Hegel: Çok Kısa Bir Giriş
هيجل: مقدمة قصيرة جدا
Türler
في مقدمة كتابه «فينومينولوجيا العقل»، يشرح هيجل السبب وراء إيمانه بأن من الضروري إجراء هذا النوع من الدراسة؛ فيبدأ بمشكلة المعرفة، حيث يقول هيجل إن الهدف من الفلسفة هو «المعرفة الحقيقية لواقع الأمور»، أو كما يصفه هو على نحو غامض بعض الشيء ب «المطلق». ومع ذلك، أليس من الأفضل قبل أن نشرع في التعليق على «واقع الأمور»، أن نتوقف قليلا لنفكر في المعرفة ذاتها؛ أي كيف نصل إلى معرفة الواقع؟ خلال مساعينا لاكتساب المعرفة، نحاول إدراك الواقع؛ ولذلك فالمعرفة - كما يقول هيجل - كثيرا ما يتم تشبيهها بأداة ندرك من خلالها الحقيقة. فإذا كانت أداتنا معيبة، فقد ينتهي بنا الحال ونحن لا نملك سوى الخطأ.
لذا نبدأ بدراسة المعرفة؛ وعلى الفور نجد أننا محاصرون بمخاوف تشككية. إذا كانت محاولة التعرف على الواقع مثلها مثل استخدام نوع ما من الأدوات لإدراك الواقع، فألا يوجد خطر في أن استخدام أداتنا مع الواقع قد يغيره، ونتيجة لذلك ندرك شيئا مختلفا كثيرا عن الواقع الخالص؟ (قارن ذلك بالطريقة التي يجد بها الفيزيائيون المعاصرون أنه من المستحيل تحديد سرعة الجسيمات دون الذرية وموقعها؛ نظرا لأنه مهما كانت الأداة التي سيستخدمونها لمشاهدتها، فإنها ستتداخل معها أيضا.) يقول هيجل إننا حتى وإن تخلينا عن استعارة «الأداة»، واعتبرنا المعرفة وسيلة أكثر سلبية نشاهد من خلالها الواقع، فإننا نظل نشاهد «الواقع من خلال الوسيلة»، لا الواقع ذاته.
إذا كانت الأداة أو الوسيلة التي ننظر من خلالها لها أثر مشوه، فإن إحدى طرق التعرف على الوضع الحقيقي للأمور هو اكتشاف طبيعة التشوه واستبعاد الاختلاف الذي تسببه. فعلى سبيل المثال، إذا نظرت إلى عصا نصفها في الماء والنصف الآخر خارجها، فسيبدو الجزء الذي في الماء منثنيا. فهل العصا منثنية حقا؟ يمكنني حساب هذا إذا كنت أعرف قانون الانكسار؛ ومن ثم حساب الاختلاف الذي يحدثه النظر إليها عبر المياه. وباستبعاد هذا الاختلاف، سوف أكتشف حقيقة شكل العصا. هل يمكننا أن نقوم بالمثل مع التأثير المشوه لأداة أو وسيلة المعرفة؛ ومن ثم يمكننا معرفة الواقع كما هو؟
لا، يقول هيجل، هذا الهروب من لغزنا ليس متاحا لنا؛ فالمعرفة ليست كالمشاهدة. ففي حال المعرفة، ما الشيء الذي سيتم استبعاده؟ سيكون الأمر أشبه ليس باستبعاد الاختلاف الذي تسببه المياه للشعاع الضوئي، وإنما استبعاد الشعاع الضوئي نفسه. فبدون المعرفة لم نكن لنعرف العصا قط. وهكذا يتركنا استبعاد فعل المعرفة دون أي معرفة.
إذن فأداتنا لا يمكنها أن تضمن لنا تقديم صورة لواقع خالص، ولا يمكننا أن نقترب من الواقع بتقدير حجم التشويش الذي تسببه أداتنا. أينبغي لنا إذن أن نعتنق الموقف التشككي القائل بأنه لا يوجد أي شيء يمكننا معرفته في الواقع؟ لكن مثل هذا التشكك - يقول هيجل - يدحض نفسه بنفسه. إذا كنا سنشكك في كل شيء، فلماذا لا نشكك في الادعاء بأننا لا يمكننا معرفة شيء؟ علاوة على ذلك، الحجة التشككية التي كنا نتناولها لديها افتراضاتها المسبقة، التي تزعم معرفتها؛ فهي تبدأ بفكرة أن هناك هذا الشيء الذي يسمى الواقع، وأن المعرفة هي نوع من الأداة أو الوسيلة التي ندرك الواقع من خلالها. وبهذا، افترضت مسبقا وجود تمييز بيننا وبين الواقع، أو المطلق. لكن أسوأ من ذلك هو أنها تسلم جدلا بأن معرفتنا والواقع مقطوعان أحدهما عن الآخر، لكن في الوقت ذاته لا تزال تتعامل مع معرفتنا بوصفها شيئا واقعيا؛ أي: جزءا من الواقع. إذن فالتشكك لن يقوم بأي منهما.
