وفي الأمة مع ذلك أدباء، وفي الأمة كتاب وشعراء، وفي الأمة ناشئة غافلة وما تزال ترجو الخلود في الأدب ...
وفي الأمة عقول ناضجة في أجسام مهزولة من الفقر والجوع، وفي الأمة رءوس ممتلئة على أناسي تضطرب كل مضطرب للبحث عن القوت.
وفي الأمة رءوس فارغة على أجسام تكاد تتمزق شبعا وريا، وفي الأمة قلوب خاوية في أناسي تتمرغ بين وسائد الدمقس وحشايا الحرير ...
وفي الأمة مع ذلك من يتساءل مدهوشا: «لماذا ... لماذا لا نجد في الأمة العربية شعراء وكتابا ومنئشين كبعض من نقرأ لهم من أدباء الغربيين ...؟»
يرحمك الله يا مصطفى ... بل يرحمك الله أيتها الأمة!
الخاتمة
مات الرافعي فانطوت صفحة من تاريخ الأدب في مصر، وانقرض جيل من أدباء العربية كان له مذهب ومنهاج، ولكن الرافعي الذي مات وغيبته الصفائح قد خلف وراءه تراثا من الذكريات والآثار الفنية ستتعاقب أجيال قبل أن يفرغ الأدباء من دراستها والحديث عنها، وإنها لذكريات تثير في كل نفس ما تثير من عوامل الكره أو المحبة، وإنها لآثار ...
أما هذه الذكريات، على ما تبعث في نفوس من معاني الغضب أو معاني الرضا، فقد أثبت منها في هذه الفصول ما قدرت عليه، وليس يعنيني ما تترك من أثر في نفس قارئها؛ إذ كانت غايتي التي أحرص عليها هي جلاء هذا التاريخ لقراء العربية كما أجد صورته في نفسي وأثره في وجداني، متجردا ما استطعت من غلبة الهوى وسلطان العاطفة وتحكم الرأي، لأضع بين يدي كل قارئ - اليوم أو غدا - المادة التي تعينه على الدرس والحكم والموازنة.
وأما آثاره الأدبية فقد فصلت الحديث عن بعضها في بعض ما سبق من هذه الفصول، وإلى القارئ جملتها مرتبة على تاريخ إنشائها: (1)
ديوان الرافعي: ثلاثة أجزاء، صدرت بين سنتي 1903 و1906، وقدم لكل جزء منها بمقدمة في معاني الشعر تدل على مذهبه ونهجه، وهي مذيلة بشرح ينسب إلى أخيه المرحوم محمد كامل الرافعي وهو من إنشاء المترجم نفسه. (2)
Bilinmeyen sayfa