عنها، إما لورود بعض الأخبار الضعيفة أو غيرها مما لا يثبت به خلافها، ومن البين أنه مع الشك فيه لا يبقى ظن بذلك الظاهر في المقامات المذكورة مع أنها حجة شرعية، لحجية استصحاب البناء على الظاهر المفروض حتى يتبين خلافه من غير خلاف فيه بين الأصولية والأخبارية كما سيقرر في محله إن شاء الله، إلى غير ذلك مما سيجئ بيانه في المباحث الآتية إن شاء الله تعالى، فيلزم خروج الأحكام المذكورة عن الفقه مع أن كثيرا من مسائله من هذا القبيل.
وقد يورد عليه أيضا بأنه ينافي ما مر من حمل " العلم " على الملكة نظرا إلى ابتناء ما ذكر على كون العلم بمعنى الإدراك، فيحمل على ما يعم الإدراك العلمي والظني، والملكة لا تكون علمية ولا ظنية.
ويدفعه: أنه ليس المراد من العلم مجرد الملكة كما مرت الإشارة إليه، بل إنما يراد بها ملكة الإدراك أو التصديق، فيحمل ذلك الإدراك أو التصديق على ما يعم العلم والظن. نعم إن حمل على الملكة المجردة كما قررناه على فرض حمل الأحكام على التصديقات لم يتجه ذلك، وحينئذ يجري الإيراد والتوجيه المذكوران في الأحكام، فتحمل على ما يعم التصديقات العلمية والظنية.
وقد يورد أيضا بلزوم سبك المجاز من المجاز، إذ يراد أولا من العلم مطلق الرجحان الشامل له وللظن إطلاقا للأخص على الأعم، ثم ينتقل من ذلك إلى إرادة ملكته تنزيلا للقوة القريبة منزلة الفعلية.
ويدفعه: أنه يمكن الانتقال من معناه الحقيقي - أعني الإدراك اليقيني - إلى ملكة الإدراك الأعم من غير حاجة إلى توسط مجاز آخر في الانتقال إليه لمشاركته للعلم في ظهور المدرك من جهته، فإن وضوحه من جهة العلم إنما يكون به، وفي الملكة المذكورة من جهة كونها باعثة على حصول العلم أو الظن الباعث على الانكشاف في الجملة.
وما قد يقال: من أن حمل العلم على المعنى الأعم يوجب إدراج القطعيات في الفقه مع أنها خارجة عنه، ولذا لا يتعلق بها الاجتهاد كما ينطق به حده، حيث
Sayfa 82