لما كانت الكواكب أجساما طبيعية وجب أن يكون كل واحد منها إنما يصح أن يتحرك بذاته حركة واحدة طبيعية ولما كانت الكواكب من جوهر بسيط واجب أن يكون حركاتها مستوية متشابهة الحال كل واحد منها لا يختلف حركته ولما كان المتحرك بذاته المنتقل من مكان إلى غيره يفرع مكانا ويملأ غيره لم يخل من أحد أمرين أما أن يخلو مكانه الذي كان فيه أو يملأه جسم آخر من الأجسام المحيطة به وليس يمكن أن يخلو مكانه فإن تبدلت الأجسام على الأمكنة التي تمر بها لزم من ذلك أن ينخرق الجسم أو الأجسام التى تتحرك فيها ولما كان جسم السماء من طبيعة لا يقبل الانفعال بطل أن يكون شيء من الكواكب يتحرك على هذا الوجه فليس يبقى لحركتها وجه سوى أن يكون لكل واحد منها جسم مستدير يتحرك على نفسه حركة مستديرة يكون جرم الكوكب ثابتا في موضع من ذلك الجسم فيتحرك الكوكب بحركته ولا يحتاج هو ولا الجسم المحرك له إلى مكان أكثر من المكان الذي هما فيه ولما كان كل واحد منها يوجد له حركات مختلفة وليس يصح أن يكون لذاته أكثر من حركة واحدة مستوية لزم من ذلك أن يكون لكل واحد منها محركات هي منقادة لها وتابعة لحركاتها كل واحد منها يحركها نوعا من تلك الحركات فمن أجل ذلك لزم أن يكون لكل واحد منها أو لبعضها أجسام أكثر من واحد تتحرك على أنفسها ولا تحتاج إلى مكان أكثر من مكانها وتتحرك بحركتها الكواكب المتصلة بها فمن أجل جميع ذلك وجب أن يكون للكواكب أكر كثيرة محيطة بعضها ببعض ولكل واحدة منها حركة تخصها على قطبين ثابتين لها ومحور ثابت تتحرك عليه ولا تحتاج إلى أكثر من مكانها.
فصل آخر: المقدمات التي عليها ينبني تركيب أفلاك الكواكب وجميع الأجسام المتحركة حول العالم أربع: إحداها إن الجسم الطبيعي لا يتحرك بذاته حركة طبيعية أكثر من حركة واحدة؛ والثانية إن الجسم الطبيعي لا يتحرك حركة مختلفة أعني إنه أبدا يقطع في الاستدارة في الأزمنة المتساوية مسافات متساوية؛ والثالثة إن جسم السمآء جسم لا يقبل الانفعال؛ والرابعة إن الخلاء ليس بموجود.
Sayfa 67