الكلام في تأسيس الأصل.
قد عرفت أن القيد يمكن أن يكون راجعا إلى الهيئة ، كما يمكن أن يكون راجعا إلى المادة ، وأن الميزان في تشخيصه لسان الدليل ، فإن علم أنه راجع إلى الهيئة بنحو الشرط المتأخر أو المقارن ، أو علم أنه راجع إلى المادة بنحو يجب تحصيله أو لا يجب تحصيله ، فهو ، وإلا فيقع الكلام في أنه هل يكون أصل أولي في البين يقتضي إرجاعه إلى الهيئة أو إلى المادة أم لا؟
ولا يخفى أن من يقول باستحالة رجوع القيد إلى الهيئة كالشيخ أعلى الله مقامه في مقام الثبوت يكون في سعة من ذلك ، ولا بد له من إرجاعه في مقام الإثبات أيضا إلى المادة ، ولا يتصور له شك ، ولا معنى لنزاعه إلا على سبيل التنزيل ، كما أن من يقول باستحالة الشرط المتأخر والوجوب التعليقي كشيخنا الأستاذ قدسسره لا بد له من إرجاعه إلى الهيئة بنحو الشرط المقارن.
إذا عرفت ذلك ، فنقول : إن القيد تارة يعلم رجوعه إلى الهيئة والشك في أنه على نحو الشرط المقارن أو المتأخر ، وأخرى يعلم رجوعه إلى المادة ولا يتصور الشك في أنه على نحو يجب تحصيله أو لا في هذا القسم ، كما سيجيء ، وثالثة يشك في أصل رجوعه إلى الهيئة أو المادة ، ولا تخلو الصور من هذه الثلاث.
فإن علمنا بوجوب الصلاة عن الطهارة مثلا أو وجوب الصوم عند طلوع الفجر بحيث تكون الطهارة والطلوع قيدين للواجب لا الوجوب ، فلا يعقل الشك ، إذ القيد إما أن يكون اختياريا أو غير اختياري ، فالأول لا ريب في وجوب تحصيله ، كما في المثال الأول ، إذ المفروض أنه دخيل في الواجب
Sayfa 63