106

سببها كذا ، وحيث إنهم التزموا بأنها أسام للمسببات دون الأسباب صاروا بصدد الجواب عن هذا الإشكال ، فأجابوا بأن مثل ( أحل الله البيع ) (1) و ( تجارة عن تراض ) (2) وإن لا يكون دليلا لإمضاء الأسباب العرفية إلا أنه يكفي لذلك قوله تعالى : ( أوفوا بالعقود ) (3)، فإن العقود ظاهرة في الأسباب لا المسببات ، وبما أنه معنى عرفي ليس من مخترعات الشارع فهو أيضا كأحد العرف يستعمله فيما يستعمله العرف ، فظاهر هذا الكلام أن كل ما كان عقدا عرفا وسببا لإيجاد معاملة من المعاملات عند العرف فهو سبب شرعا ، فقوله تعالى : ( أوفوا بالعقود ) بوحدته واف لإمضاء جميع الأسباب العرفية.

وشيخنا الأستاذ (4) قدسسره أورد على هذا الجواب : بأن العقود في نفسها وإن كانت ظاهرة في الأسباب ، إلا أن مادة الوفاء قرينة على أن المراد منه في الآية هي المسببات ، لأن الوفاء في لغة العرب بمعنى الإنهاء والإتمام ، ومنه الدرهم الوافي ، ومن المعلوم أن السبب غير قابل لإتمامه وإنهائه ، فإنه لفظ أو فعل يوجد وينعدم ، وإنما القابل للإتمام هو التزام البائع بأن هذا المال ل «زيد» مثلا ، فإنه يمكن أن يرفع اليد عن التزامه ، ويمكن أن يبقيه إلى

Sayfa 108