42

أومأ برأسه موافقا، قلت له وأنا أخفض من نبرة صوتي: «أنت تزداد استرخاء، وعقلك يصفو أكثر فأكثر.»

مرت بضع دقائق أخرى، فقلت له بصوت هادئ: «ماذا تذكر عن يوم الخميس 17 يونيو عام 2004م؟»

قال بصوت عميق كأنه في بئر: «لا أذكر شيئا.»

عشر دقائق صمت. - «لا شيء يشغل ذهنك الآن، ارجع بذاكرتك للعام 2004م، أين كنت؟»

لم يرد، وساد الصمت لمدة طالت - حوالي ربع ساعة - إلا من صوت تنفسه المنتظم، سألته مجددا: «أين كنت في العام 2004؟» - «في القرية.» قالها بهدوء. - «أين كنت في شهر يونيو من العام نفسه؟»

ساد الصمت مجددا. مرت حوالي ربع ساعة، أعيد عليه السؤال بدون رد من جانبه. - «أين كنت في شهر يونيو عام 2004؟» - «...» - «أين كنت في شهر يونيو عام 2004؟» - «...» «أين كنت في شهر يونيو عام 2004؟»

لاحظت أن زاوية فمه ترتعش، لم تكن ارتعاشة واضحة، ولكنها تختلج باضطرابات خفيفة. بينما راح يحرك أصبعي السبابة والإبهام بحركات عشوائية قصيرة سريعة ، كأنه يقوم بالتسبيح. قال: «في القرية.» - «ماذا كنت تفعل؟»

أصبعا يده يزدادان ارتعاشا على نحو ملحوظ الآن. - «كنت في المدرسة.» - «ماذا تذكر عن المدرسة؟»

توقفت أصابعه عن الارتعاش، ولاح شبح ابتسامة باهت تلاعب على شفتيه قبل أن يختفي بسرعة، قال: «سليمان.» - «أنت تزداد استرخاء، وذهنك صاف جدا.» - «من هو سليمان؟» - «صديقي.» قالها في اقتضاب وحدة. - «أين كان سليمان يوم الخميس 17 يونيو؟» - «كان معي في المدرسة.» - «وأين ذهب؟»

لم يرد، وطال الصمت، رحت أنظر لساعتي، بعد مرور خمس دقائق، سألته: «أين كنت بعد المدرسة يوم الخميس 17 يونيو؟»

Bilinmeyen sayfa