادتي أني أدخل مخدعي في الساعة العاشرة وأنهض في الرابعة بعد نصف الليل، ولا آكل في اليوم إلا وجبة واحدة في الساعة الثالثة بعد الظهر، وهذا فيما أظن ينفع صحتي.
سلون، ص58، جزء 1
رأيه في الناس والحياة
وكتب إلى أخيه يوسف سنة 1792:
كل يسعى لنيل أغراضه ويستعمل الكذب والافتراء ليرتقي بها في مدارج التقدم، فحياة الناس قائمة على الدسائس الدنيئة، وإني أشفق على كل من قسم لهم أن يمثلوا دورا مهما في الحياة، لا سيما إذا كانوا لا يستطيعون أن يتغلبوا على آمالهم، ولا ريب عندي في أن التمتع بحب الأسرة والاكتفاء بدخل يسير لا يزيد عن 4000 أو 5000 فرنك خير ما يرمي إليه العاقل. وخير أيام الحياة هو ما كان بين الخامسة والعشرين والأربعين؛ أي عندما تهدأ نفس الرجل وتخمد نار الشباب، فلا يعاني ما يعانيه الفتى من الاشتعال والغليان.
أوصيك يا أخي بالاعتدال في كل شيء، إذا أردت أن تكون سعيدا في حياتك. «حياة نابوليون النفسية» تأليف أرثور ليفي، ص13، جزء1
قوة نفسه
وكتب إلى أخيه يوسف في سنة 1795:
أشعر في نفسي على الدوام بأنني كالجندي قبيل موقعة كبرى، وأرى أنه ما دام الموت غاية كل حي، فمن العبث والجنون أن يشغل الإنسان نفسه به أو يخشى مجيئه، إنني أستطيع أن أقابل طوارئ الحدثان بشجاعة وثبات جأش، ولو لم تغيرني الأيام فسوف أقف في طريق الموت ولا أفر منه إذا مد لي يدا.
لانفري، ص48، جزء 1
أخلاق قواد الجيوش وقادة الأمم
أرغمني شبابي في إبان الحروب الإيطالية على الحذر في كل حركاتي وسكناتي، واستدعاني إلى التجمل بسائر الأخلاق الفاضلة، وكان هذا من الضرورة بمكان لأتمكن من بسط نفوذي على قوادي وجنودي، سيما وأن أغلبهم كانوا أكبر مني سنا وأقدم عهدا بفنون الحرب، فكنت على الدوام متشددا في أخلاقي لأكون نموذجا لأتباعي ليسيروا على دربي وينسجوا على منوالي، وكانت أخلاقي لذلك العهد تقرب من أخلاق كاتون، فكان من حولي يحسبونني حكيما زاهدا، وفيلسوفا متعبدا. وغني عن البيان أنه لو لم أتمكن من الظهور بمظهر الترفع عن الجميع ما استطعت أن أكون مسموع الكلمة أو نافذ الأمر في الجيش، ولو أنني في ذلك الحين استسلمت للضعف الكامن في نفوس البشر فقدت كل قوتي وبطشي.
آبوت، ص350
نابوليون يخدع نفسه والناس
وكتب إلى أخيه يوسف في سنة 1799:
إن همومي التي تشغلني في وحدتي كثيرة؛ لأنه قد برح الخفاء وافتضح الأمر، وليس لي في الدنيا سواك، والعالم بأسره هين عندي في جنب رضاك، ولو أنني فقدت صداقتك وإخلاصك وخانتني جوزفين في حبي، فقل على حياتي السلام، ولا غرابة إذا صرت بعد ذلك من أعداء الإنسانية الألداء، يا حبذا لو كان لي منزل في شمال فرنسا، أو في ضواحي باريس؛ لأنني في حاجة شديدة إلى الوحدة والخلوة، إن حب العظم يتعبني، بدأت أحس بأن المجد أمر تافه لا قيمة له. إنني في التاسعة والعشرين من عمري ولم يبق في ميدان المجد غرض إلا أصبته، فلم يبق لي إلا أن أعجب بنفسي وأتيه على العالم بأسره.
اقتداره على المشاق
وكتب إلى جوزفين في سنة 1806:
أقطع في كل يوم خمسة وعشرين فرسخا في العجلات، وعلى ظهور الجياد، وسيرا على الأقدام، وأرقد في الساعة الثامنة وأنهض في منتصف الليل.
ليفي، ص365، جزء 2
سر النجاح في بعد النظر
أشتغل دائما وأفكر كثيرا، وأحل كل ما يعرض لي من المعضلات قبل حدوثها؛ لأنني أقضي زمنا طويلا في النظر في العواقب، فلا يحدث شيء لم يكن في حسباني، وليس في ذلك فضل للنبوغ، إنما الفضل كل الفضل لتأملي في المسائل وإمعاني فيها لحلها. إنني أشتغل دائما سواء كنت في الفراش أو على المائدة أو في دار التمثيل.
سلون
صبره على العمل
خلقت للعمل، لقد عرفت الغاية التي تنتهي إليها قوة بدني ونظري، ولكنني لم أجد حتى الآن حدا لقوتي في العمل وصبري عليه.
سلون، ص163، جزء 3
في جزيرة القديسة هيلانة
ثقته بنفسه
إنني متفان في الأعمال العقلية، ولست أدري مقدار ما يمكنني إنجازه مما يعرض لي؛ لأن قدرتي لا حد لها.
ماسون، «حياة نابوليون المنزلية» ص7، جزء 2
نشاطه
إني ضاعفت قوتي بالنشاط وحب العمل.
جورجو، ص143
خضوعه للطبيعة
وكتب إلى جوزفين سنة 1806:
أعترف بأنني أشد الأسرى مذلة؛ لأن سيدي لا يعرف الرفق ولا يشفق علي. وهذا السيد المستبد هو الطبيعة.
ليفي، ص365، جزء 2
قيمة الخيال في نظره
إن هواجسي لا تخدعني.
كوكانيكورت، ص152، جزء 1
وحدة الخلق في العظماء
دائما على حال واحدة؛ لأن أمثالي لا يتغيرون.
تاربيل، ص429
ثقته بنفسه
إن عظمتي لا تنتهي إلا بالموت.
كوكانيكورت، ص69، جزء 2
أفكاره تسبق ألفاظه
لا يمكنني أن أكتب بجلاء ووضوح؛ لأن عقلي مشتغل بأمرين مختلفين؛ الأمر الأول ما يجول بخاطري من الآراء والمعاني، والثاني خط البنان، ولما كانت الآراء والمعاني تسبق الألفاظ فقل على اعتدال الأسطر وأشكال الحروف السلام، إنني أفضل أن أملي على كاتب؛ لأن الإملاء أسهل لدي من الكتابة؛ لأنها كالمحادثة.
جورجو، ص261
حضور ذهنه
يكون ذهني بعد نصف الليل حاضرا حضورا كاملا، بحيث لو نهضت لحدوث أمر طارئ، كنت على أتم ما يكون من اليقظة والصحو، ولو رآني أحد وأنا ناهض من الفراش لا يستطيع أن يعلم متى نهضت من نومي، ولو أخذت أملي على أحد كنت كعادتي نهارا حاد الذهن حاضر البديهة.
ماسون، ص77، جزء 2
حرصه على الزمن
اذكروا أن العالم لم يخلق إلا في ستة أيام، واطلبوا مني كل شيء غير الوقت ، فهو الأمر الوحيد الذي ليس تحت سلطتي.
آبوت، ص83
ثقته بنفسه
أشعر في نفسي بقوة غير محدودة.
سلون، ص147، جزء 4
ثقته بنفسه
قد منحني الله قوة تمكنني من التغلب على سائر العقبات.
سلون، ص148، جزء 3
ثقته بنفسه
أستطيع أن أقوم بكل ما أحتاج إليه، ولو فقدت من يصنع البارود أخذت في عمله بنفسي.
تاربيل، ص49
تدرجه في مراتب العلا
وصلت إلى العلا والظهور شيئا فشيئا.
جورجو، ص221
نابوليون بثياب الإمبراطور.
القوة تحمي القوة
إن فتوحاتي هي التي رفعتني إلى درجتي الحالية، وبالفتوحات يمكنني أن أحفظ مركزي الحالي.
بورين، ص124
غريزة التكوين والتأسيس
لكل إنسان أفكار وآراء خاصة به، وشهوة يشتهيها وتفضل لديه عن غيرها، وشهوتي هي التأسيس والتجديد لا امتلاك القديم.
آبوت، ص48
بعد نظره
لا فضل لي في حل ما يعرض لي من المعضلات؛ لأنني أنظر في الأمور قبل وقوعها وأعد لكل مسألة حلا.
ولزلي، ص329
قوة إرادته
إذا سعيت إلى غرض فإنني أسير إليه بلا تردد، ولا رضوخ لما يعرض لي من العقبات.
بورين، ص426
الثبات والمواظبة
لا تبلغ الغايات ولا تصاب الأغراض إلا بالثبات والمواظبة على العمل.
آبوت، ص587
قضاء الحاجة بالكتمان
إنني في أكثر الأحيان لا أقول شيئا مما أعرف ولا أبوح مطلقا بما أنا متحقق من حدوثه؛ لأن الفوز رهين الكتمان.
روز، ص246، جزء1
نابليون يؤيد وحدة خلقه
نسبوا حسناتي إلى حظي، وغدا ينسبون سيئاتي وما وقعت فيه إلى عيوبي، على أنني لو دونت تاريخ أعمالي ظهر للملأ أنني كنت في كل أطوار حياتي سليم العقل، قادرا على العمل، سائرا على خطة مرسومة، سواء في أيام سعدي أو أيام نحسي.
جوسين، ص104
ابتعاد زوجته عن السياسة
يعترف الإنكليز كما يعترف أفراد أسرة بوربون بأنني فعلت بعض الخير، ولكنهم يقولون أنني مدين في ذلك لجوزفين، مع أن زوجتي لم تتداخل قط في السياسة.
آبوت، ص37
شخصيته
وكتب إلى بورين سنة 1805:
لا تظن أن ما أصبته من المجد والعظمة غير عواطفي نحوك، إن قيمتي ليست في حمائل سيفي وقوائم عرشي؛ لأن هذه المظاهر كلها إنما هي لأجل الشعب، إنما قيمتي في شخصي.
بورين، ص304
ندمه على الماضي
أخشى أن أكون اقترفت بعض المظالم رغم إرادتي، ومنشأ هذا أنني كنت أعمل بمقتضى ما يبلغني من الأخبار لأول وهلة؛ خشية فوات فرصة العقاب، ولاشتغالي في كل لحظة بحيث لا يتيسر تحقيق ما يتصل بي منها، وكذلك أخشى أن أكون تركت كثيرين ممن أحسنوا إلي بدون أن أرد لهم إحسانهم. وإنه من سوء حظ الإنسان أن يكون عاجزا عن القيام بكل ما يحتاج إليه (1815). «ذكرى سانت هيلانة» تأليف لاس كاس، ص320، جزء 1
تأففه من الظواهر
وكتب إلى بورين:
أنت سعيد لأنك لست في حاجة إلى التزين والتبرج لتعرض نفسك على الأنظار، أما أنا فلا بد لي من الظهور بسائر مظاهر الأبهة والفخفخة؛ لأن ذلك يرضي الشعب ويسره.
ليفي، ص247، جزء 2
انصرافه عن المظاهر
وكتب إلى أخيه يوسف سنة 1814:
لم ألتمس قط تمجيد أهل باريس؛ لأنني لست من الملوك الميالين إلى التهليل والتكبير. «مراسلات نابوليون»، ص305، جزء 28
وضعه الصبر في محله
لم أعتد الإسراع في إنجاز أعمالي وتنفيذ خطتي؛ لأنني كنت أعتقد على الدوام بوجود الوقت الكافي لإتمام ما كنت عاقدا النية على إتمامه، وكثيرا ما قلت لأعضاء مجلس الدولة إنني أطلب عشرين عاما للقيام بما أريد، ولكن لم يكن لي في ضمير الدهر إلا خمس عشرة سنة.
مونتولون، ص293، جزء 1
سوء عاقبة التساهل
وقال في عرض كلامه عن تليسيت:
إذا تساهلت اليوم في أمر فغدا يلتمس مني غيره، وبعد غد يطلب مني سواه، فتذهب أعمالي في سبيل إرضاء ملك بروسيا.
لينكورت، ص60، جزء 2
شعوره بالمصائب بعد وقوعها
اعتدت سماع الأنباء المزعجة، فلا يريعني منها الآن شيء، ولكنني بعد ساعة من سماع نبأ مريع، أبدأ في التفكير في خطارة شأنه فأشعر بمصيبته.
جورجو، ص152
تدبير الملك إجمالا لا تفصيلا
إذا سمح لي أن أعود إلى الملك فلا أسير على النهج الذي سرت عليه في أول أمري، إنما أنظر إلى الأشياء جملة واحدة، ولا أشغل نفسي بدقائق الأشياء ومفصلاتها.
جورجو، ص91
دوران في حياته
انتهيت من تمثيل دور القائد، وآن لي أن أمثل دور الملك.
دي سانت امند، 319
1809 عقيب موقعة وجرام
ديمقراطيته
مع أنني صرت إمبراطورا، فلا أزال فردا من جماعة الشعب (1813).
لاس كاس ، ص287، جزء1
وكتب إلى جوزفين سنة 1807:
أود أن أعيش بهدوء؛ لأن لي رغائب أخرى غير الحرب ولكن الواجب في نظري أرفع وأعظم من كل شيء، وقد فرطت طول حياتي في الراحة والطمأنينة والسعادة والمنافع ليتم لي ما كان مقدورا علي.
آبوت، ص266
حرب روسيا
إن حروب روسيا هي التي أفنت جنودي وأتلفتني، على أن نظام حكومتي كان حسنا إذا أخذ جملة، ولو أتيح لي الملك مرة ثانية اتبعته وسرت بمقتضاه.
جورجو، ص92
تمسك الملوك بأوطانهم
إنني أفضل أن أموت تحت قوائم عرشي دون أن أسمح بضياع أملاك فرنسا، مما يعود علي بالخزي والعار في نظر العالم بأسره (1812).
عيبنا فينا
إن نصيبي من الخذلان كان من إعجاب قوادي بأنفسهم ونكرانهم الجميل أوفر من نصيبي من معاكسة الأقدار.
وطسون، ص592
أحقر فلاح أسعد من أكبر ملك
إنني أحسد أحقر أكار في إمبراطوريتي؛ فإن كان بلغ سني فقد قام بما يجب عليه نحو وطنه، واعتزل العمل ليقضي أيامه الباقية مع زوجته وأولاده، أما أنا فلا بد لي من قضاء أيامي في خيام المعسكر؛ تنفيذا لإرادة القضاء والقدر (1813).
كولينكورث، ص133، جزء 1
حياته في منفاه
لست ألقى شيئا من الصعوبة في تعويد النفس على حياة العزلة والانفراد، لا سيما إذا أمكن مريد العزلة أن يشغل وقته بما ينفع، فإنني أقضي وقتا طويلا بين كتبي وأوراقي حتى إذا خرجت لا أضجر ولا أقلق، إنما أكون مشتاقا لرؤية جنودي الأبطال.
الذكرى
إن ذكرى الماضي لا تؤلمني في هذه الجزيرة.
كولينكور، ص133، جزء 2
من كتاب إلى كولينكور كتبه نابوليون في منفاه بجزيرة إلبا
حسرته في منفاه
إنني ناقم من كل شيء، وأنا في حاجة شديدة إلى الراحة ولست مهتما بما يكون لي في المستقبل.
