فصاحب الحق له اليد العليا بحكم أصالة قضيته وإيمانه بها، وهو عين ما نطق به العظيم «محجوب شريف» ذات يوم:
مساجينك مساجينك، نغرد في زنازينك
نغني ونحن في أسرك، وترجف وأنت في قصرك
فإنك إن قضيت على خوفك انتصرت على السجان. وما أهازيج نصرنا إلا دماؤنا المسفوحة على قارعة الطرقات.»
يقف أمام كبير الجلادين في تحد ووجه بارد خال من أي تعبير، ولما لم يرد انهال عليه أحد الجلادين بالخرطوش، وهو يصيح بغلظة: «رد على السؤال.»
رأيت «عمار» يمسك الخرطوش بيده، قبل أن يصل إلى جسده، وهو يرمق الجلاد بنظرة نارية، لم أستطع رؤية نظرته جيدا، لكنني عرفت أنها أخافت الجلاد حقا، ارتج جسده، وتراجع خطوة للخلف، وعيناه متسعتان كأنه تلقى صفعة.
ثم «يا ابن الشرموطة.»
وتكالبوا عليه صفعا وركلا، حتى سقط أرضا.
قال «سعادتك» وهو يوجه حديثه لبقيتنا متجاهلا ما يحدث: «ما بنقبل إنو أي صعلوك عاطل محرشنو الشيوعيين، يحاول يلعب في أمن واستقرار البلد دي، ويفرض أجندته علينا بالفوضى، ده خط أحمر.»
ثم جمع المسبحة بكلتا يديه ومسح على وجهه، وأشار إليهم بأن يضعونا في الزنازين، ما عدا «عمار» الذي سيوضع في زنزانة انفرادية «عشان يتروق» بحسب تعبيره.
Bilinmeyen sayfa