Hegel: Çok Kısa Bir Giriş
هيجل: مقدمة قصيرة جدا
Türler
إن المدن القديمة غير المخططة تشبه المجتمعات القديمة التي نشأت على أساس التقاليد، ويشبه مخططو المدن الأوائل الثوار الفرنسيين في حماستهم لفرض العقلانية على الواقعية، بينما يمثل الجيل الثاني من مخططي المدن أتباع هيجل الحقيقيين، الذين أصبحوا أكثر حكمة لتعلمهم من الماضي وأصبحوا مستعدين للعثور على العقلانية في عالم يعد ناتجا للتكيف العملي أكثر من التخطيط المدروس.
يمكننا الآن رؤية سبب امتثال المواطنين الأحرار في العصر الحديث للمجتمع الذي - للوهلة الأولى - لا يختلف بدرجة كبيرة عن مجتمعات العالم القديم القائمة على التقاليد. يدرك هؤلاء المواطنون الأحرار المبادئ العقلانية التي يقوم عليها مجتمعهم؛ لذلك يختارون الالتزام بها بحرية.
هناك بالطبع بعض الاختلافات بين المجتمع العقلاني الحديث ومجتمعات اليونان القديمة. فنظرا لأن العصر الحديث يعلم أن جميع البشر أحرار، فقد تم إلغاء العبودية. يؤمن هيجل أنه بدون العبودية لا يستطيع الشكل الديمقراطي المستنزف للوقت المتبع في أثينا أن ينجح. أيضا لا يؤمن هيجل بالديمقراطية النيابية التي تتضمن الانتخاب العام، ويرجع ذلك من جهة إلى اعتقاده بأن الأفراد لا يمكن تمثيلهم (يقول إن «المجالات المحورية في المجتمع ومصالحها العامة» هي فقط التي يمكن تمثيلها). ومن جهة أخرى لأنه في الانتخاب العام يكون لكل صوت فردي أهمية قليلة؛ مما ينتج عنه لامبالاة واسعة الانتشار، وتصبح السلطة في يد مجمع حزبي صغير ذي مصالح خاصة.
شكل : مجتمع مخطط.
يقول هيجل إن المجتمع العقلاني هو عبارة عن ملكية دستورية. فالملكية مطلوبة لضرورة وجود سلطة القرار النهائي في مكان ما في منظومة الحكم، وفي المجتمع الحر ينبغي التعبير عن هذه السلطة بواسطة القرار الحر لشخص ما (قارن بالمجتمعات اليونانية التي كثيرا ما كانت تلجأ إلى استشارة وسيط روحي - قوة خارج المجتمع - لإرشادهم إلى القرار النهائي في المسائل العسيرة). من ناحية أخرى، يقول هيجل إنه في حال كان الدستور مستقرا، كثيرا ما لا يتبقى للملك سوى التوقيع باسمه. وهكذا يكون تكوينه الشخصي غير مهم، وسلطته غير مطلقة مثل الحاكم المطلق الشرقي. أما العناصر الأخرى للحكم في الملكية الدستورية، فهي السلطة التنفيذية والسلطة التشريعية. تتكون السلطة التنفيذية من الموظفين العموميين. والمعيار الموضوعي الوحيد لتقلد تلك الوظائف هو الكفاءة، لكن عندما يكون هناك العديد من المرشحين المؤهلين للوظيفة، وقدراتهم النسبية لا يمكن تحديدها بدقة، يتم إدخال شرط ذاتي، ويكون تحديده هو مهمة الملك. لذلك يحتفظ الملك بحق تعيين أعضاء السلطة التنفيذية، أما السلطة التشريعية - اتساقا مع أفكار هيجل بشأن التمثيل النيابي - فتتضمن مجلسين تشريعيين، يتكون الأعلى منهما من طبقة الأعيان، أما الأدنى فيتكون من الطبقة العاملة. ومع ذلك، يتم تمثيل أصحاب «المصالح العامة»، مثل المجالس والنقابات المهنية، في المجلس التشريعي الأدنى، وليس المواطنين كأفراد.