وأحتمل مصائب الحياة بدون أن أعلل نفسي بالآمال الفارغة، إنني أحمل معي من فرنسا تذكارات تبهجني وتريعني منذ اليوم إلى آخر حياتي، وسوف يبقى الجرح الذي أصاب نفسي في الحوادث الأخيرة غير مندمل.
جوسلين، ص318
حسرة الملك المخلوع
إن من يرث عرشا وتاجا ويتولى الملك ثم يعزل تكون مصيبته لا تقدر؛ لأنه يولد في النعيم ويدرج في حجر العز ويشب وكل من حوله من الخدم والحشم والأهل والأقارب والأصحاب والخلان والوزراء والحكام يسيرون بأمره وينفذون كلمته، فتصبح فخفخة السلطان من حاجاته التي لا غنى له عنها، فإذا فقدها جميعا كان الموت لديه أهون؛ لأن سبيله أحلى من التخلي عن الملك وأسهل.
كولينكورت، ص133، جزء 2
التيجان الثلاثة
لبست تاج فرنسا المصاغ من ذهب وتاج إيطاليا المصنوع من حديد، وقد ألبستني الآن إنكلترا تاجا أعظم من كليهما، ألا وهو تاج الشوك الذي لبسه المسيح، وأنا أعتقد أن كل مسبة توجه نحوي وكل فظ يقصد إساءتي يضيف إلى مجدي مجدا وإلى شرفي وسؤددي شرفا وسؤددا، وسوف تخلد إنكلترا ذكري بما تصبه على رأسي من جام سخطها، وما ترشقني به من سهام غيظها وانتقامها. «مذكرة يومية في سانت هيلانة» تأليف ملكولم، ص159
جلال المصائب
إن للمصائب مجدا، فقد تنزل بالرجل كارثة فترفعه إلى مقام الأبطال، ولو لم تصبني الكارثات لبقي تاريخ حياتي ناقصا، فإذا مت وأنا على عرشي محاطا بكل مظاهر البطش والقوة، عجز المؤرخون والمفكرون عن حل اللغز الذي كان يحيط بحياتي، أما الآن فقد حلت المصيبة التي أصابتني عقدة من ألسنة الناس، وأصبحوا في حل من التصريح بآرائهم وأفكارهم بدون تستر.
آبوت، ص560
1815 القديسة هيلانة
مقارنة عجيبة
كانت حياة النبي محمد كحياتي، فقد شب فرأى كل المعدات لتشييد سلطنة كبرى، وأنا كذلك نشأت فرأيت أن أوروبا سئمت الفوضى التي كانت سائدة فيها، وكان الكل يريد أن يخلصوا منها، فلو أنني لم أخلق نشأ غيري وقام بعملي وأنجز خطتي ومكن فرنسا من فتح العالم. إن الإنسان إنسان وقوته كقوة غيره من البشر، إلا إذا ساعدته الأحوال، وكان قومه يميلون إلى تشجيعه وتعضيده، أتظنون أن لوثر هو الذي قام وحده بإصلاح الكنيسة الكاثوليكية، كلا إن الرأي العام هو الذي أصلحها؛ لأنه كان مضادا لرجالها.
أتظنون أن هنري الثامن هو الذي انفصل عن رومة، كلا إن الرأي العام في إنكلترا هو الذي قام بهذا العمل.
جورجو، ص68
سواه يهاب الموت
إنني لم أخش الموت في حياتي مطلقا، ولا أظن أنني أخشاه على الإطلاق.
جورجو، ص296
لكل أجل كتاب
لو مت في موسكو لتركت ورائي أعظم ذكرى للغزاة والفاتحين، يا حبذا لو أصابتني قنبلة في روسيا! ولو مت في بردينو لكنت كالإسكندر، ولو مت في واترلو لكان ذلك من حظي، ولو مت في درسدن لكان ذلك خيرا لي، ولكن موت واترلو أفضل؛ فإن الشعب كان في ذلك العهد يحبني ويوجد علي.
روزبري، 197
رأيه في واجب الوجود
لا يمكنني أن أعتقد بوجود إله منتقم مثيب؛ لأن الأخيار مصابون وأشرارهم سعداء، ألم تر رجلا كتاليران يموت هادئ البال في سريره.
روزبري، «الدور الأخير»
رأيه في الأنبياء
أما أنا فرأيي لا يتزعزع، وهو أني لا أعتقد أن المسيح كان إلها.
أما موسى فكان رجلا ماهرا ولكن شعبه كان شعبا جبانا قاسيا.
روزبري، «الدور الأخير»
عبادة الشمس
إذا كان لي أن أختار لنفسي دينا عبدت الشمس؛ لأن الطبيعة جعلت من الشمس كل شيء حي، فهي إله الأرض الحقيقي.
روزبري، «الدور الأخير»
قل الروح من أمر ربي
إذا متنا فقد متنا، فأين الروح إذن؟ بل أين تذهب حال النوم وحال الجنون؟
روزبري
الحب والزواج
لا يكون الزواج في كل الأحوال ثمرة الحب.
ديكودريه
إذا مت ظمآنا فلا نزل القطر
إذا سقط عرشي فإني دافن العالم تحت أنقاضه.
روزبري
الفصل الثاني
ولا تنهرهما
مهما فعلت الوالدة، فإنه لا يليق بأولادها أن يلوموها أو يعتبوا عليها.
جورجو، ص259
أي النساء أحب إليه؟
وكتب إلى جوزفين عام 1806:
بلغني اليوم كتابك الذي تلومينني فيه على أنني أذم النساء، والحق يقال إنني أكره المرأة الدساسة المنافقة، لأنني اعتدت عشرة النساء الصالحات الطيبات القلوب، وأنا أحبهن من صميم فؤادي؛ لأنك بصلاحك وطيبة قلبك علمتني الحب كيف يكون، أنت تعلمين أنني عفوت عن رجل مذنب لأجل امرأة فاضلة؛ لأنني لما رأيت مدام دي هاتزفلد وأريتها رسالة زوجها اندفعت تبكي وتنتحب وقالت بصوت الحزن والأسى: «إن هذا لا ريب خط بنانه.» فوصلت تلك الكلمات المؤثرة إلى قلبي وقلت لها: إذن يا سيدتي اقذفي بهذه الرسالة في النار، فلا تبقى لدي حجة على زوجك، فأحرقتها واستعادت راحة قلبها؛ لأن زوجها نجا مع أنه كان قبيل عفوي على حافة القبر، وأنت ترين من هذه الحادثة يا جوزفين أنني أحب النساء الطيبات البسيطات المخلصات إكراما لك.
بورين، ص362
إلى جوزفين 1806
رأيه في تعليم النساء
لست أدري نفع البحث في مشروع لتعليم النساء؛ لأن خير معلم للفتاة هي أمها، أما التعليم في المدارس العامة فلا فائدة به لهن؛ لأنهن لن يشغلن مراكز سامية، فكل ما يحتجن إليه هو الأخلاق الفاضلة؛ لأن الزواج هو أعظم ما يتطلعن إليه.
تاربيل، ص124
المرأة ملكة باريس
وكتب إلى أخيه يوسف سنة 1897:
إن حياة باريس سعيدة لمن يعيش فيها، فهو يجد ما يريد من مصادر العلم، وأماكن اللهو، ولا يمكن أن يشعر الإنسان بضيق أو ضجر ما دام في وسط تلك الحركة الدائمة عائشا بين الآمال والأماني، يرى النساء في كل مكان.
فهن في المكاتب والمدارس والملاعب والمتنزهات والحدائق، ويحق للمرأة أن تكون الآمرة المطاعة في باريس؛ لأن الرجال هنا يجنون بحبهن، ويتفانون في إرضائهن، ولا يفكرون إلا فيهن، ولا يعيشون إلا لأجلهن.
ويجب على كل امرأة أن تعيش في باريس ستة شهور لتعرف قيمتها في الحياة، ولتقدر نفسها حق قدرها.
سلون، ص173، جزء 1
الجواب المسكت
سألت مدام دي ستايل نابوليون مرة عن أعظم النساء قدرا في نظره بين الأحياء والأموات، فأجابها: أعظمهن من ولدت أطفالا أكثر من غيرها.
هازليت، ص128، جزء 2
رأيه في الحب
المرأة الجميلة تسر العين، ولكن المرأة الفاضلة تسر القلب، فالأولى جوهرة، والثانية كنز ثمين، ينبغي أن يكون الحب منبعا للسعادة لا مصدرا للشقاء، الحب شغل الكسول ولهو المحارب ومجلبة الدمار للملوك.
الحب الحقيقي هو السعادة المنشودة، ينبغي أن يكون الزواج ثمرة الحب، ولا بد من التساهل بين أفراد الأسرة الواحدة.
من مقالة في المجلة العامة
من هو الرجل الحقير
إن الرجل الذي يرضخ لزوجته، ويرضى أن يكون آلة صماء في يد امرأة، يكون في نظري حقيرا جديرا بالإهانة.
كولينكور، ص136، جزء 1
رأيه في المرأة
المرأة أكثر خلق الله غطرسة؛ لأنها ضعيفة وشاعرة بأن وراءها مخلوقا قويا يحميها، فتقترف ذنوب الضعفاء اعتمادا على قوة الأقوياء.
لاس كاس، ص336، جزء1
الحب والخلق
الحب دليل الضعف في الرجل.
تاربيل، ص59
رأيه في الحب
إني أعتقد أن الحب مضر بالهيئة الاجتماعية، ومتلف لسعادة الأفراد، وأرى أن سيئاته أكثر بكثير من حسناته.
ليفي، ص48، جزء 1
تلبس بجناية الكذب
نساء العالم كافة لا يستطعن أن يسلبن ساعة من وقتي ... إن حياة الرجل الخاصة مرآة نرى فيها دروسا كثيرة تنفعنا.
كولينكور، ص43، جزء1
تغلبه على عواطفه
لدي غير الحب أمور كثيرة تشغلني، فقد رسمت لنفسي خطة أريد تنفيذها، ولا تستطيع أجمل نساء الأرض وجها وأدعجهن عيونا أن تحولني عن خطتي قيد شعرة.
كولينكور، ص60، جزء 1
اكتفاء القنوع
لا أظن أن الطبيعة البشرية قادرة على حب شخصين في آن، والرجل يخدع نفسه إذا ظن أنه يعشق إنسانين بمقدار واحد في وقت واحد.
مونتولون، ص128، جزء 3
الفتوحات البونابرتية
لقد فتحت قلوبا كما غزوت شعوبا.
كولينكور، ص59، جزء 1
لسان حال مصر
لا تحتاج فرنسا إلى سبب من أسباب الرقي حاجتها إلى أمهات صالحات.
آبوت، ص247
التربية الأولى
إن القواعد الأولى التي يتعلمها الطفل من والديه والآداب التي يرضعها مع اللبن، تبقي في نفسه أثرا لا يزول.
الكونتيسة مونتولون، ص880
القديسة هيلانة
كلمة إلى المطالبات بحق الانتخاب
الأفضل للمرأة أن تشتغل بإبرتها من أن تشتغل بلسانها، لا سيما إذا كانت ميالة للبحث في السياسة؛ لأن المملكة التي تديرها امرأة يئول أمرها إلى الدمار، ولذا تراني إذا طلبت جوزفين مني أمرا أعمل نقيضه.
ليفي، ص302، جزء 2
وظيفة المرأة
خير للمرأة أن تنظر في شأن منزلها وأطفالها من أن تبحث في أمور لا علاقة لها بها.
ليفي، ص302، جزء 2
النساء صناديق غير مقفلة
يا ليتني أكثرت من محادثة النساء؛ لأنهن يبحن لي بما لا يبوح به الرجال.
جورجو، ص258
المرأة روح الاجتماع
لا خير للهيئة الاجتماعية الفرنسوية، إذا لم تكن فيها نساء؛ لأن المرأة هي حياة الاجتماع.
آبوت، ص64
نصيحة لأغنياء مصر
أهم شيء لمن كان له أولاد أن يهذبهم ويؤدبهم، وهذا أنفع له ولهم من أن يترك لهم ثروة طائلة؛ لأن الثروة في يد الشباب رهينة عينين دعجاوين وخصر نحيل.
جوسين
أثرة الرجال
خير شيء للرجل ما دام حيا أن يعتني بأمر نفسه.
جوسين
أمهات العظماء
إن أمي تستحق كل أصناف الإكرام والتبجيل.
جوسين، ص12
أيضا
كانت أمي قاسية ولكنها كانت شفوقا وعادلة، فلم تكن تترك حسنة دون أن تثيب عليها ولا سيئة بدون عقاب.
سلون، ص20، جزء 1
ولا تقل لهما إف
إنني مدين لأمي بكل ما حزته من الفخار وما فزت به من العظمة؛ لأن نجاحي كان ثمرة من ثمار مبادئها القويمة وآدابها السامية.
تشودي، ص26
عرفانه بالجميل
كانت آراء أمي صائبة على الدوام، ولم أر أنها أخطأت يوما من الأيام، وكانت نصائحها لدي لا تقدر بمال.
تشودي، 66
أمه
كانت أمي أستاذة، وكان عقلها كبيرا وإدراكها واسعا.
جورجو، 37
أمه أيضا
كانت أمي من فضليات النساء، وكانت من أعظمهن شجاعة وأقدرهن على العمل.
جورجو، ص38
تعزية ولد لوالدته (من كتاب إلى أمه سنة 1785 عند وفاة والده):
إننا سنضاعف عنايتنا بك واعترافنا بجميلك، إذا كان إخلاصنا وطاعتنا وعنايتنا تعوض عليك شيئا طفيفا مما فقدته بموت زوجك العزيز.
ليفي، ص25
وللهو عندي جانب
قال عن مدام كولومبيه معشوقته الأولى:
كنا أبسط خلق الله عقلا، وكنا نجتمع نادرا، وأحسن لقاء أذكره كان في صباح يوم من أيام الصيف، وكانت منتهى سعادتنا في أكل الثمار وشم الرياحين معا.
وطسن
حبه زوجته
وكتب إلى جوزفين:
إن الدقائق التي ذقت فيها طعم السعادة كانت تلك التي قضيتها بقربك.
وطسن، ص131
آخر اجتماع بجوزفين
كنت في قربك أسعد الرجال حالا، وليس لي اليوم وحولي ما حولي من الهموم والمصائب إلا صدرك الحنون ألجأ إليه وأرتكن عليه.
جوسين، ص233
ولكن بكت قبلي (كتاب إلى جوزفين سنة 1814):
إن سقوطي كان عظيما، ولكن لعل فيه خيرا؛ فسوف أستبدل في منفاي (جزيرة إلبا) السيف بالقلم وأقيد شوارد تاريخي، وأظهر نفسي للعالم بصورة كاملة، وسوف أظهر أمورا عجيبة لم تظهر حتى الساعة ، الوداع يا عزيزتي جوزفين.
تجلدي ولا تنسي ذاك الذي لم ينسك ولن ينساك ما دام حيا، الوداع يا جوزفين!
آبوت، ص488
وحنينه أبدا لأول منزل
إن كل شيء هنا يذكرني بما يؤلمني، فإن منزل مالميزون كان أول دار اشتريتها بمال حصلته بتعب اليمين، وقد قضيت فيها أسعد أيام حياتي، أما الآن فحلية الدار التي كانت تزينها (جوزفين) قد ذهبت قتيلة ما أصابني من مصائب الدهر، لم يكن يخطر ببالي منذ عشر سنين أنني سألجأ في يوم من الأيام إلى هذه الدار فرارا من أعدائي الذين يقتفون أثري ويودون تعذيبي.
