وبداية العصر الجديد؛ أي حكم أسرة تيودور وما يرمز له الملك هنري الثامن من الوعد بحكم الملكة إليزابيث، وقد عاش شيكسبير معظم سني حياته في ظل هذا الحكم. ويرجع خطأ النقاد الذين يعيبون على النص افتقاره إلى مزايا التراجيديا الشيكسبيرية المألوفة (في «هاملت» مثلا أو في «ماكبث») هو أنهم كانوا يريدون بطلا تراجيديا أوحد، يتعاطفون معه أو يدينونه؛ أي حدثا دراميا محددا تلتقي فيه نوازع الشخصيات وينتهي إلى ذروة تقليدية (كلاسيكية)، بدلا من رؤية ما يرمي إليه الكاتب من خلال ما كتبه؛ أي من خلال ما يبادر أن النص يريد أن يقوله.
والمدخل الصحيح في رأيي هو مدخل فوكس
Foakes
الذي لا يربط المسرحية بالمسرحيات التاريخية أو التراجيديات التي سبقتها بل بالمسرحيات الرومانسية؛ إذ إن المعنى الدرامي في هذه المسرحيات لا ينبع من عمق تحليل شخصية معينة، بل من البناء العام للمسرحية والقرى المحركة لها، والبناء هنا في رأيه يعتمد على المحاكمات الأربع - لدوق بكنجهام، وكاثرين، وولزي، وكرانمر - وهي محاكمات تمثل مراحل متعاقبة على طريق «الوعي» العام، أو الرؤية العامة لذلك العصر، والتي تؤدي إلى ثبات النظام الذي أوجد إنجلترا الحديثة. وسلسلة التوازيات والتناقضات الثنائية سلسلة محكمة يستعيض بها شيكسبير عن الأحداث الفردية التي يقوم بها أبطال تراجيديون كلاسيكيون، والبناء هنا إذن هو البطل، مثلما كان البناء هو البطل في «روميو وجوليت» ثم في «حلم ليلة صيف»، فهو بناء يعتمد على التقابلات والتعارضات ثم ينتهي بالتوافق. ويسهب فوكس في تحليل هذه المحاكمات، والحديث عن دور أبناء الشعب في المسرحية، من خلال شخصيات السادة
gentlemen
والجمهور غير المثقف، وكذلك دور المناظر والحفلات التي تنهض بأدوار طقسية لا غنى عنها في هذا اللون من المسرح.
وقد أكد هذا الاتجاه الحديث أولا هاورد فيلبرين
Felperin
في كتابه عن رومانسيات شيكسبير عام 1972م، ثم عاد ألكسندر ليجات
Leggatt
Bilinmeyen sayfa