Mesih'in Hayatı
حياة المسيح: في التاريخ وكشوف العصر الحديث
Türler
وربما كان اتفاق الوقت بين ضجة الترجمة المنقحة، وضجة اللفائف المستخرجة من وادي القمران، مع تكرار الكلام عن كتاب أشعيا في كلتا الضجتين؛ هو الذي أوحى إلينا أن ننتظر ما وراء ضجة الترجمة كما أوحى إلينا أن ننتظر ما وراء ضجة اللفائف المكشوفة، فقد يكون هنالك من النصوص والأسانيد ما يوجب إعادة النظر في كتابة «حياة المسيح»، ولولا هذا التقدير لما كان الخلاف على تفسير البتولة وحده موجبا للانتظار إلى ما بعد فراغ القول منه، إذ كانت أوجه الخلاف جميعا في هذه المسألة معروفة من زمن قديم، وكانت من المسائل التي كان في وسعنا أن نتتبعها في مصادرها قبل الكتابة عن السيد المسيح.
إلا أننا نسأل الآن بعد خمس سنوات: هل كان مما يريح الضمير أن نمضي في إصدار الكتاب مرة أخرى، قبل أن نطلع على الكتب الجديدة التي كانت تتعاقب في اللغات الغربية، كتابا بعد كتاب عن السيد المسيح ورسالته، ونظرات المحدثين إلى هذه الرسالة في زمانها وفيما أعقبه من الأزمنة؟
إننا تمهلنا قبل خمس سنوات في إصدار الطبعة الحاضرة؛ لأننا اعتقدنا أن تنقيح الترجمة قد يعود إلى أسباب توجب المراجعة وإعادة النظر، ولكننا نسأل اليوم: ترى لو أننا علمنا يومئذ محور الضجة على الترجمة، وعلمنا أنها موضوع معاد في قضية معروفة؛ هل كنا نستخف من أجل ذلك بالفيض المتدفق من الكتب والرسائل التي كتبها أصحابها في موضوع كموضوعنا، ومن وجهة نظر تعنينا، أيا كان شأنها من الموافقة، أو المخالفة لوجهة نظرنا؟
نحسب أن اشتغالنا بالاطلاع على طائفة من تلك الكتب كانت سببا كافيا لتعليق النظر كي نصدر الكتاب على الأقل مطمئنين إلى عاقبة هذه الأناة، فإن غير الاطلاع على الكتب الجديدة آراءنا في موضع من مواضع الكتاب، فتلك فائدة جديرة بالانتظار، وإن اطلعنا على الكتب الجديدة، ولم تتغير نظرتنا، فتلك طمأنينة نحمدها، وما ضيعنا شيئا بهذه الأناة.
وأيسر ما نقوله الآن عن الكتب الجديدة، إن الاطلاع عليها كان متعة من متع القراءة، ترضينا قارئين قبل أن ترضينا مؤلفين، وقد كان فيها السمين والغث، والمتفوق والمتخلف، كما يكون في كل تأليف، ولكننا خلقاء أن نحمد حظنا ما استوفيناه منها؛ لأن الغث منها كان من قبيل المقروءات التي تنكشف غثاثتها للمتصفح بعد الإلمام بسطور هنا وسطور هناك، وأما السمين منها فقد كان كافيا في موضوعه، كما كان مكافئا لما ينفقه القارئ من الوقت والجهد فيه.
ونستطيع أن نسلك هذه الكتب القيمة في بابين واسعين: باب التأمل وما إليه من النظر الفلسفي والخواطر الوجدانية، وباب النقد التاريخي والتحليل العلمي على قواعد المقابلة بين الأديان.
ويلذ القارئ ولا ريب أن يعلم رأي الفيلسوف العصري في المقابلة بين تعاليم المسيح وتعاليم نيتشه في العصر الحاضر، أو يعلم رأيه في المقابلة بين تعاليم المسيح وتعاليم كارل ماركس وأصحابه الماديين، أو يعلم وجوه المشابهة ووجوه المناقضة بين خطة المسيح في الإصلاح الإنساني وخطط الساسة ودعاة الاجتماع في القرون الحديثة، أو يعلم بلاغة الكلمات المسيحية حين تقترن بكلمات البلغاء من أصحاب الكلم الجامع والحكمة المأثورة، فهذه وأشباهها هي مدار القول في كثير من تلك الكتب العصرية، يتفق أحيانا أن تدل عناوينها على أغراضها، ولكننا لا نعتقد أنها مما يقتضينا البحث في كتابنا هذا أن نبسطها أو نطويها موجزين، وقصارى ما نقوله عنها أنها أشبه بالصور المتعددة للوجه الواحد في لوحات كثيرة، ليست محل تلخيص ولكنها محل استزادة لمن شاء.
أما الكتب التي نسلكها في باب النقد التاريخي والتحليل العلمي، ففيها حقا ما يهتم به الباحث في تاريخ الرسالة المسيحية وفيها - ولا مراء - بحوث جديرة بطول التأمل، وإنعام النظر، ومواجهة الموضوع كله في نطاقه الواسع من جميع جهاته، وليس في استطاعة أحد أن يواجه هذا الأفق الواسع ما لم يكن على استعداد له بكل عدته من المراجع والأسانيد.
ومن الإطالة على غير طائل أن نسرد هنا أسماء المؤلفات والمؤلفين في هذه البحوث النقدية، فإننا - بعد ما وقفنا عليه منها - نرى أن القارئ لا يفوته شيء من جوهرها إذا اطلع منها على كتابين اثنين يحويان جملة المناقضات والأقاويل التي تتعرض للقبول أو الرفض في هذه البحوث، ونعني بها كتاب
1 «الجانب الآخر من القصة» تأليف روبرت فيرنو، وكتاب
Bilinmeyen sayfa