آبوت، ص535
سنة 1815 بعد تخلي نابوليون عن العرش للمرة الثانية
ما الحب إلا للحبيب الأول
لقد بحثت عن الموت في مواقع شتى فلم أجده، ولو أتاني اليوم لقيته بصدر رحيب، ولكنني أود أن أرى جوزفين مرة قبل أن أموت (1814).
وطسن، ص593
افتخاره بحب جوزفين
كانت جوزفين متفانية في، وكانت تحبني بإخلاص، ولم تكن تفضل أحدا علي، فكنت أنا السيد المالك لعنان فؤادها، وكانت تحب أولادها أقل مني، وكان هذا منها عدلا؛ لأني أنا لم أحب أحدا مثلما أحببتها، ولا يزال لها في قلبي مكان عظيم.
مونتولون، ص143، جزء 3
شهادة نحسد عليها جوزفين
كانت جوزفين الظرف مجسما، فلم آخذ عليها في أثناء عشرتنا شيئا.
أبل، ص84
دولة امرأة
كان عهد ماري لويز قصيرا، ولكنها تمتعت بما لم تتمتع بمثله غيرها من النساء؛ لأن العالم كله كان تحت أقدامها.
دي سانت امند، ص46
كذبته شواهد الامتحان
إذا ماتت الإمبراطورة (جوزفين) لا أتزوج غيرها.
جورجو، ص139
مقارنة بين مهرتين
كانت الأولى (جوزفين) الظرف مجسما، وقد جمعت إلى ظرفها سائر فنون التجمل والتبرج، أما الثانية (ماري لويز)، فكانت طاهرة بسيطة القلب، ولم أر في إحداهما أخلاقا غير مقبولة أو سلوكا سيئا، بل كانت كل واحدة في نظري كاملة، وكانت جوزفين تفرغ جهدها في الوقوف على ما يزيد جمالها وبهاءها بدون أن يلحظ أحد عليها ذلك. أما ماري فلم تكن تحلم بوجود طرق للتجمل والتزين. كانت جوزفين صادقة أبية، وكانت الثانية لا تعرف الرياء ولا تحب إلا الطريق المستقيم، وكانت الأولى لا تطلب شيئا إنما كانت عليها ديون في كل مكان، أما الثانية فلم تكن تخشى أن تطلب ما تريد عندما ينفد كل ما لديها. ولكن كان هذا نادرا، وبالجملة كانت الزوجتان فاضلتين جميلتين مخلصتين لزوجهما.
دي سانت امند، ص352
بين نارين
إني وإن كنت أحببت ماري لويز حبا جما، فقد أحببت جوزفين أكثر منها، وليس في هذا غرابة؛ لأن جوزفين هي الزوجة التي كان زواجها ثمرة الحب، ثم إننا ارتقينا سلم المعالي معا. كانت ماري أسلم طوية من جوزفين، وكانت جوزفين لا تحكم في أمر إلا بعد التروي، وكانت تعترف لي بذنوبها في كل شهر وتعدني بالتوبة النصوح، ثم لا تلبث أن تتوب حتى تعود، لو أن جوزفين حملت ولدا ما تركتها حياتي، ولكن وا أسفاه!
جورجو، ص137
أتى طيف الحبيبة في المنام
رأيت فيما يرى النائم كأنني ألقى جوزفين، فلما رأتني لم تضمني إلى صدرها كعادتها، بل فرت مني ثم لما تحادثنا ونظرت في وجهها، فإذا هو لم يتغير وإذا هي كما كانت في إخلاصها لي وحنوها علي، وقد قالت لي: إننا سنلتقي قريبا ولن نفترق بعد ذلك أبدا.
رؤيا قصها نابوليون على مونتولون صباح 26 أبريل سنة 1821، قبل موته بأيام معدودة وجوزفين ماتت سنة 1814.
مونتولون، ص204، جزء 3
عمر الحب
لما يبلغ الرجل الخمسين من عمره يندر أن يعشق، إنني لم أعشق امرأة غير جوزفين، وكنت أيام عرفتها في السابعة والعشرين، كان حبي لماري لويز من قبيل الصداقة، على أنني أرى رأي جاسيون في أن حياة الإنسان أقل من أن يقسمها بين الناس.
جورجو، ص139
حب الوطن قبل حب البنين
أعز شيء لدي بعد فرنسا ولدي ملك رومة.
آبوت، ص495
حمل ولي العهد
سوف يكون صولجاني ثقيلا على ولدي.
دي سانت امند، ص344
المستقبل لله
وا ولداه! لله ما أعبس طالعك وما أسوأ حظك! فلقد ولدت ملكا واليوم لا وطن لك.
كولينكور، ص97، جزء 2
وكانت امرأتي عاقرا
لو أنني رزقت ولدا من جوزفين لكنت سعيدا، ولاستطاع أن يحفظ الملك في أسرتنا؛ لأن الفرنسويين يفضلون ابن جوزفين على ابن ماري لويز، ولأنني لو رزقت من جوزفين نجلا لما احتجت إلى ما فرط مني في حق زوجتي الأولى، مما أدى إلى تلفي وتدمير مجدي (يشير إلى طلاقها).
إن جوزفين نفسها كانت تقول: إنه لا قيمة للزواج إلا إذا كانت له ثمرة.
آبوت، ص32
الفصل الثالث
العمل
حياة بلا عمل عبء لا يحتمل.
كولينكورت، ص82، جزء 2
إن الحياة دقائق وثوان
الحياة حلم سريع المرور لا يلبث أن يزول.
صنعة في اليد
من كتاب إلى أخيه يوسف سنة 1795:
لا بد للإنسان من صنعة يمارسها ويقطع بها الوقت.
نابوليون على مبدأ الخيام
رأيت بعد كل شيء أنه لا بد للرجل من إتمام ما كتب له منذ الأزل، هذا هو معتقدي، ولذا أنا صابر حتى تفعل الأقدار بي ما تريد (1815).
لاس كاس، ص57، جزء 1
مكانك تحمدي أو تستريحي
عيشة المرء آلام لا تنتهي، والرجل الأمين يجاهد نفسه حتى يغلبها على أمرها (1807).
آبوت، ص267
الخطوة الخطرة
بين النصر والهلاك خطوة.
آبوت، 441
الناس من خوف الفقر في الفقر
من يخش ضياع مجده يفقده لا محالة (1797). «رسائل بونابرت» ص299، جزء 2
نصيحة إلى الحكام
لا بد للقابض على الدفة أن يكون كفؤا لها.
كولينكورت، ص145، جزء 2
الفرق بين الحقيقة والمثل الأعلى (إيديال)
لا بد لنا من النظر إلى الأشياء كما هي بحسب الواقع لا كما نود أن تكون.
كولينكورت، ص154، جزء 2
أقوى البشر يقر بضعف البشر
إننا مخلوقات ضعيفة نرى الطبيعة، ونرقب أعمالها، ولكننا نعجز عن التغلب عليها. «مراسلات بونابرت» ص149، جزء 1
صحيح
لا يستطيع الناس أن يؤذوا من يستسهل الموت.
تاربيل، ص85
في أي وقت نحن إلى الشجاعة أحوج
حاجة الذي يقاسي ألما إلى الشجاعة أعظم من حاجة من يقتحم غمرات الموت إليها.
جورجو، ص245
قوة القدر
إذا أراد القضاء فلا راد لإرادته.
آبوت، ص61
فلسفة السعادة
مقدار السعادة متساو لدى الجميع، ولا ريب في أنني ولدت لأكون غير ما صرت إليه، على أنني لو بقيت الموسيو بونابرت لكان نصيبي من السعادة لا يقل عما نلته منها وأنا الإمبراطور نابوليون، قد يكون العمال أسعد حالا من أرباب الأموال؛ لأن كل شيء في الحياة نسبي، ولأضرب لك بحالي مثلا: فإنني لم أجد في الطعام لذة؛ لأن المائدة كانت على الدوام فاخرة، ولكن العامل الفقير الذي لا يستطيع أن يحصل على ما أحصل عليه يجد من اللذة في أرزة مقلية ما لا أجده في مائة من الأصناف المطهية، وعلى أي حال فإن حياته أسعد من حياتنا هنا في تلك الجزيرة القحلاء.
تذكار سانت هيلانة
اخشوشنوا فإن النعم لا تدوم
إنني معجب برجل بلغني عنه أنه وضع ثروته في خزانة، وأخذ ينفق منها في كل يوم دينارا؛ لأنه من الحكمة أن يعلم الإنسان نفسه فن التدبير ليكبح جماحها وعجزها عن سبل الغواية.
جورجو، ص251
أيام لا تعد من العمر
شعرت بالسعادة لما عينت قنصلا ولما تزوجت ولما رزقت بملك رومة، ولكن لم أثق حينئذ بثبات مركزي، وأظن أنني قضيت أسعد أيامي في تيلسيت، فإنني كنت تغلبت على عقبات كثيرة، وأرحت نفسي من هموم لا تعد، ثم رأيت نفسي نافذ الإرادة مسموع الكلمة أسن السنن وأقنن القوانين وأمصر الأمصار وأدون الدواوين، وملوك الأرض تحت قدمي، على أنني شعرت بالسعادة الحقيقية عندما فزت في حروب إيطاليا؛ فقد هتفوا لي قائلين: «ليحي محرر إيطاليا!» وقدسوا اسمي وهللوا وكبروا، كل ذلك وأنا لا أزيد عن الخامسة والعشرين، ومنذ هذا اليوم أخذت أشعر بعظمتي وأقدر نفسي حق قدرها، وأصور لنفسي ما يمكنني بلوغه من المجد والعلا، ولقد خيل لي أن العالم بأسره يمر من تحت أقدامي كأنني ولدت في السماء.
جورجو، ص62
السعادة في الطبقات
أنا متحقق من أنه يوجد في الطبقات المتوسطة مقدار من السعادة أوفر مما يوجد في الطبقات العالية.
جورجو، ص253
السعادة والمال
يأتي على كل إنسان زمن يضجر فيه من كل شيء، وليس للمال في مثل هذه الحال شأن؛ فهو لا يريح قلبا ولا يصلح فاسدا، كان للأمير لويس 200000 فرنك مساناة، فكان ينفق 150000 فرنك في الحسنات والصدقات، ولا ريب عندي في أن ذلك العمل كان سببا في سعادته؛ لأنه عمل شريف يدل على النبل والفضل. وإن المال والشرف لا يقللان من شقاء المرء ولا يزيدان سعادته.
جورجو، ص145
الدولة والأسرة
إن فوزي في الحياة لم يسبب غوايتي، وسوف تلقاني المصائب ثابت الجأش قوي العزيمة، لقد أنجزت أعمالا كبرى فيها سعادة البشر، وعلمتني الأيام وأنا رب أسرة، كما علمتني وأنا ملك عظيم، أن العرش في حاجة إلى السلام حاجة الأسرة إلى الهدوء والسكينة (1813).
آبوت، ص455
ليس في الدنيا صديق
أتحسبون أن شئون هذه الحياة تشكل نفسها كما نريد لتتم بذلك سعادتنا؟ كلما تعاكسني الأيام وأشعر بثقل عبئها على كاهلي أحس بحاجة شديدة إلى ذي مروءة أشكو له سوء حالي، ولكن أنى للإنسان ذلك، وهو إذا نظر ذات اليمين وذات الشمال لا يرى خلا وفيا أو صديقا مخلصا يبوح له بسره ويشرح لديه حقيقة أمره!
ليفي، ص58، جزء 2
انتهز الفرصة
قد تكون الحوادث الكبرى معلقة بأمور تافهة، والحاذق هو من ينتفع بكل شيء، ولا يهمل أمرا من الأمور التي تسهل له بلوغ غايته، وقد يغفل العاجز مسألة دقيقة واحدة فيتعقد كل شيء.
سلون، ص195
حكمة شرقية
إن معظم النار من مستصغر الشرر.
جورجو، ص143
قوة الخيال
للخيال أعظم قوة في حياة البشر.
لاس كاس، ص103، جزء 1
جواهر منثورة
قد يكفر الموت عن السيئات، ولكنه لا يقوم المعوج.
التساهل العام هو روح السعادة للأمة المنورة.
العاقل الحازم من لا يكره أحدا.
ليست العظمة شيئا مذكورا، إلا إذا كانت مقرونة بالدوام والبقاء.
الصداقة اسم لا مسمى له، وأنا أعلم أنه ليس لي صديق مخلص، وما دمت كما أنا فلي ألف صاحب منافق.
كلمة المستحيل لا وجود لها في اللغة الفرنسوية.
الشطار يتكلون على المصادفات.
الشرف كالاستقلال؛ جزيرة صخرية لا مرفأ لها في وسط بحر لا قرار له.
إذا أردت أن تكون حكما عادلا، فاسمع شكوى الطرفين ولا تصدر حكما قبل التروي.
الجنون أسفل دركات الذل البشري، ولو كانت الإنسانية ملكة، فجنون إنسان واحد بمثابة تخلي تلك الملكة عن الملك، الموت أفضل من الجنون ألف مرة.
العدو المجاهد أفضل من الصديق المرتاب في أمره.
في قدرة البعض أن يفتروا افتراء يضعف البريء أمامه ويعجز عن تفنيده.
الحياة الإنسانية معجزة من البداية إلى النهاية، فكل شيء في الطبيعة وفي حياة البشر لغز لا يحل.
إن يدي التي كنت أبطش بها لم تكن متصلة بذراعي، إنما كانت متصلة بعقلي مباشرة.
السائر منفردا يسير بسرعة.
آبوت، ص135
المستحيل
المستحيل كلمة في قاموس المجانين.
روس، ص506، جزء 1
حاجة العظماء
أنا في حاجة إلى رأس كبير ولسان قصير.
بورين، ص117
طريق العمل
اعمل بسرعة وقوة بلا تردد ولا تعليل ولا استدراك.
جوسين، ص75
ثقة في المبادئ الأزلية
الباطل يزهق والحق يبقى.
لاكاس، ص86، جزء 1
الخداع
الخداع قصير الأجل.
جورجو، ص156
شر الليل يمحوه النهار
أنت الآن يا صديقي لاكاس أهدأ بالا مما كنت أمس، ويمكننا الآن أن نتفق؛ لأنه خير لنا أن يبيت الشر ليلة، فشر الليل يمحوه النهار.
لاكاس، ص307، جزء 1
كم لليل عندي من يد
الليل خير مشير.
وطسن، ص389
هنيئا للفلاح
زراعة الأرض هي حرفة الإنسان الطبيعية.
أود من صميم قلبي أن أعيش في الحقول، وأود أن أرى الفلاح يزرع الأرض؛ لأنني أنا لست أدري كيف تزرع، إن حياة الفلاح أشرف حياة .
جورجو، ص252
غضب الآلهة
إن الشخص الوحيد الذي يجب عليه أن يكون بائسا في هذه الجزيرة (القديسة هيلانة) هو أنا؛ فأنا الذي سقطت من علو شامخ، وفقدت مجدا باذخا. إنني الآن لا أستطيع أن أسير بضع خطوات إلا إذا كان ورائي ضابط إنكليزي، ولا أستطيع أن أركب جوادي إلا إذا كان في ركابي نفر من الحرس، وكل ما أقوله أو أفعله معرض للجواسيس، وأنتم كلكم في شقاق فيما بينكم، تفاخرون بعضكم بعضا ولا تعنون بأمري، لماذا تتداخلون في شئوني وتصرحون لي برؤية من تريدون وتعوقونني عن لقاء من تشاءون. لقد حسبتم قبل مجيئكم معي أنكم ستكونون أقراني وأخداني، اعلموا أنني لست قرين أحد وليس لأحد سلطة علي. لقد وددتم أن تكونوا هنا شموسا، ولكن اعلموا أنني أنا الشمس وأنا مصدر كل شيء، إنكم سببتم لي مصائب وأتعابا لا تعد منذ جئنا إلى تلك الجزيرة، على أنني لو علمت ذلك من قبل لما استحضرت معي سوى الخدم، إنني أقدر على الوحدة وشفاء الضجر من الحياة طعنة نجلاء من خنجر.
