فكيف يتصور منهم القول باستحباب الاقتصار؟!
قوله: وصورة الغسل الذي لا ينتقض معه الوضوء: أن يولج في دبر ذكر أو فرج بهيمة، وكذا لو لف على ذكره خرقة وأولج في فرج امرأة على الصحيح، وبها صوره الشيخ أبو محمد، وعدل عن التصوير بما إذا نظر بشهوة فأنزل، لأن خروج المني عنده يحصل الحدثين كما ذهب إليه القاضي أبو الطيب.
ووجه ذلك بأنه لا يتصور خروج المني وحده، بل تخرج معه رطوبة يتعلق بها وجوب الوضوء، قال الإمام: وفي هذا نظر، فإن المني إذا انفصل طاهرًا، وتلك الرطوبة التي قدرناها ينبغي أن تكون نجسة ثم يجب الحكم بنجاسة المني. قلت: وهذا قاله الإمام، بناء على اعتقاد أن رطوبة باطن الذكر كرطوبة باطن فرج المرأة، وإنا المنع من الحكم بنجاسة رطوبة باطن الذكر: أنها لا تخرج كرطوبة فرج المرأة، وكلام غيره يدل على طهارتها. انتهى.
فيه أمران:
أحدهما: أن القاضي أبا الطيب قد جزم في «تعليقه» بأن المني لا ينقض الوضوء، ذكر ذلك في مسألة من وجب عليه وضوء وغسل.
الأمر الثاني: أن ما أسنده المصنف إلى الشيخ أبي محمد من أن خروج المني ناقض، ومن تعليله بكونه لا يتصور خروجه وحده- ليس كذلك، بل الذي ذكر هذا كله هو الإمام نفسه، ولم يسنده إلى أحد، ثم اعترض عليه بما ذكره المصنف.
20 / 60