شكل : مجتمع غير مخطط.
تناولت سريعا هذه التفاصيل المتعلقة برؤية هيجل بشأن المجتمع العقلاني؛ لأن من وجهة نظر القارئ الذي يعيش في القرن الحادي والعشرين قد تبدو تفضيلات هيجل غريبة، وقد ظهر كثيرا - وإن لم يكن دائما - عبر التجارب اللاحقة أن براهينه عليها خاطئة. وفيما يتعلق بمفهوم هيجل عن الحرية، فإن التنظيم المؤسسي الذي يفضله ليس مهما. فينبغي أن يتضح الآن أن هيجل لا يتحدث عن الحرية بالمعنى السياسي حيث تكون السيادة للشعب العامل الأساسي للمجتمع الحر، بل هو مهتم بالحرية بمعنى أعمق وأكثر تجريدا. هيجل يرى الحرية بمعنى أننا أحرار عندما نكون قادرين على الاختيار دون إجبار من أشخاص آخرين أو رغباتنا الطبيعية أو الظروف الاجتماعية. كما رأينا، يؤمن هيجل بأن مثل هذه الحرية يمكن أن تتحقق فقط عندما نختار بعقلانية، ونحن نختار على نحو عقلاني فقط عندما نختار وفقا للمبادئ الكونية. وإذا كانت هذه الاختيارات قادرة على تحقيق الإشباع الذي نستحقه، فيجب تجسيد المبادئ الكونية في مجتمع عضوي منظم على أسس عقلانية. في مثل هذا المجتمع، تتناغم مصالح الفرد ومصالح المجتمع ككل. فعند اختيار القيام بواجبي، فأنا أختار بحرية لأنني أختار بعقلانية، وأحقق إنجازي الخاص في خدمة الشكل الموضوعي لما هو كوني؛ أي الدولة. علاوة على ذلك - وهنا نجد علاج الخلل الثاني الرئيسي في نظرية كانط عن الأخلاق - ونظرا لأن القانون الكوني يتجسد في المؤسسات المادية للدولة، فقد توقف عن كونه مجردا وفارغا. فهو يصف لي الواجبات المحددة لمكاني ودوري في المجتمع.
يمكننا أن نرفض تماما وصف هيجل للمجتمع المنظم بعقلانية، ولن يؤثر رفضنا هذا على صحة مفهومه عن الحرية. كان هيجل يسعى لوصف مجتمع تكون فيه مصالح الفرد ومصالح المجتمع ككل متناغمة، وإن كان قد فشل في ذلك، فيمكن لآخرين أن يواصلوا البحث. وإن لم ينجح أحد في هذه المهمة، وإن قبلنا أنه لن ينجح أحد أبدا في ذلك، فيجب علينا أن نقر بأن الحرية - بالمعنى الذي يقصده هيجل - لا يمكن أن تتحقق. وحتى هذا لن يبطل زعم هيجل بأنه وصف الشكل الحقيقي الأوحد للحرية، ويمكن أن يظل هذا الشكل من الحرية نموذجا مثاليا.
هل هيجل ليبرالي أم محافظ أم شمولي؟
بدأنا هذا الفصل بلغز؛ كيف أمكن لهيجل، الذي يؤكد على أهمية الحرية لدرجة أنه جعل منها غاية التاريخ، القول بأن الحرية قد تحققت في المجتمع الألماني الاستبدادي في عصره؟ أكان متملقا ذليلا أراد أن يتقرب لحكامه عن طريق تحريف معنى المصطلح إلى المعنى المضاد له تماما؟ وأسوأ من ذلك، أكان هو الأب الروحي الفكري لنوع الدولة الشمولية التي ظهرت في ألمانيا بعد مائة عام من موته؟
Bilinmeyen sayfa