Hayat Şark
حياة الشرق: دوله وشعوبه وماضيه وحاضره
Türler
وقد هدموها حتى لا يبقى لهم معارض ولا منازع في استعمارها، لأن كل دولة عربية عزيزة الجانب على جوانب الأوقيانوس الهندي هي قذى في أعينهم وخطر على الهند في نظرهم.
البحرين
ولا يقل تاريخ الإنجليز في البحرين والمحمرة والكويت غرابة واغتيالا عما رأيناه في عمان، فقد تدخلوا في شئون البحرين في سنة 1867 بسبب وقعة دامسة، وكان حاكم البحرين الشيخ محمد بن خليفة وكان رجلا أبله فقد تقرب إليه الإنجليز بواسطة وكيلهم السياسي الذي جاءه من أبي شهر يخطب وده ويدعوه لعقد معاهدة تضمن له سلامة بلاده ومساعدة بريطانيا، ومن شروط المعاهدة أن يتنازل عن حقوقه في تجهيز الجنود البحرية والسفن الحربية وإنجلترا ترد عنه كل غارة. فلما وقعت موقعة دامسة وسافر الشيخ محمد إلى قطر ليطفئ الفتنة انتهز الوكيل السياسي الإنجليزي هذه الفرصة وأمر بإطلاق مدافع البارجة على القلعة بالمنامة حتى هدمها، وطلب الوكيل من علي أخ محمد أن يتولى الإمارة ففرح علي بذلك وخان أخاه، ولكن محمدا تربص به حتى تمكن من محاربته وقتله، ومات محمد بن خليفة في 1307 منفيا أو مهاجرا في مكة، وتولى الشيخ عيسى وقد أحسن الظن بالإنجليز خمسا وخمسين سنة فأذلوه وامتهنوه وانتهكوا حرمة ملكه المرة بعد المرة، وذلك ثمن إخلاصه لهم بعد الذي رآه من فعلهم بعمه محمد بن خليفة وموافقته على المعاهدة السابقة بينهم وبين عمه التي قضت على أسطول البحرين ووكل الدفاع عن البلاد إلى بريطانيا.
وكان الشيخ عيسى يخلص للإنجليز ويخون سواهم، فقد فاوضه مدحت باشا في معاهدة الدولة العثمانية فأبى وسلم خطابه إلى الإنجليز، وخابره الألمان في المعاهدة فأبى وأعطى مكاتبتهم للإنجليز، فبماذا كافأه الإنجليز؟ شددوا عليه الخناق في سنة 1311 وسلبوا منه امتيازات قضائية لرعاياهم، وفي سنة 1903 أنزل سير برسي كوكس (بعد ذلك بعشرين عاما المندوب السامي في العراق) جنودا إنجليزية إلى البر وطلب إحراق بقية أسطول البحرين، ونفى أحد الأمراء إلى الهند خمس سنين، واختصت الوكالة الإنجليزية بالفصل في دعاوى الأجانب كلهم، وفي سنة 1923 عزل الإنجليز الشيخ عيسى وولي ابنه الشيخ أحمد مكانه.
هذه قصة البحرين من حكومة مستقلة ذات أسطول حربي إلى حكومة بغير أسطول، إلى حكومة يراقبها وكيل سياسي إنجليزي، إلى حكومة تشارك في إدارة شئونها الداخلية والخارجية حكومة إنجلترا، إلى حكومة تعزل إنجلترا أميرها وتولي سواه والأمة جامدة لا تحرك ساكنا، حتى حق الهجرة تأباه إنجلترا على بعض أهل البحرين الذين يأبون الضيم والمذلة.
فإنه بعد عزل الشيخ عيسى خشي أهل البحرين على قوميتهم ودينهم فكتبوا يريدون الهجرة:
إذا حالت القوة النارية بيننا وبين الاحتفاظ بشريعتنا الإسلامية وكرامتنا القومية غادرنا الوطن.
وقد باشرت بعض العشائر الهجرة فعلا.
فأجابهم الوكيل الإنجليزي:
إن دولة بريطانيا تساعد الشيخ حمد (خليفة عيسى) في كل عمل معقول يجريه لمنعكم من الهجرة، فإذا أقدم أحد على الهجرة عوقب بمصادرة أمواله، وإسقاط ديونه على الأهالي، ومنع سفنه من الغوص.
Bilinmeyen sayfa