جورجو، ص249
تأتي الرياح بما لا تشتهي السفن
كانت أمنيتي الكبرى أن أجعل باريس عاصمة العالم الأوروبي، وأن يبلغ عدد سكانها ثلاثة أو أربعة ملايين، وأن تكون مدينة لم ير مثلها في القرون الأولى، وأن تشاد فيها معاهد لعامة السكان، تكفل راحتهم في أوقات عملهم وفراغهم، ولو أن الله منحني عشرين عاما فوق عمري، لأزلت أحياء باريس القديمة من عالم الوجود، وأسست أحياء جديدة تكون كالعذارى في الجمال والنقاء، وبالجملة أقول لو أنني منحت العشرين عاما، لكنت بدلت حظ فرنسا، وعد أرخميدس أهل زمانه بكل شيء لو أنه اهتدى إلى مركز للآلة الرافعة التي اخترعها، ولو أنني اهتديت إلى مصرف لقوتي وثباتي وآرائي لوعدت أهل وطني بأكثر مما وعد به أرخميدس أهل وطنه، بل لأظهرت لأهل فرنسا الفرق بين الملك المستبد والإمبراطور الدستوري، فقد كان ملوك فرنسا لا يعرفون معنى الإدارة المنظمة، ولا يخطر ببالهم إنشاء مجالس بلدية.
آبوت، ص277
التعصب
التعصب الديني قوة مهولة يكون خطرها شديدا جدا لو استعمل نفوذها في أمة غير متمدينة، فإذا أيقظت تلك القوة في روسيا وجدت لها أنصارا متفانين، أما في فرنسا فإن من يحركها يعرض نفسه للهزء والسخرية (في موسكو).
كوكانيكورت، ص70، جزء 1
الثورة
أيام الثورة كالحرب تقع في سواد الليل، فقد يقتل الأخ أخاه والولد أباه، وقد يختلط العدو بالصديق، والخائن بالأمين، حتى إذا بدد النهار جيوش الظلام، وعاد الأمن إلى ربوعه واستتب النظام عفا كل عما وقع سهوا من أخيه.
آبوت، ص138
الخيال والحقيقة في الثورة الفرنسوية
لقد انتهى الجزء الخيالي من الثورة الفرنسوية وابتدأ الجزء التاريخي، فلا بد لنا من النظر إليها من وجهة الحقيقة، وإذا حاولنا حل بعض المسائل المتعلقة بها فليكن حلنا حلا عمليا نافعا لا حلا نظريا.
روس، ص266، جزء 1
واجب الملك
ينبغي للملك أن يخدم شعبه خدمة تنفعهم ، فإن خدمة الملك النافعة خير من مراضاته الشعب، وخير وسيلة لاكتساب ثقة الأمة ومحبتها أن يفرغ الملك جهده في إصلاح شئونها وتحسين أحوالها. تمليق الملك أمته أشد الأمور خطرا على مركزه؛ لأنه لو لم ينلهم ما يطلبون فيما بعد يحنقون عليه، ويتهمونه بنقض العهود، فإذا لقوا منه مقاومة ازداد بغضهم له على قدر ما يشعرون بما لحقهم من الإساءة، إن أول واجب على الملك هو أن يقوم بما يريد الشعب، ولكن المحكومين لا يريدون إنجاز كل ما يقولون، وقد يرى الأمير ببصيرته حاجات أمته أكثر مما يرونها هم أنفسهم.
آبوت، ص144
الشعب كالبركان
السعادة الاجتماعية كائنة في سيادة الأمة والنظام وفي تمتع الفرد بسائر ما يحتاج إليه، كنت أمنح في كل عام ألوف الألوف من الذهب للفقراء، وأضحي مبلغا وافرا من الضرائب والمكوس لتشجيع التجارة والصناعة الوطنية، ومع ذلك فإن فقراء فرنسا اليوم أكثر من فقرائها في سنة 1787، والسبب في ذلك أن الثورات مهما كانت منظمة وعادلة فإنها تتلف كل شيء مؤقتا، ولا تعود المياه إلى مجاريها إلا بعد زمن طويل، لقد كانت الثورة الفرنسوية ضرورية، فمثلها كمثل هياج بركان فيزوف لا بد منه ولا غنى عنه، فإن البركان لا يثور إلا إذا اشتد احتكاك العناصر الملتهبة في جوف الأرض بحيث لا يمكن حبسها، فيخرج الحمم والنار والدخان تفريجا لكرب البركان. وكذلك حال الشعب إذا أصابه من أنواع الظلم والعدوان ما يدعو إلى هياج العواطف، فإن المظالم والمغارم تفتأ تحتك بالنفوس حتى تضطرب هذه اضطرابا يسبب الثورة.
مونتولون، ص256، جزء 1
الرتب والنياشين
رأيت الرجال يغترون بألاعيب الأطفال فيفرحون بها ويسعون في نيلها، وحسبنا ما نراه من تكالبهم على الألقاب والرتب، إنني لا أقول هذا الكلام في روستروم، ولكنني أصرح بآرائي في مجلس من الحكماء. أنا لا أعتقد أن الشعب الفرنسوي يحب الحرية والمساواة؛ لأنهم لم يتغيروا في عشر سنين، إنهم كما كان أسلافهم وليس لديهم إلا عاطفة واحدة، ولا بد من تقويتها فيهم بإعطائهم ألقابا ورتبا، فإنهم بها شغفون. انظر إليهم وهم يخرون لأذقانهم أمام صاحب الوسام ولو كان أجنبيا.
نابوليون يترقب موسكو تلتهمها النار.
روس، ص287، جزء 1
تغيير الضرائب
حفظ المال والمتاع رأس الحرية المدنية، ولا يمكن وجود هذه الحرية في بلاد تتغير فيها الضرائب في كل عام؛ لأن تغيير الضرائب زيادة ونقصا يخل بالنظام الاجتماعي.
تاربيل، ص159
السفراء
إن سفراء الدولة يكلفونها أكثر مما يجب، ومع ذلك فإن نفعهم قليل، والأولى للملك أن ينظر في شئونه بنفسه (1814).
كولينكو، ص142، جزء 2
الموسيقى والأخلاق
إن للموسيقى أعظم تأثير في العواطف والأخلاق، وهي الفن الوحيد الذي ينبغي للسراة أن يعضدوه بما في وسعهم؛ فإن الأغنية الواحدة الموقعة توقيعا حسنا على أداة من أدوات الموسيقى تؤثر في النفس وتهذب القلب أكثر مما يفيده أي كتاب أدبي؛ لأن الكتب قد تفيد العقل ولكنها لا تنفع العواطف ولا تؤثر أقل تأثير في الأخلاق (مارس 1821).
آبوت، ص590
الدين
الدين مقر النفس وملجأ القلب الحزين ومنجاة من الشر، لله ما أعظم العمل الذي قامت به النصرانية نحو الإنسانية! ولو أن رجال الكنيسة فهموا وظيفتهم حق الفهم كان نفع الدين أعظم وخيره أعم.
مونتولون، ص218، جزء 1
النصرانية والمدنية
الدين المسيحي لا يصلح إلا لشعب متمدن؛ لأنها ديانة النفس، فإن المسيح يعد الصالحين والمختارين برؤية الله وجها لوجه، ثم إن الدين ذاته يرمي إلى غاية واحدة وهي كبح جماح العواطف.
مونتولون، ص231، جزء 4
قيمة الغفران
إن الفكرة الأساسية في النصرانية وهي فكرة الغفران فكرة جميلة، وهي التي تحفظ هذا الدين وتصونه وتحبب البشر فيه، فإذا لم يدن به أحدنا اليوم فسوف يدين غدا.
جورجو، ص274
الفلاسفة يبحثون
إن الفلاسفة والحكماء يبحثون بحثا عن دين أفضل وأبقى من الدين الذي وفق بين الإنسان وبين نفسه، وطهر قلبه من سخائم الريب والظنون، وضمن سيادة السلم للأمم والجماعات كما ضمنها للأفراد.
سلون، ص136، جزء 3
لكل أجل كتاب
كل ما يصيبنا مكتوب منذ الأزل علينا، وليس في قوتنا أن نطيل أعمارنا يوما واحدا بعد الأجل المحدود (1821).
سكوت، ص218
بونابرت قدري
أعتقد أن الإنسان أسير القضاء والقدر، فهو مرغم على القيام بما كتب على جبينه منذ الأزل.
أبل، ص156
لكل أجل ...
إن علم آجالنا عند الله.
مونتولون، ص166، جزء 8
الأعياد الدينية
إن الذي يحنقني ويبغض إلي إعادة العبادة على المذهب الكاثوليكي كثرة الأعياد والمواسم التي يقيمها القائمون بأمر الكنيسة الكاثوليكية، فهؤلاء القسيسين جعلوا موالد القديسين والأولياء أيام كسل ورقاد، وأنا أحب في الأمة أن تعمل لتعيش، على أنني أبيح للكنيسة أن تحتفل أربعة أيام في كل عام لا أكثر، فإذا لم يرض الوفد البابوي بهذا فليتفضلوا علينا بالسفر.
بورين، ص288
سفر التكوين
كنت أطالع في سفر التكوين وأنا أحقق لك أن أسماء الأماكن والعادات المذكورة في هذا الكتاب مطابقة للحقيقة كل المطابقة، وأنا أعلم أن في مطالعة هذا السفر سرورا عظيما لا سيما للذين يذكرون الأماكن التي يشير إليها في سياق الكلام.
جورجو، ص272
الجوهر لا العرض
أنا لا أعتقد برسوم الديانات ومظاهرها ولكنني أعتقد بوجود إله.
سكوت، ص210
العقيدة
عندما يبدأ الإنسان في هذه الحياة بالتفكير لأول مرة تعرض له ثلاثة أسئلة، وهي: ما أنا؟ ومن أين أتيت؟ وإلى أين أذهب ؟ ومنذ تعرض هذه الأسئلة الثلاثة تشعر بقوة كامنة في نفوسنا تدفع بنا نحو الدين، فنعتقد بوجود إله؛ لأن كل ما حولنا يدل على ذلك، وهذا الدليل الحسي هو الذي دعا أصحاب العقول الكبيرة إلى الاعتقاد بوجود الله ومن هؤلاء بوسويه وفينولون وليبنتز.
إننا في حاجة إلى الاعتقاد بالله، وكثيرا ما نعتقد بدون تعقل؛ لأننا إذا مزجنا العقل بالعقيدة تسرب الشك إلى نفوسنا، فإذا وجد الريب إلى قلوبنا مدخلا تمنينا لو أننا عدنا إلى اعتقادنا الأول ولو كان مخالفا للعقل؛ لأننا نشعر بأن في الاعتقاد عزاء كبيرا لدى حدوث الملمات ووقوع الإنسان في المصائب والمحن، كما أن فيه رادعا قويا لدى نزغات النفس إلى الشر. إن الرجل الفاضل لا يرتاب في وجود الله؛ لأنه وإن كان عقله يأبى الاعتقاد فإن غريزته تأبى الجحود.
مونتولون، ص374، جزء 2
صعوبة الكفر
الكفر ليس بالأمر السهل الذي يستطيع ادعاءه لنفسه كل إنسان.
سلون، ص268، جزء 4
إثبات وجود الله
إن ديني بسيط جدا، فأنا أنظر إلى هذا الكون العظيم الباهر، فأقول لنفسي لا يمكن أن يكون ذلك الوجود العجيب نتيجة المصادفات، ولا بد أن يكون من فعل صانع عظيم بقطع النظر عن غاية الصانع، ولا بد أن يكون الصانع أعظم من الكون كما أن الكون أعظم من كل ما صنع البشر من العجائب والبدائع، ولا ريب عندي في أن هذه الحجة من القوة بمكان عظيم، بحيث لا يستطيع الفلاسفة نقضها ولا يستطيعون إيجاد حجة أقوى منها.
ولكن هذه الحجة موجزة للغاية، والعقل البشري يحتاج في مثل تلك المسألة إلى الإسهاب، ولا سيما أن الإنسان يشتاق إلى الوقوف على أسرار متعلقة بنفسه وبمستقبله مما لا يبوح الكون به، فالدين يبوح بأشياء كثيرة تهدئ روع الإنسان من هذه الوجهة في مواطن عديدة وينبغي للإنسان أن يحترم تلك الإباحة.
آبوت، ص178
الدين والحكومات
إذا أردت أن تطفئ شعلة العواطف والشهوات البشرية، فلا تصب عليها الزيت الذي يزيدها اشتعالا، إنما صب عليها ماء. وذلك يكون بمحاربة الأوهام ومقاومة الكاذبين والمنافقين من رجال الدين الذين سببوا احتقاره وهوانه بأن جعلوه آلة في أيدي الملوك الأقوياء الذين استعملوه في نيل مطامعهم ومآربهم. إن الدين يأمر بالمساواة فلا يتفق معه من الحكومات إلا الجمهورية (سنة 1897).
مراسلات، رقم 1770
تأثير الدين في ذهن البشر
إن للأفكار الدينية تأثيرا في النفوس أعظم مما يظن بعض الفلاسفة الذين يعوقهم ضيق عقولهم عن فهم الأشياء بحقيقتها، وأثر هذه الأفكار ظاهر فيما تقوم به الأديان للإنسانية، فإذا استطاع ملك أن يتحد مع البابا كان له تأثير في نفوس مائة ألف ألف من البشر.
مونتولون، ص192، جزء 3
لابد من دين للشعب
كنت أمس سائرا منفردا في الأحراش، وكانت الطبيعة ساكنة هادئة، وإني لكذلك وإذا بي أسمع صوت ناقوس يدق، فشعرت بالرغم عني بتأثير شديد في نفسي، ولا ريب في أن هذا التأثير ناشئ عن رضوخ النفس للعادات القديمة، وحنينها إلى الماضي، فقلت لنفسي إذا كنت أنا أشعر بهذا التأثير، فماذا تكون حال العامة والسوقة؟ فليجب الفلاسفة على هذا السؤال إذا استطاعوا ، حتى إذا عجزوا علموا أنه لابد من وجود دين للشعب.
آبوت، ص178
المرأة والدين
التهذيب الديني ضروري جدا في مدارس الإناث؛ لأنه أقوى ضمان لسعادة الزوجين. ينبغي أن يكون تعليم النساء دينيا لا عقليا؛ لأن ضعف المرأة وتزعزعها في آرائها ومركزها في الهيئة الاجتماعية وحاجتها المستمرة إلى سند تستند إليه لدى الكوارث وشعورها بالحاجة إلى من يغفر لها سيئاتها ويقبل توبتها كل ذلك يستلزم الاعتقاد في دين من الأديان.
روس، ص291، جزء 1
تعليل
إن الذي يدعوني إلى نكران وجود إله يثيب المحسن ويعاقب المسيء هو أنني أرى الصالحين متألمين والأشقياء متنعمين.
جورجو، ص98
الحكم الأكبر
إن الله يحكم فيما يعجز الناس عن الفصل فيه.
