Mesih'in Hayatı
حياة المسيح: في التاريخ وكشوف العصر الحديث
Türler
3
ولا خلاف في تكرار العدد «اثني عشر» في كثير من الديانات، ولكن تكراره هذا لا يستلزم أن يكون كل معدود به خرافة أو أسطورة غير تاريخية، وقد كان خليقا بأصحاب المقارنات والمقابلات أن يذكروا هذه الحقيقة بصفة خاصة، إذ أقرب المؤرخين إليهم سوتنيوس صاحب تاريخ «القياصرة الاثني عشر»، وكلهم من «الشخصيات التاريخية».
وفي تاريخ الإسلام تفصيل مذهب الشيعة الإمامية، وهم يدينون بالولاء لاثني عشر إماما معروفين بأسمائهم، ليس منهم من يمكن أن يقال فيه إنه «شخصية غير تاريخية».
على أن النقاد الذين شكوا في وجود السيد المسيح قد شكوا كذلك في وجود يوشع بن نون، وظنوا فيه كما ظنوا في السيد المسيح أنه رمز من رموز العبادات الشمسية؛ لأنه يسير الشمس ويوقفها عن مسيرها، ولم يصل إلى علم هؤلاء النقاد أن اسم يوشع بن نون وجد منقوشا على حجر عند «نوميديا» بشمال إفريقية، حيث أقام الفينيقيون مستعمرتهم «قارة حداشة»، التي عرفت فيما بعد باسم قرطاجة، وعلى ذلك الحجر الذي كشف (سنة 540 ميلادية) كتابة بالفينيقية، يقول كاتبوها: «إننا خرجنا من ديارنا؛ لننجو بأنفسنا من قاطع الطريق يوشع بن نون.»
4
وليس كاتبو هذا الكلام عن النبي الإسرائيلي ممن يتهمون بالحرص على إثبات وجوده، ونفي الشبهات عن سيرته وتاريخه.
وقد تعب أصحاب المقارنات والمقابلات كثيرا في اصطياد المشابهات من هنا وهناك، ولم يكلفوا أنفسهم جهدا قط فيما هو أولى بالجهد والاجتهاد، وهو استخدام المقارنات والمقابلات لإثبات سابقة واحدة مطابقة لما يفرضونه عن نشأة المسيحية، فمتى حدث في تاريخ الأديان أن أشتاتا مبعثرة من الشعائر والمراسم تلفق نفسها، وتخرج في صورة مذهب مستقل دون أن يعرف أحد كيف تلفقت وكيف انفصلت كل منها عن عبادتها الأولى؟ ومن هو صاحب الرغبة أو صاحب المصلحة في هذه الدعوة؟ وأي شاهد على وجوده في تواريخ الدعاة المعاصرين لسنة الميلاد؟ وكيف برز هذا العامل التاريخي الديني الخطير على حين فجأة قبل أن ينقضي جيل واحد؟ ولماذا كان يخفي مصادر الشعائر والمراسم الأولى، ولا يعلنها إلا منسوبة للسيد المسيح؟
إن استخدام المقارنات والمقابلات في تحقيق هذه المسابقة أولى بمؤرخي الأديان من كل ما جمعوه أو فرقوه؛ لينتهوا به إلى فرض منقطع النظير. •••
على أن صناعة النقد التاريخي تتهم نفسها بالعجز البالغ، إذا لم تستطع أن تعتمد على الكلام المروي في تقرير «شخصية القائل» وتحقيق مكانه من التاريخ، وبين أيدينا كلام السيد المسيح كما روته الأناجيل ينبئنا في هذه الناحية عن كثير.
فمهما يكن من فصل القول في استقلال كل إنجيل أو اعتماد بعضها على بعض، فهناك علامات واضحة لا يمكن أن يقصدها كتاب الأناجيل؛ لأنها علامات نفهمها الآن وفاقا لما درسناه من تطور الدعوة المسيحية، ولم يكن لها محل في رءوس الرواة المشاهدين أو الناقلين.
Bilinmeyen sayfa