يجري الماء بطبعه، وهذا مسح، وليس بغسل، مسح ما يجب غسله غير مجزئ، فلو كان الثلج في إمراره على الأعضاء يذوب عليها، ثم يجري ماؤه عليها- ففي جوازه وجهان لأصحابنا:
أحدهما: يجزئ، لحصول الغسل بجريان الماء على الأعضاء.
والثاني: لا يجزئ، لأنه بعد ملاقاة الأعضاء يصير جاريًا.
هذا كلام الماوردي، وهو جازم بصحة المسح به، وإنما حكى الخلاف في صورة خاصة من صور الأعضاء المغسولة، فانعكس على المصنف.
قوله: فإن قيل: قد روى عبد الله بن مسعود قال: كنت مع النبي ﷺ ليلة الجن، فقال: أمعك ماء؟ فقلت: لا، معي نبيذ، فأخذه فتوضأ به، وقال: «تمرة طيبة وماء طهور».
فجوابه: أنه روي عن ابن عباس أنه أنكر كونه مع النبي ﷺ ليلة الجن ...، إلى آخره.
وما ذكره آخرًا ان ابن عباس قد أنكر، سهوٌ، فإن المنكر هو ابن مسعود نفسه كما ذكره الماوردي وغيره.
قوله: وبهذا الطريق ينبغي أن يكون الاستدلال بما ذكرناه، لا بمفهوم اللقب الذي لم يقل بأنه حجة إلا الدقاق. انتهى.
وما ذكره من أنه لم يقل به غير الدقاق، ليس كذلك، فقد نقله الآمدي عن الحنابلة- أيضًا- وحكاه السهيلي في «نتائج الفكر» عن أبي إسحاق المروزي، والغريب أن المصنف قد نقله في أول التيمم عن بعض أصحابنا. وحكى ابن برهان في «الوجيز» قولًا ثالثًا: أنه حجة في أسماء الأنواع: كالغيم والماء، دون الأعيان: كزيد وعمرو.
قوله: تنبيه: قول الشيخ: على أي صفة كان من أصل الخلقة، أراد به- والله أعلم-: ما خلقه الله تعالى من ملوحة وعذوبة وغير ذلك. انتهى كلامه.
واعلم أن الصفة المذكورة هنا في حد الماء المطلق، وهي الصفة التي خلق عليها الماء- لا يصح تفسيرها بالعذوبة والملوحة ونحوهما كالحرارة والبرودة، لأن بقاء الماء عليها مذكورًا للاشتراط بلا شك، والإلزام: أن يكون كل نازلٍ من المساء أو نابعٍ من الأرض طهورًا من غير شرط آخر، وحينئذ: فيتناول النجس والمتغير والمستعمل، وإذا كان مذكورًا للاشتراط فيلزم من تفسيره بذلك خروج الماء عن الطهورية بطرآن الملوحة- مثلًا- بصب ملح مائي أو ماء مالح ونحوه، لا رجم أن الرافعي في «الشرح الصغير» صرح بأن العذوبة والملوحة والحرارة والبرودة ليست داخلة في
20 / 11