آبوت، ص283
رأي غريب
إذا عجز الإنسان عن أن يستعين بالله في أمر، فلا بد له من الاستعانة بالشيطان.
روس، ص277، جزء 1
حاجة الفضلاء للدين
إنني فيلسوف وأعلم أنه لا يعد الرجل فاضلا عادلا في أية هيئة اجتماعية كانت إلا إذا علم من أين أتى وإلى أين يذهب، والعقل المجرد لا يهدي المرء إلى حل تلك المسألة؛ لأن الإنسان بلا دين يسير في ليل من الشك، والمذهب الكاثوليكي وحده هو الذي يجد الإنسان فيه جوابا متينا عن منشئه ومصيره.
آراء نابوليون، ص97
البعث
اعلم يا ديروك أن هناك عالما آخر سوف نلتقي فيه.
روس، ص293، جزء 1
العقل والقوة
رأيت في كل مكان أن القوة تذعن للعقل، فالسيف يغمد أمام القسيس الذي يتكلم باسم السماء، وأمام الرجل الذي يظهر بمظهر العظمة والسمو في العالم.
هازليت، ص370، جزء 2
الدين وحظ البشر
لا وجود للآداب بلا دين، ولا انتظام للهيئة الاجتماعية بلا اختلاف في حظوظ البشر، واختلاف حظوظ البشر لا يوجد إلا حيث يكون الدين، فإن الرجل الذي يموت جوعا وبجانبه آخر يموت بالتخمة لا يقبل بهذا الظلم الظاهر إلا إذا كان في نفسه صوت يقول له إن هذه إرادة الله، فلا بد من وجود الغني والفقير في هذه الحياة.
آراء نابوليون، ص102
دخول الكنيسة بأجر
من العيوب الفاضحة في الكنائس إرغام المصلين على دفع رسوم على الأبواب وأخذ أجر للمقاعد، فليس من العدل أن يحرم الفقير مما يجد فيه عزاءه على فقره، ولذا أرى أن تكون كل أماكن العبادة مفتوحة للناس بلا قيد ولا شرط.
مانسون، ص88، جزء 2
المذهبان
أنا أعتقد أن بعض الفرنسويين ينتحلون المذهب البروتستنتي إذا أظهرت بعض الميل نحوه، وكما أن معظم أهل فرنسا يبقون على اعتقادهم ويعارضون فيما يدعو إلى حدوث شقاق بينهم وبين إخوانهم، فالأفضل لي أن أعيد قوة المذهب الكاثوليكي؛ لأن فرنسا قديمة العهد به، وأن أبيح انتحال المذهب البروتستنتي لكل من يريد، وبهذه الوسيلة أرضي الجميع.
بورين، ص216
تعليم ولي العهد
لا بد أن يكون ابني متشبعا بالأفكار الحديثة، ليؤيد المبدأ الذي نشرته في كل مكان، فيؤسس المجالس التي تمحو آثار استبداد الأغنياء بالفقراء، ويعيد إلى الإنسان كرامته، وينمي بذور التقدم التي غرست من زمن بعيد ولما تنضج، وينبغي له أيضا أن يذيع في بلاد الهمجية منافع المدنية وفضائل النصرانية .
مونتولون، ص179، جزء 3
العلم البشري والإيمان
كل علوم البشر ومعارفهم تذعن للإيمان.
رجال الدين يعتبرون هذه الحياة وسيلة للوصول إلى الحياة الآخرة.
إن فلاسفة اليونان لم يقبلوا الأوثان آلهة، وكان في مقدمتهم سقراط ثم تلاه فيثاغورس وأفلاطون وأنكوجراس وبريكليس، ولكن كبار العقول في هذه العصور قبلوا المسيحية منذ القدم فاعتقدوا بتعاليمها وعاشوا بما تقتضيه وتأمر به تلك التعاليم.
الحرب
الحرب خدعة
من الحذق في الحرب أن تنتهز الفرص إذا كنت أضعف من عدوك عددا وأقل منه عددا.
سلون، ص108، جزء 2
ما هي الحرب؟
ما الحرب إلا صنعة الوحشيين (1812).
آبوت، ص396
الحرب والتدبير
تدبير الحروب كتدبير الحكومات، فهو يحتاج إلى الفطنة والفراسة.
آبوت، ص45
نصف النصر
إذا كان جيشك مستقيم الخلق، وكان الرأي العام معك فهاتان الميزتان بمثابة نصف الفوز.
سلون، ص28، جزء 4
شعور المحاربين
يشعر الإنسان في الحرب بمصائبه الخاصة، ولكنه لا يشعر بمصائب عدوه.
سلون، ص161، جزء 3
وحسن ظنك بالأيام ...
بعد ثلاث سنين أكون سيد العالمين.
قال ذلك لوزير بافاريا سنة 1811.
سلون، ص225، جزء 3
النصر والخذلان
لا يليق الإكرام والتبجيل والمؤانسة إلا بالظافر، أما المغلوب؛ فالأولى له أن يترك في وحدته لئلا تجرح عواطفه (1798).
هازليت، ص189، جزء 2
الشعب والحرب
لقد ضجر الناس من الحرب وأصبحوا لا يتحمسون لها.
بوريين، ص491
بعد موقعة شامبير 1814
عامل الناس بمثلما تود أن يعاملوك به
لا بد للقائد من أن يعامل جنوده، كما يود أن يعامله من هو أعلى منه.
هازليت، ص227، جزء 2
دين الجندي
الحرب دين الجندي.
أبل، ص70
الثبات
الثبات خير صفات القائد، وهو وهبة من السماء.
جورجو، ص43
السلب مهلكة الجيوش
لا يخل بنظام الجيوش ويسبب هلاكها سوى السلب، فهو آفة الجند الظافر.
آبوت، ص47
خطبة الوداع
يا جنود الحرس القديم أستودعكم الله؛ صحبتكم عشرين عاما وسرت معكم في طريق المجد والعلا، وأظهرتم في أيام غلبتنا ما أظهرتموه في أيام فوزنا من الشجاعة والإخلاص وعلو النفس، ومن كانت جنوده مثلكم لا يخذل، ولكن لو استمرت الحرب لأدى ذلك إلى حرب أهلية ، وفي الحروب الأهلية خراب البلاد، وأنتم تعلمون أن سعادة الوطن كانت غرضي الوحيد الذي أسعى إليه، وستبقى كذلك إلى الأبد، لا تحزنوا علي؛ فإنني لم أفضل الحياة على الموت إلا لأحفظ لكم مجدكم وأصون شرفكم، وسأكتب تاريخ الأعمال العظمى التي قمنا بها معا. الوداع يا أصدقائي! ويا حبذا لو استطعت أن أضمكم إلى صدري فردا فردا. إنني أضم قائدكم إلى صدري لينوب عنكم، الوداع يا جندي الوداع، كونوا على الدوام شجعان فضلاء، الوداع يا إخواني، إن آمالي ستبقى على الدوام متعلقة بكم فلا تنسوني (أبريل 1814).
بورين، ص526
آراء في الحرب
الجندي آلة يطيع رئيسه فيما يأمر به، ولكن لا مبرر للقسوة إلا الاضطرار.
كل ما كان في الحرب نافعا فهو جائز شرعا.
إن منظر ميدان الوغى بعد الموقعة كاف لأن يحبب السلم إلى الأمراء ويبغضهم في الحرب.
إن الفلاة مملوءة بالموتى والجرحى، والنفس تحزن لرؤية تلك الذبائح.
آبوت، ص261
كتاب إلى جوزفين تاريخه 14 فبراير سنة 1807
أهوال الحرب
لا يستطيع من ليس جنديا أن يصور لنفسه أهوال الحرب.
جورجو، ص41
الدافع النفساني
إن الجنود لا ينقادون إلى الحرب وهم يعلمون أنهم ربما يذهبون ولا يعودون لأجل ما يتقاضونه من المرتب الطفيف، أو ما ينالونه من الرتب الحقيرة، إنما لدافع داخلي في قلوبهم، فإذا أردت أن تحبب الموت إلى الجند فلا يكون هذا إلا بتحريك مراجل نفوسهم.
ليفي، ص293، جزء 2
يا ليته وفى بوعده!
لا يصلح الإنسان للحرب إلا سنين معدودة، فأنا لم يبق لي إلا ست سنين، ثم أمتنع عن القتال.
وطسن، ص539 (أسترليتز سنة 1805)
إلا إليك
يسعى الفناء إلى المرء بسرعة وهو في ميدان الحرب.
بارنجولد، ص96
بداية سوء الحظ
إنني لم أشعر بالثقة التامة بالنصر التي كنت أسر بها في المواقع السابقة.
فلا أدري إن كان هذا لأنني بلغت السن الذي يتخلى فيه الجد عن الرجال، أم خيل لي أن القوة التي تدفعني قد ضعفت وعجزت عن شد أزري، ولست أنسى أنني كنت أشعر بألم في النفس وحزن لا أدري سببه، وقد رأيت إلهة الحظ التي كانت تسير في ركابي، وتغدق علي نعمها، أصبحت قاسية شديدة، فإذا ما اغتصبت منها مثقال ذرة من النصر، عادت فاستردته وشفعت ذلك الاسترداد بعقاب صارم، فلم أكن أغنم ذرة إلا لأغرم بدرة.
سكوت، ص78
ما كل ما يتمنى المرء
آه لو أمكنني أن أعيد موقعة وترلو!
جورجو، ص31
الفصل الرابع
حب العلا
المطامع الكبرى كطلب الرفعة وحب الرئاسة من صفات النفوس الكبيرة، وكل من كانت تلك الصفة فيه فإما يعمل خيرا كثيرا، وإما يقترف شرا جسيما، فالأمر متعلق بالطرق التي يتبعها والقواعد التي يعمل بها في حياته، لم أشعر بقوتي وبإمكان ارتقائي إلى أعظم الدرجات وبمصيري عاملا مهما في ميدان السياسة إلا بعد مروري على جسر ليدو، وفي تلك اللحظة اشتعلت في نفسي شرارة الطمع.
لو انتظرنا الظروف الموافقة وتمنينا الفرص المناسبة لإنجاز ما نريد من الأعمال كان إتمامها من المحال؛ لأنه لم يسمع الناس بعمل من الأعمال كان كل شيء فيه سهلا يسيرا؛ فالمصادفات تمثل في أعمال الرجال دورا مهما. إن الانصياع للقواعد لا يضمن النجاح، ولكن النجاح يمهد للإنسان خطة العمل (1812).
فرستاجين، ص76
وقت الشجاعة
إنني لم أر إلى الآن رجلا يظهر شجاعة في وقت لم يكن ينتظر فيه غدرا.
لاكاس، ص8، جزء 1
ما هي الشجاعة؟
الشجاعة الحقيقية هي الصبر على فقد إمبراطورية، والارتياح إلى مساب الناس وشتائمهم.
آبوت، ص482
سوء حظ الجبان
لا يلوم الجبان إلا سوء حظه.
آبوت، ص503
ثمن الفضيلة
ليس للأمانة ثمن، فهي لا تقدر بمال.
آبوت، ص486
صفات الرجال
لا يليق بالرجل أن ينقض كلامه. إنني أحتقر الخائنين.
روس، ص541، جزء 2
قالها لجورجو في القديسة هيلانة
نصيب المؤلفين في الخيال
إن الروايات المحزنة تشعل النفس وترقي العواطف وتبعث في القلب بنور وقوة؛ فتخلق الرجال وتكون الأبطال.
ولا ريب في أن فرنسا مدينة لكورنيل بشيء من عظمتها ومجدها، ولو كان عائشا في زمني لرفعته إلى مراتب الأمراء.
لاس كاس، ص250، جزء 1
الحظ
الحظ الحسن امرأة كلما أعطتني ازددت في الطلب.
سلون، ص223
الخل الوفي؟!
الصداقة اسم على غير مسمى، إنني لا أحب أحدا ولا إخوتي أنفسهم، إنني أحب أخي يوسف قليلا لأنني اعتدت عشرته زمنا طويلا، ولأنه شقيقي الأكبر، وأحب ديروك أيضا لأنني معجب بخلقه، فهو ثابت العزم قوي الإرادة، وأنا أعتقد أنه لم يذرف في حياته دمعة واحدة. إنني أعلم أنه ليس لي صديق مخلص، فكل الناس أصحابي ما دام الحظ يخدمني. اسمع يا بورين، يليق بنا أن نترك رقة الشعور للنساء فهي صنعتهن الخصيصة، أما نحن الرجال فيجب علينا أن نكون أقوياء العزيمة وإلا فلنترك تدبير الحروب والسياسة.
بورين، ص126
الوحي الأصغر
العبقري يعمل بما توحي إليه السماء؛ لأنه قد يكون العمل النافع في بعض الأمور ضارا في غيرها.
جورجو، ص215
عزاء الملوك
إن الساعة التي نفارق فيها من نحب أو ما نحب مهولة مريعة، فهي تقطع ما بيننا وبين العالم، وتؤلم نفوسنا بما هو أشد من ألم الموت، فتضعف النفس وتصغر وتبقى علاقتها بالوجود قاصرة على ما أصابها من الحزن، فترى كل شيء مشوها، فيظهر لها الناس بمظهر الأنانية وعدم الاكتراث بمصائب الغير، وفي مثل هذه الحال يفضل الموت على الحياة والفناء على البقاء، إلا إذا كان المرء مضطرا للعيش، ولكن إذا ضم الإنسان في وقت حزنه طفله إلى صدره، يزول غمه ويرى على نفسه واجبا جديدا، وهو أن يعيش لا لذاته بل لولده أو ابنته، نعم أيتها السيدة، وستكون هذه حالك إذا جلست إلى أولادك تبكين وتذكرين لهم زوجك العزيز وتعلمينهم قدر الخسارة الكبرى التي أصابتهم وأصابتك وأصابت الجمهورية الفرنسوية بفقده.
فإذا انتهيت من حزنك فاذكريني واعتمدي بعض الاعتماد على صداقتي؛ لأنني لن أنسى زوجة صديقي ما دمت حيا، واعلمي أن في هذا العالم أناسا يقدرون المصائب قدرها ويشتركون مع أصدقائهم فيما ينالهم منها.
من كتاب إلى مدام برديس يعلمها فيه بوفاة زوجها في موقعة النيل بالقاهرة في 19 أغسطس سنة 1798.
هازليت، ص186، جزء 2
التاريخ والمؤرخون
التاريخ لا يحتاج إلى الوهم والتخيل؛ لأنه فن يعلم البشر وينفعهم بحوادثه وينيرهم بحقائقه، فليس قارئه والحال هذه في حاجة إلى أوصاف بليغة أو قصص موضوعة لتؤثر فيه، إن تاسيتوس
Tacitus
المؤرخ لم يدرس حوادث التاريخ وعلاقتها ببعضها درسا كافيا يتمكن به من سبك ما كتب في قالب يكفل له الاحترام في نظر أبناء المستقبل لعدله وصدقه.
لا بد للمؤرخ من قوة يستطيع بها أن يمثل لنا الأمم كما كانت بحيث يشرح لنا الأحوال الظاهرة التي أثرت عليها تأثيرا محسوسا، ويبين لنا تأثير الشئون الداخلية في تلك الأحوال الظاهرة، فإن أباطرة الرومان مثلا لم يبلغوا من الشر المبلغ الذي نسبه تاسيتوس إليهم، فلأجل هذا أنا أفضل عليه مونتسكيو؛ لأنه أعدل، ونقده أقرب إلى الحق.
