289

في الدفعة الأولى أو لا ، فإن كان الأول ، فلا معنى للامتثال ثانيا في الدفعة الثانية ، وإن كان الثاني ، فحيث إن الغرض بعد باق ، فللإتيان دفعة ثانية مجال واسع.

هذا ، ويرد عليه أن الغرض الواجب تحصيله للمأمور ليس هو الغرض الأصيل ، إذ ربما لا يكون تحت اختيار المكلف ، أو يكون المأمور به جزءا لمحصله ، بل هو الغرض المترتب على المأمور به ، فالامتثال علة تامة لحصول الغرض المتعلق بالمأمور به ، وعلى المكلف تحصيل هذا الغرض ، سواء حصل الغرض الأصيل أم لم يحصل.

ومما يوضح ذلك : أن المولى إذا أراد رفع عطشه ، فأمر عبده بالمجيء بالماء ، وجاء به لكن لم يشرب المولى ، فبالضرورة امتثل العبد ، مع أن الغرض الأصيل بعد باق ، ولا يكون تحصيله تحت اختيار العبد ، بل حصوله مترتب على شربه ، فما لم يشرب لم يحصل الغرض ولو جاء بألف كأس من الماء ، فالغرض من المأمور به في المثال هو تمكن المولى من الشرب ومن رفع العطش وسهولته عليه ، لا رفع العطش.

وبعبارة أخرى ومثال أوضح : إذا كان غرض المولى رفع الجوع أو الالتذاذ بالطبيخ ، فأمر أحد عبيده بابتياع الحطب ، والآخر بابتياع الأرز ، والثالث بابتياع الدهن ، والرابع بالطبخ ، فإذا امتثل كل الأمر المتعلق به إلا من امر بالطبخ ، فهل يدعي مدع أن

Sayfa 293