أوقف السيارة خلف محل الألبان تحت أشجار الكستناء ذات الأوراق الصغيرة الخضراء المصفرة. هنا؟ «أتدخلين إلى غرفة فيرن؟ أيمكنك أن تدخلي إلى غرفتها عندما لا يكون هناك أحد في المنزل؟»
بدأت أتخلى عن فكرة الاغتصاب تدريجيا. «يمكنك أن تدخلي حجرتها وتتقصي شيئا ما لأجلي، شيئا يهمني، ماذا تظنين أن يكون، هه؟ ما الشيء الذي تظنين أن يهمني؟» «ماذا؟»
قال السيد تشامبرلين وقد انخفضت نبرة صوته فجأة وأصبحت واقعية تشوبها الكآبة بسبب حقيقة يراها ولا أراها: «خطابات، ابحثي عن خطابات قديمة، قد تكون في أدراجها، قد تكون في خزانتها، غالبا ستكون محتفظة بها في صندوق قديم ما، مربوطة في رزمة، هذا ما يفعله النساء.» «خطابات ممن؟» «مني، ماذا تظنين؟ ليس عليك أن تقرئيها، فقط انظري إلى التوقيع. خطابات مكتوبة منذ زمن قد تعرفينه من حالة الورق. لا أدري، ستكون لا تزال مقروءة لأنها كتبت بقلم حبر. انظري سأعطيك عينة من خطي، وهذا سيساعدك.» التقط مظروفا من درج القفازات وكتب عليه: «ديل فتاة شقية.»
دسسته في كتاب اللغة اللاتينية. «لا تدعي فيرن ترى هذا لأنها ستتعرف خطي على الفور، ولا تدعي أمك تراه كذلك فقد تستغرب ما كتبت، ستكون مفاجأة لها، أليس كذلك؟»
أوصلني إلى المنزل. أردت أن أنزل عند زاوية شارع ريفر لكنه رفض هذا قائلا: «سيبدو هذا كما لو كنا نخفي شيئا. والآن كيف ستعلمينني بما جرى؟ ما رأيك مساء يوم الأحد عندما أحضر على العشاء، سأسألك هل أنهيت واجباتك المدرسية، فإذا كنت قد وجدتها فقولي نعم، وإذا كنت قد بحثت ولم تجديها فقولي لا، وإذا كنت لسبب ما لم تسنح لك فرصة كي تبحثي عنها، فقولي إنك نسيت إن كان لديك واجبات.»
جعلني أكرر: ««نعم» تعني وجدتها، «لا» تعني لم أجدها، «نسيت» تعني أنني لم أجد فرصة لأبحث.» شعرت بالإهانة من ذلك التدريب؛ فقد كنت مشهورة بذاكرتي القوية.
قال لي: «حسنا، في صحتك.» وعلى مستوى من الانخفاض يصعب على أي شخص ينظر إلى السيارة أن يراه، ضربني بقبضته على رجلي بقوة آلمتني. سحبت نفسي وكتبي إلى خارج السيارة، وبمجرد أن انفردت بنفسي - وكنت لا أزال أشعر بوخز في فخذي - أخرجت المظروف وقرأت ما كتبه عليه: «ديل فتاة شقية.» لقد افترض السيد تشامبرلين دون أدنى جهد على الإطلاق أن في نفسي غدرا وشهوانية إجرامية تنتظر من يستخدمها. كان يعرف أنني لن أصرخ حين اعتصر نهدي ، وكان يعرف أنني لن أبلغ أمي، والآن يعرف أنني لن أحكي هذه المحادثة لفيرن، وإنما سأتجسس عليها كما طلب مني. أمن الممكن أن يكون قد وضع يده على حقيقة ذاتي؟ كانت تلك هي ذاتي الحقيقية حتى إنني قضيت وقت المدرسة الممل أعمل بمنقلتي وفرجاري، وأكتب جملا لاتينية مثل [بعد أن أقام فرسن جتريكس معسكره، وذبح خيول العدو بطرق خفية، استعد لخوض غمار معركة في اليوم التالي] وكنت أعي تماما انحلالي الذي بدا يانعا كالقمح في فصل الربيع، وكان جسدي ينبض بكدمات غير مرئية في الأماكن التي لمسها. بعد إحدى مباريات الكرة الطائرة، كنت أرتدي ثوبا فضفاضا أزرق اللون وأغتسل بصابون قادر على أن يسلخ جلدي، نظرت إلى صورتي في المرآة الموجودة في حمام الفتيات وابتسمت ابتسامة خفية لوجهي المتورد، ودارت بخلدي أفكار عن الفسوق الذي جررت إليه، والخداع الذي صرت قادرة عليه.
وفي صباح يوم السبت دخلت إلى حجرة فيرن عندما خرجت أمي لتقوم ببعض أعمال التنظيف في المزرعة. تطلعت إلى الغرفة من حولي بتمهل؛ إلى دب الكوالا الجالس على وسادتها، إلى مسحوق بودرة التجميل المسكوب على طاولة الزينة، إلى البرطمانات التي بها قليل من مزيل رائحة عرق كاد يجف، ومرهم، وكريم ليلي، وأحمر شفاه قديم، وطلاء أظافر ملتصق بغطائه، وصورة لسيدة ترتدي فستانا ذا طبقات متدلية تبدو كمجموعة من الأوشحة المرتبة - على الأرجح والدة فيرن - تحمل طفلا بدينا يرتدي زيا صوفيا، إنها فيرن على الأرجح. ثم صورة لفيرن وهي ترتدي أكماما على شكل فراشات وتحمل باقة ورد وخصلات شعرها ملتفة في طبقات فوق رأسها. وكانت هناك صور صغيرة ذات حواف مثنية مثبتة حول المرآة، كانت صورا للسيد تشامبرلين وهو يرتدي قبعة مدببة من القش وسروالا أبيض، وكان ينظر إلى الكاميرا نظرة كما لو أنه يعرف أكثر منها، وصورة أخرى لفيرن وكانت بدينة لكن ليست إلى الحد الذي هي عليه الآن، ترتدي سروالا قصيرا وتجلس على جذع خشبي في إحدى الغابات المخصصة لقضاء الإجازات. ثم صورة للسيد تشامبرلين وفيرن متأنقين - وكانت فيرن تضع سوارا من الزهور - وكانت الصورة قد التقطت بعدسة مصور شوارع في مدينة غريبة، وكانا يسيران تحت ظلة دار سينما تعرض فيلم «رفعت المرساة». ثم صورة لنزهة لموظفي مكتب البريد في منتزه تابرتون في يوم غائم، وكانت فيرن ترتدي بنطالا فضفاضا وتمسك بيدها بمرح مضرب بيسبول.
لكنني لم أجد أي خطابات، فتشت أدراجها وأرفف خزانتها وتحت سريرها وحتى داخل حقائب ملابسها؛ فوجدت ثلاث حزم من الورق ملفوفة بشرائط مطاطة.
واحدة من تلك الحزم كانت تحتوي على خطاب من ذاك النوع الذي يطلب من متلقيه كتابة العديد والعديد من النسخ لإرسالها لكثير من الأشخاص، وعدد هائل من النسخ التي تحتوي على النص نفسه الموجود في ذلك الخطاب مكتوبة بأقلام رصاص وأقلام حبر، وبخطوط يد مختلفة، وبعضها مكتوب على الآلة الكاتبة وبعضها منسوخ.
Bilinmeyen sayfa