أسس هيجل بدقة وجهة نظر محددة عن المعرفة، ثم برهن أنها تؤدي إلى حفرة لا يمكننا أن نهرب منها، ولا أن نبقى فيها. يقول هيجل الآن إنه يجب علينا أن نهجر جميع هذه «الأفكار والتعبيرات عديمة الجدوى» حول المعرفة بوصفها أداة أو وسيلة؛ حيث إنها جميعا تفصل المعرفة عن الواقع في حقيقته.
طوال هذه المناقشة لا يوجد ذكر لأي فيلسوف تبنى وجهة نظر بشأن المعرفة تماثل وجهة النظر التي يقول هيجل الآن إنه يجب علينا رفضها. إلى حد ما، ينتقد هيجل افتراضات شائعة لدى فلاسفة المذهب التجريبي مثل لوك وباركلي وهيوم وكثير غيرهم. ومع ذلك، يبدو أنه قد كان من الواضح لجميع قرائه أن هدفه الرئيسي هو كانط. فكانط كان يحاول أن يبرهن أنه لا يمكننا أبدا أن نرى الواقع في حقيقته؛ لأننا لا يمكننا سوى إدراك خبراتنا في إطار المكان والزمان والسببية. والمكان والزمان والسببية ليست جزءا من الواقع، لكنها الأشكال الضرورية لإدراكه. وعليه لا يمكننا أبدا أن نعرف الأشياء على حقيقتها بعيدا عن معرفتنا.
وفي أحد أعماله الأخرى، كتاب «المنطق الصغير»، يحدد هيجل اسم خصمه ويشن هجوما مماثلا ضده (كما لو أنه يعرض خصوبته الفكرية، يوضح وجهة نظره بحجة مختلفة قليلا). إن تلك الفقرة تستحق الاقتباس؛ لأنها تنتهي بتشبيه يقترح الطريق الذي يجب أن نسير فيه:
يقول كانط إنه علينا أن نصبح على دراية بالأداة قبل أن نشرع في العمل الذي سنستخدمها فيه؛ لأنه إذا كانت الأداة لا تفي بالغرض، فستذهب كل معاناتنا أدراج الرياح ... لكن استقصاء المعرفة لا يمكن أن يتم إلا من خلال فعل خاص بالمعرفة. إن استقصاء هذا الشيء المسمى أداة هو نفس الشيء كمعرفته. لكن التماس المعرفة قبل أن نعرف هو عبثية مماثلة لعبثية القرار الحكيم الذي اتخذه سكولاستيكس بعدم المغامرة بالنزول في المياه حتى يتعلم السباحة.
إن الدرس المستفاد من حماقة سكولاستيكس واضح؛ فلكي نتعلم السباحة يجب أن نقفز بجرأة في جدول المياه؛ ولاكتساب المعرفة بالواقع، يجب أن نقفز بجرأة في جدول الوعي الذي هو نقطة الانطلاق لكل ما نعرفه. إن المدخل الوحيد الممكن إلى المعرفة هو استقصاء الوعي من الداخل على النحو الذي تبدو عليه لذاتها؛ أي فينومينولوجيا العقل. لن نبدأ بشكوك معقدة، بل بشكل بسيط من الوعي يرى في نفسه معرفة حقيقية. ومع ذلك، سيثبت هذا الشكل البسيط من الوعي أنه دون المعرفة الحقيقية، وعليه سيتطور إلى شكل آخر من أشكال الوعي، الذي سيثبت بدوره أيضا أنه غير كفء أو ملائم وسيتطور إلى شيء آخر، وهكذا ستستمر العملية حتى نصل إلى المعرفة الحقيقية.
Bilinmeyen sayfa