وها هو قد حدث أخيرا. كنت أعبر طريقا مزدحما حيث لا يمكنك حتى أن تبطئ من خطاك، كنا نسير في اتجاهين معاكسين. وقد كانت النتيجة، في نفس اللحظة، صدمة قوية ارتسمت على وجهينا اللذين حفر الزمان آثاره عليهما بشدة.
رفع صوته قائلا: «كيف حالك؟» فأجبته: «بخير.» ثم أضفت قائلة: «وسعادة.»
في تلك اللحظة كان ذلك صحيحا بوجه عام فقط؛ فقد أنهيت لتوي شجارا مع زوجي بسبب سدادنا دينا تراكم على واحد من أبنائه، وقد ذهبت فيما بعد ظهيرة ذلك اليوم إلى عرض في أحد المعارض الفنية حتى أكون في حالة مزاجية أفضل.
رفع صوته مرة أخرى قائلا: «عظيم.»
ما زال يبدو وكأن بمقدورنا أن نشق طريقنا خارج ذلك الزحام ونكون معا في غضون لحظة، لكن من المؤكد أن كلا منا كان سيستأنف السير في الطريق الذي كان ذاهبا إليه، وهكذا فعلنا. ليس ثمة بكاء لاهث، ولا يد أشعر بها على كتفي عندما وصلت إلى الرصيف؛ لم يكن هناك سوى ذلك البريق الذي رأيته للحظة عندما اتسعت حدقة إحدى عينيه، وقد كانت عينه اليسرى، دائما هي العين اليسرى، حسبما أتذكر. كانت تبدو دائما غريبة جدا، يقظة وتشي بالتساؤل، كما لو أن شيئا مستحيلا خطر بباله؛ شيئا جعله على وشك الضحك.
أما أنا، فقد كنت أحمل شعورا يماثل شعوري عندما غادرت أمندسون والقطار يحملني، وهو الشعور بالذهول وعدم التصديق التام.
حقا لم يتغير شيء بشأن الحب.
الرحيل عن مافرلي
في الأيام التي كانت فيها دار لعرض الأفلام في كل بلدة، كانت واحدة في تلك البلدة أيضا، بلدة مافرلي، وقد أطلق عليها «كابيتل»، كما هو المعتاد في تسمية هذه الدور في تلك الفترة. وكان مورجان هولي هو المالك والمسئول عن عرض الأفلام، وكان لا يحب التعامل مع الجمهور - فقد كان يفضل الجلوس في مكتبه الصغير بالأعلى حيث يتولى عملية عرض الأفلام على الشاشة - لذا فمن الطبيعي أن يصيبه الضيق عندما أخبرته الفتاة عاملة التذاكر أنها مضطرة إلى ترك العمل لأنها تنتظر مولودا. ربما توقع ذلك - فالفتاة متزوجة منذ ستة أشهر، وكان من المفترض في هذه الأيام أن تختفي المرأة عن أعين الناس قبل أن يبدأ بطنها في الظهور - لكنه كان يبغض بشدة التغيير وفكرة أن تكون للأفراد حياة خاصة، لدرجة جعلته يتفاجأ بشدة بالأمر.
لكن لحسن الحظ أنها أتت بفتاة يمكن أن تحل محلها، وكانت تلك الفتاة تقطن في شارعها، وقد أخبرتها أنها ترغب في أن تحصل على وظيفة مسائية؛ إذ لم يكن باستطاعتها العمل في الصباح لأنه يجب عليها أن تساعد أمها في العناية بإخوتها الصغار. كانت تتسم بالذكاء بدرجة تجعلها تنجح في ذلك بالرغم من خجلها.
Bilinmeyen sayfa