سلون، ص136، جزء 3
تعليم التاريخ للناشئين
إني أحب أن يكثر ولدي من قراءة التاريخ ودرسه؛ لأن فيه الفلسفة الحقيقة، فإنه إذا قرأ تاريخ الحروب الكبرى ونظر في أعمال كبار القواد بإمعان تعلم فنون الحرب من تلقاء نفسه.
على أن كل ما يقرؤه وكل ما تقوله له لا ينفعه إذا لم يكن في نفسه قبس من النار المقدسة وشعاع من نور الله وحب لفعل الخير؛ لأن هاتين الخلتين وحدهما كفيلتان بالأعمال الكبيرة.
مونتولون
قبل الصليب الأحمر
أفرغ جهدك في العناية بالمرضى والجرحى، وضح في سبيلهم كل شيء، وأعدد لهم سائر المركبات ، ولو احتاجوا إلى وسائل غيرها فلا تضن عليهم بفراشك وسرج فرسك، ادع القواد والضباط واشرح لهم واجبات الصحيح نحو المريض. إن الرومان كانوا يمنحون وسام الفخر لمن يعتنون بالشعب، ولست أقل من الرومان حنانا وشفقة.
ما كتبه إلى مورتير الذي تعهد بإخلاء موسكو في أكتوبر سنة 1812.
آبوت، ص403
الجنون واليأس
الجنون أعظم مصائب البشر، إنني لن أجن أبدا؛ لأن رأسي مصنوع من حديد، إن اليأس قبيح، وقد أمعنت النظر في عواقبه. سوف تسمع يا كولينكور أنني يئست، ولكنك لن تسمع أنني فقدت حواسي.
كولينكور، ص94، جزء 1
اضطراب العقل
قد تنشأ مصائب الرجل من اضطراب في عقله، فإذا كان العقل مضطربا ذهب بصاحبه كل مذهب وألقى به في كل تهلكة، حتى إذا حان حينه مات وهو حاقد على الحياة والناس.
من مقالة في السعادة سنة 1791.
سلون، ص77، جزء 1
حتى بونابرت يحن إليها
إن الأيام التي قضيتها في مصر كانت أسعد أيام حياتي؛ لأن الحياة في مصر توافقني من كل وجه.
تاربيل، ص90
الانتحار
إنني أعتبر الرجل الذي يقابل المصائب بصدر رحيب ويغالبها حتى يغلبها أشجع من الذي يقضي على نفسه بيده، إن البخع (الانتحار) لا يليق إلا بالمقامر إذا خسر، أو الشحيح إذا أفلس، وهو يدل على ضعف النفس والجبن.
مونتولون، ص215، جزء 1
أيضا
إن الانتحار دليل الجبن.
جورجو، ص244
مصائب الناس
إن المصائب واقفة للإنسان بالمرصاد.
آبوت، ص87
جزى الله الشدائد كل خير
إن للمصائب حسنات؛ فهي تظهر لنا كل شيء بمظهره الحقيقي، بعد أن خف حمل التاج عن رأسي يمكنني أن أفكر تفكير الفلاسفة، وأستعيد ذكرى الأيام التي كنت فيها أسير القضاء والقدر، فقد عرفت منذ اليوم أن للمصادفات تأثيرا في شئون الناس، وأن لها يدا في تغيير أحوال الدول.
مونتولون، ص262، جزء 2
مفاخر المصائب
إن لكل مصيبة مفخرة، وقد كانت حياتي ينقصها المصائب (1815).
لاس كاس، ص384
من تأنى
لا تنال الغايات إلا بالصبر والحزم.
آبوت، ص587
آراء شتى
شيطان الكبرياء لا يصغي لصوت العقل، وداء الحماقة لا يشفيه الدين، والحكومة الظالمة لا تذعن إلا للقوة.
هازليت، ص68، جزء 2
رحم الله جوتنبرج
ليس لخط اليد تأثير أشد من تأثير المطبوعات؛ فإن لها جلالا خاصا بها، فكأن الطبع يبصم الكلام بخاتم القوة.
مالكولم، ص171
الصيت والرجال
الصيت الذائع كالغوغاء البالغة عنان السماء، تزداد كلما عظم شأنها، فتفنى الأمم وتندثر القوانين وتدك المعالم وتهدم المعاهد وتزول الآثار وتبقى شهرة الرجال على مدى القرون والأجيال. إن قوتي مرتبطة بمجدي ومجدي متعلق بما أحرزته من الفخر والنصر.
بورين، ص124
فلسفة في الإنسان
لله ما أعجب الإنسان! فإنه مخلوق غريب، أي تشابه بيننا في ظاهرنا وباطننا مع وفرة عددنا. ألا يختلف أحدنا عن الآخر في كل شيء اختلافا شاسعا ؟! ومع ذلك فنحن نقترف ذنوبا كبيرة ونشمخ بأنوفنا ونشوه أخلاقنا بالكبرياء والغطرسة، هذا العبد توبي لو كانت نفسه كنفس بروتس الروماني لقتل نفسه، ولو كانت كنفس أيثوب لأصبح وزير حاكم الجزيرة، ولو كان متدينا لتوجه إلى الله بقلبه وحمده على ما أصابه من مصيبة الذل والعبودية والرق، ولكنه يحتمل مصابه بكل رضى وخشوع، ويقضي يومه في عمله، لله ما أعظم الفرق بين توبي وبين الملك ريشار! ومع ذلك فإن ذنب من يستعبد توبي يساوي ذنب من يأسر ريشار؛ لأن لهذا العبد الحقير أسرة وأصلا وكان بينهم سعيدا حرا. فمن الظلم والقسوة أن يؤتى به من بلاد بعيدة ليكون ذليلا أسيرا.
ص 383، جزء 2
إلى الملوك
ما العرش إلا أربع قطع من الخشب مكسوة بالمخمل.
باسكيه، ص139، جزء 2
الأسفار
يستفيد المرء من الأسفار.
ليفي، ص62، جزء 2
أخريات الليالي
ما أحسن راحة البدن! لقد صار يغمى علي في فراشي، لقد اضمحلت قواي. كانت همتي فيما مضى لا تحد، وكان عقلي لا ينام، وكثيرا ما كنت أملي على أربعة من الكتاب، فكانوا يكتبون بأسرع ما يمكنهم، ولكن كنت حينئذ نابوليون، أما الآن فلست شيئا، لقد خارت قواي وأصبحت لا أجسر على فتح عيني. إنني لست حيا، إنما أنا موجود ليس إلا.
وطسن، ص695
الفصل الخامس
آراؤه في الرجال
إن اللهو واللعب لا يكونان خلق الرجال.
آبوت، ص9
وشر معائب المرء القمار
لا تزعزع ثقتي في الرجل نقيصة بأسرع مما تزعزعه نقيصة القمار، فإذا بلغني أن رجلا موصوم بتلك النقيصة سقط لوقته في نظري، ويستحيل علي بعد أن أعول عليه أو أركن في أمر من الأمور إليه.
آبوت، ص35
خلة من خلال العظماء
ليس في وسعي أن أخلق رجالا لأتخذهم أعوانا، ولذا أكتفي بالانتفاع بمن أجد في طريقي.
وطسن، ص263
قوة البيان
إن للكلام قوة قاهرة ونفوذا شاملا على عقول الرجال.
جورجو
ما يصح عن الرجل الأبي
إن المنافع لا تستجلب الرجال.
جورجو، ص262
جزى الله الشدائد كل خير
كنت أظن وأنا سعيد أنني أعرف كنه الرجال، ولكن قضي علي أنني لا أعرفهم حق المعرفة إلا في شقوتي وبؤسي (1814).
كولينكور، ص39، جزء 2
دناءة الرجال
أتعلم ماذا يكون أصعب على الحر من انقلاب الأيام ومعاكسة الدهر؟! إن دناءة الرجال ونكرانهم للجميل أشد على النفس من مصائب الزمان. الراحة في الموت (1814).
سلون، ص146، جزء 4
آراء الرجل العظيم المتقزز
إن خبرتي بأخلاق البشر في الأيام الأخيرة أبعدت عن ذهني سائر الأوهام التي تخفف عن أصحاب العروش والتيجان بعض مصائبهم وأحزانهم، فأنا منذ الآن لا أعتقد فيما يسمونه بحب الوطن؛ لأن الوطنية كلمة فارغة تؤدي معنى شريفا جميلا، إن حب الوطن هو عبارة عن حب الإنسان لذاته ودفاعه عن مركزه وتفانيه في الحصول على منافعه الخاصة بشخصه (1815 بعد وترلو).
كولينكور، ص214، جزء 2
تخلي الصغار عن الرجل العظيم
وقال لحاشيته في منفاه:
إنكم لا تعرفون أخلاق الرجال؛ لأن ذلك يصعب عليكم وعلى غيركم، فإن الواحد منا لا يمكنه أن يعرف كنه نفسه. إن الذين هجروني ونأوا عني لم يكونوا ليحلموا بالانصراف لو أنني بقيت والدنيا مقبلة علي والآمال تحوم حولي.
إن في الحياة فضائل ورذائل تسببها وتظهرها الأحوال والحوادث، أما محبتي أنا فمما لا تحتمله الطبيعة البشرية، على أنني أنسب عمل القوم الذين انصرفوا عني إلى ضعف في طبائعهم، ولا أنسبه إلى الغدر والخيانة، فمثلهم كمثل القديس بطرس مع المسيح، ولعلهم كانوا يتوبون لو ثابوا إلى رشدهم، مع أن رجال التاريخ كانوا أكثر مني أصحابا وخلانا وأقرب إلى قلوب الأمة وأحب إلى وطنهم مني، ومن من رجال التاريخ استبكى الرجال والنساء بما حدث له من المصائب والكوارث؟ من ينكر علي أنني وأنا في هذه الجزيرة القحلاء لا أزال أحكم بلاد فرنسا التي تمزقها الثورات كل ممزق، وتبدد شملها القلاقل والفتن؟! إن حلفائي وأنصاري من الملوك والأمراء حافظوا على ودي إلى أن قضي الأمر وحملتهم شعوبهم على تركي وشأني، أما الذين كانوا حولي فقد أصابتهم صاعقة من السماء، فلم يفيقوا لأنفسهم، إني لا ألوم الناس بعد أن رأيت منهم ما رأيت ؛ لأنه كان يمكنهم أن يسيئوا إلي وكانوا يستطيعون أن يظهروا بمظهر أفظع مما ظهروا به.
لاس كاس، ص336، جزء 1
رجال المال
إن رجال المال ينفعون في بعض الأحيان نفعا كبيرا؛ لأنهم قد يعرفون كل شيء، ومن يعرف كل شيء لا يستهان به.
لاس كاس، ص96
إلى طلاب الطب والحقوق
إنني لا أثق بالعقاقير، والعلاج الذي ألجأ إليه إذا مرضت إنما هو الصوم والاستحمام بالماء الحار، ومع ذلك فإنني أحترم فن الطب والجراحة احتراما عظيما، وأعتبره فوق سائر الفنون، فإن صناعة المحاماة صعبة المراس على الإنسان؛ لأنها تستدعي تشويه الحقيقة ومزج الحق بالباطل، وإذا اعتاد المحامي على سروره بانتصار الباطل على الحق، كانت عاقبته وخيمة؛ لأن تلك النقيصة تنتهي بعجزه عن التفريق بين الحسن والقبيح والعدل والظلم والحق والباطل. وكذلك فن السياسة، فإن المشتغل به لا بد له من ذمة تسع كل شيء، وكذلك رجال الدين يتحول صلاحهم إلى فساد وخيرهم إلى شر، فيصيرون مرائين ومنافقين؛ لأن الناس ينتظرون منهم أكثر مما يستطيعون إتيانه من الخير، أما الجنود فهم لصوص وقتلة. ولكن الواجب الذي يقوم بتأديته الطبيب والجراح هو واجب إصلاح الجسم البشري، وهو بلا ريب واجب أسمى من أعمال الذين يسببون الشقاق بين الناس ويشعلون نيران الحروب (1815).
آبوت، ص559
الخطباء والمنطق
إن الخطباء البلغاء الذين يديرون دفة المجامع والمجالس السياسية يكونون في الغالب من المتوسطين في فن السياسة، والأولى ألا يعارضوا في أقوالهم؛ لأن لديهم من الألفاظ والمعاني والأصوات الجهورية ما يغلبون به من يعارضهم، ولا يمكن الفوز عليهم إلا بالجدل المنطقي؛ لأن قوتهم كائنة في الخيال؛ فهم على الدوام يلجئون إلى النظريات المبهمة لإثبات أقوالهم، وكلهم قوالون، ويندر بينهم الفعالون، فخير وسيلة للفوز عليهم إقناعهم بالحوادث الواقعة والحقائق الواضحة، وقد حدث لي أنني كنت ألقى في المجلس خطباء فصحاء نصيبهم من البلاغة والبراعة في تزويق الكلام أوفر من نصيبي، ولكنني كنت على الدوام أغلبهم وأقنعهم بدليل بسيط وهو مجموع اثنين واثنين أربعة.
مونتولون، ص187، جزء 3
آراء بونابرت في محمد والإسلام
لقد ظهر محمد في وقت كان الناس فيه محتاجون إلى من يهديهم إلى عبادة إله واحد، وقد يمكن أن تكون جزيرة العرب قضت حينا من الدهر في الحروب الأهلية التي تورث الشجاعة.
إن محمدا بعد موقعة بدر صار بطلا عظيما في نظر قومه، وقد استطاع أن يقوم بعد ذلك بأعمال كبرى؛ لأن الرجل وإن كان رجلا لا يزيد ولا ينقص، فقد يمكنه أن يدهش العالم بما يتم على يديه، هذا إذا كان الوسط الذي حوله مستعدا لقبول عمله، أما إذا كان الوسط مغايرا له في الطباع والأميال، فقد يكون الرجل كالشعلة في وسط الشجر الأخضر لا تؤثر فيه، وأنا أعتقد أن محمدا لو بعث اليوم (سنة 1817) في جزيرة العرب لما استطاع أن يقوم بما قام به منذ اثني عشر قرنا، ولكنه في عهده استطاع في عشر سنين أن يفتتح نصف العالم المعروف مع أن الدين المسيحي احتاج إلى ثلاثة قرون حتى استتب له الأمر. إن الدين المسيحي دين عويص لا يفقهه أهل الشرق بسرعة، فهم يحتاجون إلى دين أكثر وضوحا وأقل تعلقا بالسماء من دين المسيح.
جورجو، ص48
بونابرت ووشنطون
لما بلغت الذرى ودانت لي سائر القوى تمنى القوم لو أنني أصير كوشنطون، وقد قال هذا من قاله؛ لأن الكلام لا يكلف صاحبه شيئا، ولأن القائل جاهل بالأحوال والأيام، فإنني لو كنت في أمريكا لوددت من صميم فؤادي أن أكون كوشنطون، ولم يكن لي فضل لأنني لم أكن أستطيع أن أكون غير ذلك، ولو أن وشنطون كان في فرنسا معرضا للقلاقل والفتن في الداخل وللحروب في الخارج لعجز تمام العجز عن السير على الخطة التي سار عليها في أمريكا، ولو أنه حاول ذلك لوصمه التاريخ بالجنون؛ لأن سلوك مثل ذلك السبيل لم يكن يؤدي إلا إلى استمرار السيئ. أما أنا فلم أكن أستطيع أن أقوم بما قام به وشنطون إلا وأنا فوق عرشي وعلى رأسي تاج وفي يدي صولجان وحولي الملوك والأمراء الذين دانوا لي واستوليت على بلادهم، حينئذ كان يمكنني أن أعدل عدل وشنطون، وأسير بمقتضى علمه وحكمته، ولم يكن هذا يستطاع إلا إذا صرت ملك العالم، وكانت هذه غايتي، فهل تعد تلك الغاية جريمة لا تغتفر؟!
