ورد «إبراهيم»: «الموضوع ولادة فعلا.»
ثم غمز ل «عمار» بعينه، وقال وهو يلكزه بمرفقه مغيرا مجرى الحديث: «الطالبات الجدد! أعرفهن من ملابسهن الزاهية الجديدة، دماء جديدة تحقن في شريان الكلية، وفرص جديدة للذئاب المخضرمين من الطلاب القدامى.»
قال «عمار» مبتسما: «تقصد بالذئاب القدامى أنت طبعا.»
قال مقهقها: «فقط أمنحهم ما يريدون.» - «ماذا تقصد؟» تساءل «عمار». - «ألا ترى تلك الوجوه المرسومة بعناية، وأطنان المكياج تلك. لم تبذل الواحدة منهن كل هذا الجهد كل يوم حتى لا تنظر إليها، سيكون هذا نوعا من عدم العرفان وقلة الذوق؟!»
قال «عمار» ضاحكا: «منذ متى كان غض بصرك عن الفتيات نوعا من قلة الذوق».
قال «إبراهيم» في حماس: «بل هو الواقع. عندما تنظر لها فأنت تسديها جميلا، نوعا من الإقرار بجهدها. عيناك ستقول لها أنت جميلة ولافتة للنظر، ولا بأس ببعض عبارات الغزل العابر. لن تشعر أن كل هذا الجهد في التزين كان بلا داع، ستمنحها الدعم النفسي الذي تحتاجه.» - «أرجو أن تعفيني من فلسفتك الغريبة تلك.» - «ليست فلسفة غريبة. انظر إلى تلك المؤخرات المنتفخة والصدور الثائرة، وكأنهن خرجن بذات المواصفات من خط إنتاج مصنع ما، هل تظنها مصادفة؟»
نظر له «عمار» متسائلا دون أن يجيب، فأضاف بذات الخبث: «كل هذا من أجلي ومن أجلك يا صديقي المثالي . هذا العرض المجاني هو الفخ الذي يقمن بنصبه بصبر لذلك الأحمق الذي ينظر. يعجبك ما ترى ثم تبدأ في التقرب منها والتعارف؛ طمعا في الحصول على بعض هذا الشيء. ثم «بوووم»، تجد خاتما في يدك وصالة تمتلئ بالمهنئين، بينما تبتسم ببلاهة لمصور الزفاف.
وقبل أن تدرك ما هنالك تجد نفسك بين سبعة أطفال عراة يسيل المخاط من أنوفهم، وتراقب في هلع الآنسة الهيفاء الرقيقة ذات الصدر الناهد الذي سال له لعابك من قبل، والعقل المثقف الجميل الذي كان يناقشك في أشعار نزار قباني وروايات إحسان عبد القدوس وفلسفة ابن رشد وإميل سيوران، وقد تحولت إلى ذلك الكائن الأسطوري الضخم الذي يشخر بجانبك الآن في السرير، كائن شحمي مترهل قادم من أسوأ كوابيسك، لا هم له سوى فرك البامية ومتابعة الدراما التركية، والجلوس في وضع الصليب وربط أكياس البلاستيك حول الحناء حتى تسود جيدا.
وستلومك على كل شيء. ستلومك لحماقتك عند اختيارك الدائم للطماطم التالفة، واللبن المغشوش، واللحم السيئ. ستلومك على حظها التعس الذي أوقعها معك برغم صفوف الأطباء والمهندسين ورواد الفضاء الذين كانوا يصطفون أمام بيتها لطلب يدها، لا بد أن «السارة» جارتهم الشمطاء التي كانت تكيد لها عند «فكي أبكر» كانت شريكتك، أو كنت شريكها في مؤامرة إتعاسها. ستلومك على قطوعات الكهرباء، وفيضانات الخريف، وثقب الأوزون، وندرة قردة البونوبو في غابات الكونغو الاستوائية.
ستدرك بعد فوات الأوان أن معشوقتك «مخطوطة المتنين غير مفاضة، ريا الروادف بضة المتجرد» قد تبخرت مع أحلامك للأبد، وأنك قد تعرضت لخدعة محكمة. إن كيدهن عظيم، كما قال النبي (
Bilinmeyen sayfa