لا كاس، ص381، جزء 1
الفصل السادس
أخلاق وطنية
الإنكليز
الشعب الإنكليزي شعب تجار، ومجدهم في ثروتهم.
جورجو، ص71
ألا ترى إلى الإنكليز؛ فقد غلبونا، ولكنهم لا يزالون وراءنا بمراحل؛ وذلك لأنهم لا يستطيعون أن يجارونا أو يساووا أنفسهم بنا.
جورجو
إن في إنكلترا من الشرف والأمانة ما لا يوجد في غيرها، وهناك أيضا من الشر والأذى ما ليس وراءه غاية.
مالكولم، ص106
الثورة والإنكليز
لا تذكر الفتنة للإنكليزي فهو يخشاها؛ لأن الطبقات النازلة من الشعب مهانة في بلاده، ومع ذلك فإن نار الحرية لا تزال كامنة في أفئدة هؤلاء المظلومين.
جورجو، ص204
فرنسا
حبة الفرنساويين قبة؛ لأنه لا قيمة للعقل عندهم.
رود، ص328، جزء 1
الرأي العام في فرنسا
الرأي العام هو كل شيء في فرنسا، وكثيرا تؤثر فيه الصغائر فيندفع بلا تبصر ولا ترو.
ملكولم، ص94
أثر الهزيمة في الفرنسويين
إن الشعب الفرنسوي لا يدري كيف يحتمل المصائب، وأمتي أشجع الأمم وأحدها ذكاء وأسرعها إلى الحرب، فلا تصح عزيمتها إلا عليها، فإذا هزمت كانت هزيمتها سببا في ضعف نخوتها وفساد أخلاقها (1814).
آبوت، ص468
أخلاق الأمم
إن أخلاق الأمة الفرنسوية تؤدي بها إلى الفناء والبلاء؛ لأن أعمالها كافة موجهة نحو غرض واحد وهو إرضاء النفس مؤقتا، وإشغال الخاطر بما يروقه لساعته، فكلنا في فرنسا نبني ونهدم، ولكن لا يعمل أحدنا عملا ثابتا باقيا.
آبوت، ص289
أخلاق فرنسا
الشعب الفرنسوي كثير الإعجاب بنفسه، والغرور والعجب أحب لديه من الخبز.
ملكولم، ص103
ذكاء الفرنسويين
أهل فرنسا أذكى أهل الأرض على الإطلاق.
كولينكور، ص86، جزء 1
الاتحاد
لقد تمنيت أن تتم لفرنسا على يدي أمور كثيرة والزمان غدر بي، ولكن اتحاد الجميع كان ضروريا قبل كل شيء فلم يتفقوا على شيء.
كولينكور، ص120، جزء 2
تأتي الرياح
آه لو أتيح لي أن أحكم فرنسا أربعين عاما لكانت في آخر تلك المدة أعظم إمبراطورية رآها العالم.
جورجو، ص88
حب الوطن
كنت أود أن يكون الانتساب إلى فرنسا أعظم شرف، وأن تكون الأمة الفرنسوية أعظم أمة، وكنت أريد أن أستخدم في سلطنتي سائر القوى العقلية بحيث تصير مظهرا لما يستطيع أن ينتجه الإنسان بالعمل وقوة الإرادة والحكمة.
مونتولون، ص119، جزء 30
أهل بولاندا
إني أحب أهل بولاندا لحدتهم وحميتهم، وكنت أود أن أتمم استقلالهم، ولكن ليس هذا بالأمر السهل؛ لأن الشركاء في تلك الغنيمة كثيرون، فإن أرضيت النمسا لا أرضي روسيا، وإن أقنعت روسيا لا أقنع بروسيا، ولكل واحدة من تلك الدول نصيب، فإذا أشعلت النار لست أدري أين ينتهي لهيبها. ولما كان أهم واجب لدي هو خدمة فرنسا فلا يليق لي أن أفضل عليها بولاندا، أو أقدم منافعها فريسة يلتهمها الأجانب سعيا في تحرير شعب غريب، وغاية ما أقول أنه لا بد لنا من ترك مسألة بولاندا للزمان، فهو الحكم العدل فيما يعجز عن الحكم فيه بنو الإنسان.
بورين، ص376
مستقبل روسيا
سوف يسود الروس ما دامت خراسان قد ذهبت من طريقهم واختل بذهابها ميزان الممالك الأوروبية.
جورجو، ص71
لم يعرف بونابرت فضل اليابان
سوف تفتتح روسيا ممالك العالم، فإن ظواهر الأحوال تدل على ذلك، فقد تقدمت تلك الإمبراطورية من عهد بولس الأول تقدما مدهشا.
جورجو، ص156
جرثومة التحالف الثنائي
يجب على روسيا أن تحالف فرنسا.
جورجو، ص157
روسيا والعالم
إن مركز روسيا يسمح لها بافتتاح العالم.
جورجو، ص158
نابوليون يودع الحرية والوطن من الباخرة بيليريفون.
الفصل السابع
آراء سياسية
كانت الحكومة محصورة في شخصي.
تاربل، ص106
خليفة الله
ليس المستبد خليفة الله في الأرض.
هازلين، ص405، جزء 2
الدستور الفرنسوي
لا يمكن الحصول على نظام دستوري مؤسس على العقل إلا بعد التغلب على أوهام ثمانية عشر قرنا.
بورين، ص74
سياسة الدول
يمكن الوصول إلى الغايات المطلوبة وإصابة الأغراض المرغوبة، والتغلب على العقبات، وتفريج الكروب والأزمات بالتعقل والحزم والحلم، ولو أننا جعلنا النظر في العواقب وانتهاز الفرص قاعدة أعمالنا السياسية ، استطعنا أن نبلغ أسمى مركز بين الدول، فيركن إلينا في التقاضي ويلجأ إلينا في الملمات (1797).
تاليران
حب الوطن
كنت على الدوام أعمل لتحقيق الأمنية الكبرى، وهي أن يكون كل شيء فداء للأمة الفرنسوية.
مونتولون، ص246، جزء 1
حب الوطن
كل ما أرغب فيه من صميم فؤادي هو أن يكون اسمي مقرونا باسم فرنسا إلى الأبد.
لورين، ص161
السياسة والحوادث
لا ينبغي للسياسة أن تطأطئ رأسها للحوادث، بل ينبغي للحوادث أن تطأطئ رأسها للسياسة.
هازليت، ص134، جزء 2
الأمة والحكومة
لا بد أن يكون نظام الحكومة موافقا لروح الأمة ومشربها.
آبوت، ص145
كيف تحكم الأمم
تحكم الأمم بالحكمة والتدبير لا بالحدة والخرق.
روس، ص213، جزء 2
الحياة السياسية
آخر شيء في السياسة الشروع في عمل وتركه ناقصا، وخلط شئون المملكة بالعواطف القلبية.
كولينكور، ص185، جزء 1
العدل والرتب
يجب على الحكومة أن تعدل بين الجميع في سائر قوانينها وأعمالها، ويجب عليها ألا تمنح ألقاب الشرف والرتب السامية إلا لمن يستحقونها.
مونتولون، ص188، جزء 8
نفوذ الأغلبية
إن مبدئي السياسي هو أن أحكم الناس كما يريد أغلبهم.
تاربل، ص121
حظ الأمم
ليس ارتقاء الأمم وسقوطها بيد القضاء (1814).
كولينكور، ص239، جزء 1
شرف الأمم
خير للأمة أن تفنى عن آخرها من أن تعمل ما يخالف روح الشرف؛ لأن ذلك يؤدي بها إلى التقهقر والانحطاط.
ماسون، ص103، جزء 2
الأرستوقراطية والألقاب في الأمم
لا بد للحكومة الملكية من أرستوقراطية (طبقة الأشراف) لتناصرها وتشد أزرها؛ لأن الملكية بلا أشراف كالسفينة بلا دفة، أو كالقباب الطيارة لا يدري راكبها أين تذهب به الرياح، ولا يكون للأشراف قوة ونفوذ إلا إذا كانت أسرهم عريقة في المجد والقدم، وهذا الذي عجزت عن إيجاده. إن كل ما في وسع الديموقراطية الحكيمة هو نشر لواء العدل على الجميع، وقد كانت خطة الحكومة في هذه الأيام لا الانتفاع بالبقية الباقية من الأشراف واستعمال روح الديموقراطية وأشكالها، وكان من الضروري أيضا استعمال أسماء العظماء وأبطال التاريخ، وكانت هذه الوسائل ماسة لصبغ نظاماتنا وشرائعنا الجديدة بالصبغة القديمة.
كانت خططي وأعمالي معدة للتنفيذ والإنجاز، ولكنني لم أتمكن من ذلك لقصر الوقت، وكانت خطتي في الانتفاع ببقايا الأشراف أن أرشح أبناء الوزراء والقواد إلى نيل لقب دوق على شرط أن يكون لديهم من الثروة والمتاع ما يناسب المقام السامي الذي يرفعون إليه، وكنت أرجو من هذه الطريق خيرا كثيرا؛ لأنها تقدم البعض وتملأ قلوب البعض الآخر بالأماني والآمال، وبذلك تدب روح المنافسة النافعة بين الجميع بدون أدنى أذى. إني واثق بأن الرتب والألقاب ألاعيب كألاعيب الأطفال، ولكنها ضرورية للحكومات. إن الأمم القديمة الفاسدة لا يمكن حكمها بالطرق والقواعد التي تحكم بها الأمم الحديثة النشء، فإن كان في الأمم القديمة واحد يضحي نفسه لأجل المنفعة العامة، فإن فيها آلافا وملايين تحكمهم منافعهم وأغراضهم وشهواتهم. ومن الجنون أن يحاول المرء إصلاح مثل هذا الشعب في يوم. إن حذق العامل كائن في الانتفاع بما لديه من المواد واستخراج النفع مما يظنه الناظر في أول وهلة خلوا منه، وهذا هو السر في إعادة الألقاب والرتب والوسامات، وفضلا عن ذلك فإن لتلك الألاعيب منافع وليس لها مضار، لا سيما في عصر المدنية الذي نحن فيه، فإن الألقاب تستلزم احترام الشعب لحائزيها وتستدعي احترام النفس لدى أصحابها، وهي ترضي الضعيف العاجز، ولا تؤذي القوي.
آبوت، ص285
الرتب والنياشين
من ذا الذي يدعي أن الألقاب الفارغة التي تمنحها الحكومة لأغراض سياسية تؤثر في علاقة الرجل بإخوانه وتكدر الصفاء بينه وبين أصحابه وخلانه؟
جورجو
فساد الأشراف
ليس في البلاد من يعمل بقلب سليم وهمة وعزم سوى جنودي وضباطي الذين لا ينسبون إلى الأمراء والوزراء. لا شك في أن هذه الحقيقة مؤلمة، ولكنني لا أستطيع إنكارها، وكل ما يجب علي أن أفعله الآن هو أن أسرح الأشراف والنبلاء فيذهبون إلى أهلهم يتمطون ويمرحون في قصورهم الشامخة، يجب علي أن أخلص نفسي من ربق هؤلاء الأشراف المتنطعين، وأبدأ الحروب بجانبي شبان لا يعرفون الجبن ولا يخشون الردى (1814).
كولينكور، ص145، جزء 4
الفرد والجماعة
إن المعصية خصيصة بالفرد ولا يمكن أن تكون من صفات الجماعة، مثال ذلك أن إخوة يوسف لم يتفقوا على قتله، ولكن يهوذا الشقي الخائن غدر بسيده بمفرده.
ذكر أحد الفلاسفة أن البشر يخلقون ميالين للشر بطبيعتهم، وإنني أرى من العبث أن يحاول المرء إثبات تلك النظرية أو نفيها. إنما المحقق في نظري هو أن الجزء الأعظم من الناس غير ميال للشر؛ لأنه لو فرضنا ضد ذلك وصح الفرض ما استطاعت الفئة القليلة من الميالين للخير كبح جماح الفئة الكبيرة إذا انتهكت تلك الفئة حرمة القوانين وعاثت في الأرض فسادا، وفي هذه المسألة وحدها تظهر قوة روح المدنية. إن العواطف البشرية غير موجودة إلا في عالم الخيال، ومعظمها موروث من أجدادنا، فلولا أن أجدادنا كانوا يشعرون بانعطاف نحو هذا أو ببغض نحو ذاك، ويستحسنون أمرا أو يستهجنونه، ما ظهرت عواطفنا بالمظهر الذي نراه، فإذا أمرونا أن ننظر إلى الإنسان بعين البصيرة، فلا بد لنا من العمل على ترقية العقل البشري؛ لأن في هذه الترقية وحدها مفتاح النشوء الإنساني، بل هي الغرض الوحيد الذي يسعى إليه المشترعون في جميع العصور، ولا يبقي على جهل الأمة إلا الحاكم الظالم الذي يريد أن يخدعها ويحكمها لمجرد نفعه الذاتي؛ لأنه كلما استنار الشعب بنور العلم زاد شعوره بحاجة إلى القوانين، وكلما أحس بضرورة التفاني في الدفاع عنها وحمايتها حفظا لسعادة الهيئة الاجتماعية وصيانة مصلحتها.
قد يكون تعليم الشعب خطرا على الحكومة إذا كانت تعمل على كيد الأمة، أو تسير بمقتضى خطة سياسية تؤدي إلى هلاك الطبقات النازلة، فالتعليم في مثل هذه الحال يبعث في الشعب بروح جديد فينهض نهضة الأسد ويثب وثبته ليدفع الكيد عن نفسه جملة، أو تتفشى في أفراده الجرائم (1815).
لاس كاس، ص379، جزء 1
مصر والإنسانية
يظهر أن مصر أعرق الممالك مدنية وأقدمها مجدا، وبعدها بلاد غاليا، فألمانيا فإيطاليا، ولكنني أظن أن الجنس الإنساني نشأ في الهند أو في الصين لا في مصر التي لم يكن عدد سكانها يتجاوز بضعة ألوف.
وكل هذا يدلني على أن العالم ليس قديما، أو بعبارة أخرى أن تاريخ الإنسان على الأرض لا ينتهي إلى قرون بعيدة، ولذا أنا أعتقد بصدق التواريخ التي وردت في الكتب المقدسة التي لا يمتد أجلها أكثر من ألف أو ألفي عام، أعتقد أن الإنسان خلق من فعل حرارة الشمس في الطين، وروى هيرودوتس أنه رأى بعينه الجرذان تخلق من طمي النيل، وشاهد بعض تلك الجرذان في أثناء تكوينها.
جورجو، ص69
قانون نابوليون ومدارسه
إن قانوني أفاد فرنسا أكثر من سائر القوانين القديمة؛ لبساطته وسهولة فهمه. إني أعلم على نموذج خاص في مدارسي التي أنشأتها جيلا لم ير العالم مثله.
لا كاس، ص380، جزء 1
فن السياسة
المهارة وحسن الفراسة وبعد النظر أفضل في السياسة من الخديعة والدهاء. إن فن السياسة الذي كان يتنافس فيه الأقدمون قد أصبح اليوم ملكا مشاعا، فقد عرفت كل أصوله وفروعه، وفضلا عن ذلك فإن المراوغة والمكر لا لزوم لهما إذا أمكن التصريح لا سيما بعد أن أصبحت المراوغة والختل من علامات الضعف والعجز.
كولينكور، ص26، جزء 1
المثل الأعلى لأندية العلماء
إنني محتاج إلى مجمع من العلماء؛ لأن مثل هذا المجمع لا يموت مطلقا إنما يترك روحه لمن يأتون بعده، ومقصدي أن يكون ذلك المجمع فوق كل المؤثرات الوقتية، فلا تنقض دعائمه إذا انقلبت الحكومة رأسا على عقب، ولا تخور قواه إذا ضعف الحكام ودالت دولة الأحكام، وأود أن يكون هذا المجمع ذا علاقة كبرى بالأمة بحيث لا يمكن لأحد أن يتداخل في شئونه بدون أن يهيج سخطها، فإذا لم يوجد مجمع كهذا المجمع، فلا أمل للحكومة في الثبات ولا أمان لها من التزعزع ما دام أفراد الأمة لا يميزون منذ نعومة أظفارهم بين نظامات الحكومة والمذاهب الدينية المختلفة، أو بعبارة أخرى ما دام الولد لا يختار وهو في صباه أن يكون جمهوريا أو ملكيا كاثوليكيا أو بروتستانتيا، فلا يمكن تكوين أمة حقيقية، بل يبقى المجموع مزعزع الأركان غير ثابت البنيان عرضة للتغيير والتبديل في كل آن.
روس، ص296، جزء 1
حاجة الشبان
مما يحزنني أن أرى شبان هذه المملكة العظيمة يقضون سنين طويلة في البحث بغير جدوى قبل أن يهتدوا إلى منابع العلم التي يستفيدون منها ليبلغوا غايتهم من الفنون التي يريدون أن يبرعوا فيها، فلا بد من تأسيس معاهد للعلم تسعف هذه الخاصة، وكثيرا ما فكرت في تلك المعاهد لأنني في شبابي شعرت بحاجة الشبان إليها.
آبوت، ص264
إلى الفاتحين
إن الفتوحات العظيمة التي تشرح صدر الفاتح هي التي يتغلب فيها العلم على الجهل؛ لأن أشرف واجب يجب على الأمم أن تسعى في تأديته هو نشر نور العلم وتوسيع نطاق العقل البشري.
آبوت، ص79
قوة العقل
كل شيء في العالم يطأطئ لقوة العقل البشري.
آبوت، ص79
تعليم الشعب
من أعظم الغايات التي كنت أسعى إليها نشر التعليم في جميع أنحاء البلاد، بحيث يصير سهلا على كل إنسان، وقد أسست المدارس على نظام يخول للفقير حق تعليم أولاده بدون مقابل، وإذا كانت إحدى المدارس تتقاضى أجرا فلا يكون هذا الأجر فوق طاقة الفلاح الفقير، وقد أمرت بفتح جميع المتاحف للأمة؛ لأن مساعي كلها كانت موجهة نحو غرض واحد، وهو تنوير الشعب لا دفنه في قبور الجهل.
آبوت، ص145
أهل السلطة والعلم
لو كنت أود أن أستقل بالسلطة والنفوذ كما زعموا لعملت على إخفاء نور العلم عن الشعب، ولكنني في الواقع سعيت جهدي في نشر المعارف وإذاعتها بين الناس، ومع ذلك لم تتمتع النابتة الفرنسية بسائر الخيرات التي كنت أضمرها لها، فإن مشروع المدرسة الجامعة الذي وضعته كان فريدا في بابه، ولم يكن لدي أدنى ريب في جزيل نفعه وعظيم نتائجه لو مد في عهدي (قديسة هيلانة 1815).
لا كاس، ص251، جزء 1
غرس الحاضر
لله ما أعظم الجيل الذي ينشأ بعدي! إن هذا الجيل من غرس يدي وسوف ينتقم هؤلاء الناشئون لي إذا رأوا آثار أعمالي وسمعوا أعدائي يقدحون في (1815).
لا كاس
عدو عاقل
إن دين إنكلترا الوطني هو آفتها في مستقبلها، بل هو منشأ مصائبها؛ لأنها لا يمكنها أن تسد ثلمته إلا إذا ضربت على الشعب ضرائب فادحة، فلا تكاد ضرائب الأمة في وقت السلم تقل عنها في وقت الحرب، وهذا بلا ريب يؤدي إلى ارتفاع أثمان المآكل والمشارب وسائر أصناف المئونة. ونتيجة تلك الأزمة وقوع الأمة كلها في حضيض الشقاء، فيحدث حينئذ أحد أمرين، الأول: أن تزداد أجور العمال بحيث تعجز المتاجر والمصانع الإنكليزية عن مسابقة متاجر أوروبا ومصانعها، فتدور الدائرة على أرباب المصانع البريطانية، والأمر الثاني: أن تبقى أجور العمال كما هي فينتفع أصحاب المصانع ويعجز العامل عن الحصول على حاجاته الضرورية من مأكل ومشرب وملبس.
وإذا أضرت الضرائب بعيش الطبقة النازلة، كان ذلك مجلبة لسائر المصائب التي تهدد بها الأمة في حياتها.
فأهم شيء لإنكلترا هو الخلاص من الدين الذي ينخر عظامها، ويكون ذلك بجميع الوسائل الممكنة، كتقليل النفقات، وتوسيع دائرة التجارة مع ممالك العالم. وليعلم الإنكليز أن الطب يبيح قطع عضو من أعضاء البدن إذا كان في بقائه خطر على سائر الجسد، وتلك القاعدة تبيح لهم حبس الأرزاق التي يتقاضاها أهلها دون عمل يقابلها، وتقليل بعض مرتبات المستخدمين، وتدبير نفقات الجيوش البرية، وما شاكل ذلك. فإن عظمة إنكلترا السياسية في قوة أساطيلها، ولا دخل فيها لتلك الجيوش البرية الحقيرة التي بعثت بها أذنابا للجيوش النمسوية والروسية والبروسية في الحروب الأوروبية، ويجب على إنكلترا أيضا النظر في أمور أخرى كالمسائل المتعلقة بأملاك الكنيسة، ومسألة الملاك والفلاحين، وسياسة أيرلندا وعلاقتها بإنكلترا، ثم يجب عليها أن تفك القيود التي قيدت بها نحو ثلث سكانها لأجل معتقداتهم الدينية، وأن تمنح حق الانتخاب لمن يهتمون بالسياسة اهتماما حقيقيا؛ لأن نظام الانتخاب الحالي ظاهره يسر وباطنه يسوء ويضر، فهو في الواقع ينفع الأشراف والملك ويمنحهم كل سلطة، ويمتعهم بالنفوذ الشامل في مجلس الشورى، وكذلك أيرلاندا؛ فليس امتيازها السياسي بوجود نوابها في البرلمان الإنكليزي إلا امتيازا وهميا، فالبلاد في الواقع مغلوبة مقهورة، وكان الأولى لها أن تعامل معاملة البلاد المقهورة؛ لأن مثل تلك المعاملة كانت على الأقل تنقذها من ازدياد دينها العمومي بامتزاجه بدين إنكلترا.
إن الأشراف في إنكلترا هم الحكام المطلقون، فإذا ظهر أي إصلاح يمس امتيازاتهم وحقوقهم بأذى صاحوا بالحكومة قائلين: «إن الأرسطوقراطية هي أساس الدستور، فإذا مست بسوء تهدم البناء وضاعت حرية الأمة.» ولا ريب في أن للدستور الإنكليزي حسنات كثيرة أنتجت نتائج باهرة بقطع النظر عن عيوبه ومساوئه، وتلك النتائج العظيمة هي التي تقف في وجه الأمة الإنكليزية، إذا أرادت أن تزيل بعض هذه العيوب. ولكن لا خوف على هذا الدستور إذا أصلح إصلاحا معقولا، فإن نتائجه تكون حينئذ أعظم وأفضل.
مونتولون، ص309، جزء 2
بعد فرار الفرصة!
إنني اقترفت ثلاث غلطات سياسية: الأولى أنني لم أعقد مع إنكلترا صلحا بعد حروب إسبانيا، والثانية أنني لم أكون مملكة بولاندا، والثالثة أنني واصلت السير إلى موسكو وكان يحسن بي أن أعقد صلحا في درسدن وأن أتنازل عن هامبورج وغيرها مما لم يكن ينفعني.
جوسلين، جزء 312
سياسته وتدبيره
احترست من الوقوع في الأغلاط التي وقع فيها جماعة السياسيين الذين يفضلون أنفسهم على من عداهم ولا يعتقدون بصحة مبادئ غيرهم أو آرائهم، فيحرمون بذلك من حكمة الحكماء ومن ثمار سياسات الدول والأمم؛ لأن الحكمة الحقيقية ثمرة التجارب. إن الاقتصاديين الذين يعضدون مبدأ حرية التجارة يضربون المثل بثروة إنكلترا وغناها المادي، ولا يخفى أن فائدة الحماية الجمركية هي تعضيد المصانع والمتاجر الجديدة في المملكة، فإذا كانت هذه المصانع والمتاجر غير محتاجة إلى التعضيد فحرية التجارة أنفع شيء للبلاد.
ومن العجيب في أمر هذه المسائل أن أصحاب الرأي في كل أمة يعجزون عن حلها مع أهميتها للحياة القومية، ومع ذلك فقد يمكن الوصول إلى الحقيقة، إذا جعلت الترتيب الزراعي والصناعي والتجاري الذي استنبطته قاعدة للبحث، وهو:
أولا:
الزراعة روح البلاد ونبع حياتها القومية.
ثانيا:
الصناعة عضد الزراعة ومجلبة المال.
ثالثا:
التجارة الداخلية أهم وسيلة لتسهيل الانتفاع بمتاجر البلاد ومصانعها.
رابعا:
التجارة الخارجية وهي طريقة الانتفاع بما يزيد عن حاجة البلاد من متاجرها ومصانعها.
مونتولون، ص302، جزء 2
الوزير العاجز
الوزير العاجز يضر حكومته ووطنه باستخدام جماعة يعملون ويفكرون كما يريد لا كما يجب.
جورجو، ص253
نصيحة للرؤساء المجاملين
إذا أهمل رجل في عمله فلا بد من عزله، فإن استبدال العمال مدعاة للاهتمام بالعمل.
جورجو، ص86
من حسنات الإنكليز في بلادهم
لا ينبغي للقواد أن يقوموا بقيادة الجيوش أو بغيرها من الأعمال الحربية التي تستلزم الهمة والقوة بعد مضي ستين عاما من عمرهم، بل ينبغي للحكومة أن تعينهم في وظائف سامية لا عمل فيها ولا مشقة.
جورجو، 238
جبن الجنود والموظفين
إن كان الجندي الجبان يفقد أمته استقلالها، فإن الموظف الجبان يعبث بشرف القانون ويهدم دعائم العرش ويخل بنظام الهيئة الاجتماعية. لما أخذت على كاهلي إصلاح فرنسا طلبت من الله أن يمد في أجلي سنين معدودة؛ لأنني أعلم أن التعمير يحتاج إلى وقت أطول مما يحتاج إليه التخريب؛ فأنت تهدم دارا في يوم ولكنك تشيدها في عام، إن الحكومة محتاجة في صلاح أمورها إلى عمال أمناء.
كان آباؤنا يقولون إذا توفي الملك «مات الملك ليحي الملك»، بهذه الكلمات القليلة تظهر منافع الملكية، هذا وقد عنيت بدرس أميال أمتي في القرون الماضية، وأمعنت النظر في حوادث التاريخ، وكنت كلما تعمقت في تلك الأبحاث اقتنعت بأهمية التفرغ للنظر فيها.
من خطاب ألقاه في مجلس الشيوخ بعد حرب روسيا.
أعطوا القوس باريها
إن الإنسان في هذه الحياة كالموسيقار في مجمع الموسيقى لا يتقن الضرب إلا على أداته، فإذا أعطيت له أداة أخرى للتوقيع عليها ظهر عجزه. خذ لذلك القائد (ناي) مثلا؛ فقد كان يقود عشرة آلاف رجل بهمة وحذق، ولكنه فيما عدا ذلك كان لا يعرف شيئا.
جورجو، ص263
رب درة في مزبلة ورب كلب في عرين الأسد
إن في فرنسا رجالا أقوياء قادرين على العمل، ولا يعوزنا إلا العثور بهم وتسهيل العقبات التي تعترضهم حتى يصلوا إلى الأماكن التي يستحقونها، فإن وراء المحراث رجلا يليق به أن يكون وزيرا، وفي دست الوزارة آخر الأفضل له ولغيره أن يكون عاملا صغيرا.
مونتولون، ص187، جزء 3
الأشراف والشعب
مهما كان الفضل قليلا فلا بد من مكافأة صاحبه وتشجيعه، إن الأسر الشريفة في لندن وفينا تزعم أنها جديرة بكل أماكن الشرف في الحكومة، وأنها حقيقة بتدبير شئون الأمة لأنها تعتبر أن شرف المولد بديل من المواهب العقلية ويعتقد الواحد من أفراد تلك الأسر أن كونه ابن أبيه كاف لأن يقوم بأعباء أعظم وظيفة في الحكومة، وأقول بعبارة أخرى: إن هذه الأسر تشبه الملوك الذين يعتقدون بأنهم خلفاء الله على الأرض، وأنه وحده كفيل بهم، وأنهم لا يسألون عن أقوالهم وأفعالهم إلا أمامه جل شأنه. وهؤلاء الأشراف المغالون لا يعتبرون الشعب إلا طائفة من الأبقار التي تحلب، فلا اهتمام لديهم بشأنها إلا فيما يتعلق بمنافعهم الذاتية، ولا عناية لهم بتلك الأبقار ما دامت الخزائن مملوءة والتيجان مرصعة.
كانت آمالي عظيمة جدا، ولكنني كنت رهين إشارة الشعب؛ لأنني أعتقد على الدوام بأن الشعب هو رأس كل حكومة، وإنني لم أكون الإمبراطورية الفرنسوية إلا معتقدا أنها جمهورية عظمى، فلما استدعاني الشعب إلى العرش كان شعاري «لا بد من فتح أبواب المجد في وجوه الرجال بدون النظر إلى أنسابهم وأحسابهم». ولأجل هذا المبدأ أبغضتني أوروبا الظالمة، ومع ذلك فقد كان الواجب على الإنكليز أن يقدروا مبدئي حق قدره؛ لأنهم الأمة الوحيدة التي يرتقي فيها الرجل إلى أسمى المناصب بدون نظر إلى أصله وفرعه.
مونتولون، ص138، جزء1
قوة الرأي العام
الرأي العام قوة عجيبة مهولة لا يمكن التغلب عليها، ومن عجائبها أنها سريعة التحول والتقلب، فهي مع وضوحها تراها غامضة، ومع ثباتها تراها مزعزعة، بيد أنها قوة عادلة عاقلة. لما ارتقيت إلى القنصلية كان أول عمل قمت به نفي خمسين فوضويا، فانقلب الرأي العام حالا معهم، مع أنه كان من قبل ضدهم، فلما أطلق سراح هؤلاء المفسدين واشتغلوا بالدسائس مرة ثانية عاد الرأي العام فانقلب عليهم وعضدني بما كنت أرغب فيه، كذلك حدث من قبل؛ فقد أقبل الرأي العام على من قتلوا الملك والملكة في حوادث الثورة بعد أن كان يبغضهم ويقاومهم.
لا كاس، ص314، جزء 1
الرأي العام
الرأي العام يحفظ حرية الشعوب ويقيها.
بارنجوله، ص44
Bilinmeyen sayfa